23 ديسمبر، 2024 11:27 ص

منذ أن وجدت البشرية على هذه الأرض ، ومعادلة الحق والباطل ، والخير والشر قائمة ، تتجسد في حركة الإنسان وأفكاره ونوازعه وطموحاته ، وتتبلور هذه المعادلة بصورة أكثر وضوحا ، عندما تأخذ هذه الأفكار والنوازع مجالا أوسع وتتحول إلى نمطية تفكير وعقيدة سلوكية لمجموعة من الناس أو لأمة كاملة ، لذلك نجد في كل الصراعات الفكرية والسياسية والعسكرية عبر التاريخ ، إن هنالك خندقين لا ثالث بينهما ، وهما خندق الحق وخندق الباطل ، وينسحب هذا المفهوم حتى على من يعتنقون إيديولوجية  واحدة وعقيدة مشتركة ضمن إطار الدين الواحد والطائفة الواحدة ، والحزب الواحد ، وقد يحصل هذا الفرز في الخنادق والتقاطع في الرؤى فيما بينهم ، بسبب فهم كل منهم للنظرية بطريقته الخاصة الخاضعة لثوابت الحق والباطل أو حسب أهوائه ورغباته ، لذلك نوهت السماء على مثل هكذا نوع من الصراعات بقوله تعالى في سورة الحجرات ..(وإذ طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فان بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله )… يخوض أبطال قواتنا المسلحة ورجال الحشد الشعبي والمقاومة الإسلامية البواسل منذ أشهر طويلة حربا استنزافية مع اعتى قوى الشر والظلام في تاريخ الإنسانية الحديث المتمثل بداعش وحلفائها هذه الفئة الضالة الخارجة عن الدين وكل الأعراف الإنسانية ، ووصلت هذه الحرب ذروتها في عمليات تحرير محافظة صلاح الدين ، وما سطره ويسطره أبنائنا من بطولات وانتصارات أبهرت العدو قبل الصديق ، وفاجأت العالم بقوة الإرادة العراقية على إلحاق الهزيمة بالإرهاب بهذه الفترة الزمنية القصيرة ، والتي أسقطت كل الرهانات والتوقيتات التي وضعتها أميركا ومن ورائها الغرب ، لإنهاء أسطورة داعش من على ارض العراق.
 وان هذه الحرب الشرسة تتطلب من كل العراقيين الوحدة ورص الصفوف على اختلاف أديانهم ومذاهبهم وقومياتهم ، بوجه هذا العدو المتخلف ألظلامي … لكن الواقع يقول خلاف ذلك فالكثير من سياسينا ومثقفينا يقفون على الحياد أو يضعون قدما هنا وقدم هناك ، و ارتأى بعضهم أن يلتزم الصمت ويبتعد عن وسائل الإعلام في الوقت الحاضر ، لكي لا يحسب عليه ما سيقوله سلبا أو إيجابا اتجاه هذه المواجهة المصيرية والمفصلية التي تمس وجود بلده  ، وهناك بعض القنوات الفضائية التي تدعي بأنها عراقية وطنية ، نحت منحى تحريضي استفزازي هدفها النيل من أبناء قواتنا المسلحة والحشد الشعبي ببثها الأخبار الكاذبة التي تحرض على إثارة الفتنة والتناحر ، وتثبيط الهمم وعرقلة تقدمهم لتحرير الأراضي العراقية المغتصبة من أيدي داعش وأعوانها ، فإلى كل المترددين والمجاملين والمتصيدين في الماء العكر نقول ، مع من انتم اليوم …؟

 العراق الآن يعيش حالة فرز للخنادق واضحة المعالم والتوجهات وان هناك خندقين يتصارعان لا ثالث بينهما ، الأول خندق الحق والحرية المتمثل بقواتنا المسلحة ورجال الحشد الشعبي والمقاومة الإسلامية ومن خلفهم الأعم الأغلب من الشعب العراقي ، والأخر خندق الباطل والضلال المتمثل بداعش وحلفائها  ،  وان عملية الجلوس على التل وانتظار ما ستؤول إليه الأمور لتحديد مواقفكم هو خيار فاشل وغير مجدي ،لان داعش لا تحمل في ثناياها أي مشروع سياسي لكم كي تقفزوا  عليه وتركبون موجته إذا ما انتصرت في هذه المواجهة لاسامح الله  ، وان ركب النصر والحرية قد سار بمباركة السماء وكل الخيرين في العالم  ، ولن توقفه أو تربكه مجاملاتكم أو ترددكم أو طائفيتكم ،  وللقنوات الصفراء ، قالت العرب قديما ( الكلاب تعوي والقافلة تسير ).