18 ديسمبر، 2024 11:03 م

مغادرة لغة الحرب.. نقطة راس سطر

مغادرة لغة الحرب.. نقطة راس سطر

الحرب؛ دماء تسيل وأرواح تزهق ومدن تدمر بالكامل الرابح فيها خسران، لما تخلفه من أثار سلبية ليس بالجانب المادي فقط وانما المعنوي ستبقى ذكراها عالقاً في الاذهان.
لنستعرض الحروب التي حدثت في القرن العشرين، والتي دارت بين الدول العظمى في الحربين العالميتين، واطماع هتلر في السيطرة على العالم والنظر الى صور الدمار الذي عم تلك البلدان التي يشيب فيها الصغير لهول المعارك، كانت من اسباب اندلاع المعارك، نزوات قادة ذهب ضحية تلك الحروب الكثير من مواطني تلك البلدان الكبيرة، البعض منها تم ازالتها بالكامل.. اوروبا على وجه التحديد خاضت حروب دموية لعقود من الزمن احترق فيها الاخضر واليابس، دفع المواطن الثمن باهظا،ً لا يمكن وصف اثار الدمار الذي عم أوروبا.
بعد كل تلك الحروب الدموية انتبه الاوربيون لأنفسهم، وتسألوا ماذا كسبنا من تلك المعارك؟ التي لم تترك خلفها سوى مناظر بشعة، اعداد من القتلة والجرحى يقدر بالملايين بالاضافة الى عشرات الآلآف من المشردين والمفقودين، قرروا حينها الإتجاه نحو الاعمار والبناء وطي صفحة الماضي والتطلع لغدٍ مشرق نحو افاق مستقبلية، اوروبا اليوم ليس كالسابق، غادروا لغة الحروب والثورات، اتجهوا نحو الثورة الصناعية التي اجتاحت العالم بأسره، العالم الآن مدين لها لما قدمت من خدمات جلية لاتقدر بثمن للإنسانية على جميع المستويات.

خاض العراق حروباً داخلية وخارجية لعقود من الزمن، لم يستقر فيه النظام السياسي في كِلا النظامين الملكي والجمهوري، بل ازداد الوضع اكثر تعقيداً ودمويتاً في النظام الجمهوري، بين الشيوعيين والقوميين والبعثيين، إلى ان وصل حزب البعث للحكم، ادخل البلاد في حروب داخلية وخارجية، بدأ بتصفية الخصوم من داخل الحزب وتوجه للحركات الاسلامية وكل مناهضي البعث وكانت في مقدمتها حوزة النجف الاشرف وعلمائها وطلبتها، عمد على قتل وسجن وتهجير الاسر بدواعي واهية كالتبعية، لم يكتفي بهذا انما ادخل البلاد بحرب ثمان سنوات خلفت رماداً وآنيناً للارامل واليتامى والثكالى، هذه واحدة من نزواته، اعقبها بغزو الكويت، لم يكتفي بهذا بعد فرض العقوبات الاقتصادية على الشعب العراقي بسبب سياسته العدائية ختمها بالاحتلال الامريكي للبلاد.
تعرض العراق بعد حرب 2003 الى هجمة شرسة من التنظيمات الارهابية والجهات السياسية الداعمة له على مدار عقد ونصف ارجعت العراق لعقود من الزمن إلى الوراء، إضافةً الى الفساد المالي والإداري الذي لايقل خطورة عن العمليات الإرهابية الذي يمثل عائقاً في عملية البناء.

حان موعد مغادرة لغة الحرب بعد كل تلك العقود الطويلة من الحُقب المظلمة التي خيمت على اجواء العراق، والاتجاه نحو البناء والإعمار لبلد انهكته الحروب، مغادرة لغة البندقية والزي العسكري وارتداء زي البناء، مغادرة صفحة الماضي الأليمة لتمسح دموع اليتامى بمستقبل واعد للاجيال القادمة، في عراقٍ يسوده الأمن والأزدهار والأستقرار في نظامٍ سياسي يكفل حقوق الفرد والمجتمع.