29 ديسمبر، 2024 2:09 ص

في العصر الطبيعي كانت البشرية تعيش في حرب البعض ضد البعض ، ولهذا كان الانسان في قلق وخوف دائميين .
ومن اجل الخلاص من ذلك ، توصل الى فكرة تكوين المجتمع والدولة ، حيث قام الاول على منظومة ثقافية مثلها الرأسمال الاخلاقي المتمثل بالمحبة والسلام والامان والتفاهم وعدم الاعتداء اوالاستباحة اوالقتل اوالسرقة وشيوع العدالة وما الى ذلك من قيم اخلاقية وسلوكية تحفظ الفرد وممتلكاته .
بينما تأسست الثانية على مباديء حماية الافراد ورعايتهم وسياستهم مقابل انصياعهم لاوامرها والتنازل عن بعض من حريتهم والتزامهم بالتعاليم والقوانين التي تفرضها عليهم .
وباختصار ، فقد دخل الناس تحت جنح الدولة وفي حلقة المجتمع من اجل ادامة بقائهم واستمرارهم وعيشهم بأطمان واطمئنان على امتداد فترة وجودهم في هذه الارض.
لكن عصور الصراعات السابقة بين بعضهم البعض ومع عوامل الطبيعة القاسية والكائنات المتوحشة خلقت صفات العنف والقسوة والضراوة في دواخلهم الى الحد التي تحولت الى جزء من صفات البشر السايكولوجية المتوارثة عبر الاجيال حسب مايؤكد عالم النفس كارل غوستاف يونغ .
هذه الصفات المدمرة اصبحت تغذى مع مرور الزمن من قبل مصادر خارجية تأتي في مقدمتها المصادر الايديولوجية والعقائدية التي تتوسل العنف كأسلوب لها لبلوغ غاياتها الخاصة ، لذلك استمر الانسان على حالته الاولى العائدة الى الفترة الطبيعية وتواصل سلوكه القاسي ضد بعضه رغم كل اشكال التطور الحضارية التي طرأت على حياته .
ان متابعة تاريخ البشرية والتمعن في احواله عبر الحقب الزمنية المختلفة وفي كافة بقاع الارض يقود الى قناعة جلية بأن مايحصل اليوم من ممارسات وحشية لاتعد حالة شاذة او طارئة على السلوك الانساني المتسم بالاجرام .
أنما الشاذ في الامر هو السماح لمغذيات العنف بالشيوع والانتشار داخل المجتمعات انطلاقا من قناعات أجرامية تستخدمها السلطات السياسية والدينية المتحكمة بالدول والمهيمنة على عقول افراد المجتمعات من اجل تنفيذ مخططاتها الخاصة وفرض هيمنتها وديمومة بقائهاخصوصا في البلدان ذوات ذوات الانظمة الاوتوقراطية والشمولية وحتى تلك التي تشيع فيها الديمقراطية الشكلية الهشة .