18 ديسمبر، 2024 5:14 م

مغنية العرب لا تطرب

مغنية العرب لا تطرب

من أغرب الغرائب في عالمنا اليوم أن تهز صورة واحدة لطفل واحد مسكين غرق في البحر ضمير العالم كله سواء أكان غربيا ام عربيا فيما لم تهز صور كثيرة لأطفال اليمن الذين شوهت صواريخ وقذائف الغزاة العرب أجسادهم البريئة ولو شعرة واحدة في ضمير العالم ، لليوم لا زالت بطولات الشعب الفيتنامي الشجاع تضرب بها الامثال وتتخذ لدى الكثير من الشعوب مثالا يحتذى به في الصبر ومقارعة المستكبرين والمحتلين وقوى الاستكبار العالمي ، ولكن التاريخ قدم لنا كذلك نماذج أخرى عن شعوب قدمت أروع صور البطولات والتضحيات في مقارعة الانظمة المستبدة و قوى الاستكبار
العالمي وعلى رأسها الولايات المتحدة وأذنبابها ، ولعل تاريخ أمتنا الاسلامية يزخر بالكثير من هذه الامثلة عن هكذا تجارب من الشعب العراقي الذي قاوم المحتلين الاميركان والشعب اللبناني الذي قاوم الصهاينة وغيرهما الكثير مما لا يتسع المجال لذكره هنا ، ولعل أحد أكثر الامثلة وضوحا وشبها بالتجربة الفيتنامية هو ما يحدث اليوم للشعب اليمني المسلم ، هذا الشعب الذي تكالبت عليه قوى الشر والرجعية و دول الخيانة والعمالة لتعصف به أعتى رياح الغدر وكأنه قد جنى ما ليس يغتفر ، ولم يكن هنالك من ذنب قد جناه هذا الشعب الشجاع البطل إلا أنه أراد أن يتحرر
من ربقة الهيمنة السعودية والتي أرادت أن تظل مسيطرة على مقدراته وأن تظل مهيمنة على أرادة هذا الشعب الباسل ولكن هيهات أن يصبح شعب حر تحت هيمنة من لا يملك حريته أصلا ، فكيف لدول العبودية التي لا تملك أرادة نفسها ولا زال الغرب مهيمنا عليها أن تحكم اليمن وأبناء اليمن ، فلم يكن هنالك من حل الا النهوض ، فنهض وأنتفض هذا الشعب ضد نظامه ، ثم كان ما كان من حوادث يعرفها الجميع حتى أعلنت السعودية وبرعاية غربية عن بدء عدوانها على جارها الشعب العربي المسلم الأعزل الذي لم يكن له شعار يحب أن يردده ويتغني به طوال الوقت الا شعار ( الموت لامريكا الموت
لاسرائيل .. ) ، ولأن ممالك ودول الخليج وأماراته النفطية لا تفقه شيئا من التاريخ فأنها لم تعرف بأن شعب مؤمن ذو أرادة حرة وعزيمة كبيرة لا يمكن أن يخضع لهيمنة أحتلال أجنبي يريد أن يجعل أبناء هذا الشعب عبيدا له ، فألتف الشعب حول الشرفاء في البلد وعلى رأسهم حركة أنصار الله المقاومة وحتى بعض القوى ممن لم يكونوا على أتفاق تام معهم فحينما يتعرض الوطن لخطر خارجي تذوب كل الخلافات وتظهر المعادن الحقيقية للرجال ، وعلى الرغم من خيانة البعض وتعاملهم جهارا مع القوى الغاشمة والغادرة الا أن المقاومة العنيفة التي قام بها شعب اليمن قد أستمرت وفي
كافة الجبهات ، والاكثر من هذا فأن هذه المقاومة حققت أنجازا كبيرا عندما نقلت الحرب الى أرض العدو نفسه ، ولكن كل ما حدث لم يكن ليشكل فرقا من خلال العمليات الصغرى التي قام بها الابطال الا أن عملية مأرب والتي راح ضحيتها العشرات من جنود الاحتلال قد شكلت صدمة حقيقية للغزاة وجعلتهم يدركون بأنها ليست نزهة تستطيع من خلالها أن تقتل عشرات المدنييين بكبسة زر واحدة وتبتسم وأنت جالس في مكان بعيد عن أي خطر بل أن النيران المقاومين يمكن أن تحرقك قبل أن يحرقك الله في ناره ، وعلى الرغم من الانتقام الاهوج الذي قام بها الغزاة وقيامهم بألقاء القنابل
المختلفة وحتى المحضورة دوليا على المدن الامنة الا أن ذلك لم يثني الشعب اليمني عن مواصلة صموده رغم التضحيات الجسام التي قدمها في سبيل نيل حريته وأستقلاله وسيجيء اليوم الذي تضرب به الامثال في بطولات أبناء هذا الشعب الكرام وتضحياتهم الجسام وتصبح أرواح أطفال اليمن الذين أستشهدوا علامة مضيئة في سجل التاريخ الكبير .