المصطلح القرآني «الذين آمنوا» بمعنى (المسلمين)
من أجل توضيح ما أذهب إليه، لا بد من عرض الآيات ذات العلاقة. وسأقتصر هنا على تلك الآيات التي يرد فيها مصطلح «الذين آمنوا»، مما يفهم منها على الفور، وبدون الحاجة لقرينة، لا متصلة، ولا منفصلة، بأن المصطلح ما هو إلا تسمية قرآنية للمسلمين، مع الاقتصار على تعليق أو شرح موجز.
«إِنَّ الَّذينَ آمَنوا وَالَّذينَ هادوا وَالنَّصارى وَالصّابِئينَ مَن آمَنَ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَعَمِلَ صالحاً فَلَهُم أَجرُهُم عِندَ رَبِّهِم وَلا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنونَ». (62/البقرة 2)
هنا يجري الكلام عن أربع فرق دينية: 1) «الذين آمنوا» [المسلمون كما سيتضح]، 2) «الذين هادوا» [اليهود]، 3) «النصارى» [المسيحيون]، 4) «الصابئون» [الصابئة]. إذن «الذين آمنوا» ليس عنوانا شاملا لكل هذه الفرق، بل هو عنوان خاص للمسلمين. ولو قصد به عنوانا عاما، لكانت العبارة «إِنَّ الَّذينَ آمَنوا مِنَ المُسلِمينَ والَّذينَ هادوا وَالنَّصارى وَالصّابِئينَ …»، أو أي عبارة تدل على المسلمين مثل «الذين اتبعوا النبي»، أو «الذين آمنو بهذا القرآن»، أو «الذين أسلموا» [لا المعنى العرفاني للإسلام الذي هو أشمل من المعنى الديني، أو الفقهي، وأعلى درجة منه، بل المعنى الفقهي، الذي يشمل كل من نطق بالشهادتين، صادقا، أو منافقا، أو عاملا بالتقية، متعمقا، أو تابعا مقلدا].
«إِنَّ الَّذينَ آمَنوا وَالَّذينَ هادوا وَالصّابِئونَ وَالنَّصارى مَن آمَنَ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَعَمِلَ صالحاً فَلا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنونَ». (69/المائدة 5)
وهنا أيضا يجري الكلام عن ذات الفرق الأربع وبترتيب آخر: 1) «الذين آمنوا»، 2) «الذين هادوا»، 3) «الصابئون» [(بخطأ نحوي)، حيث جاءت مرفوعة، بينما يجب نصبها لكونها اسما لـ (إنَّ) أو معطوفة على اسمها] 4). «النصارى».
«إِنَّ الَّذينَ آمَنوا وَالَّذينَ هادوا وَالصّابِئينَ وَالنَّصارى وَالمَجوسَ وَالَّذينَ أَشرَكوا إِنَّ اللهَ يَفصِلُ بَينَهُم يَومَ القيامَةِ، إِنَّ اللهَ على كُلِّ شَيءٍ شَهيدٌ.» (17/الحج 22)
وهنا يجري الكلام عن ست فرق دينية [أو بحسب علاقة كل منها بالدين والإيمان]: 1) «الذين آمنوا»، 2) «الذين هادوا»، 3) «الصابئون»، 4) «النصارى»، 5) «المجوس»، 6) «الذين أشركوا». أيضا هنا واضح [من خلال هذا السرد والتعداد] أن مصطلح «الذين آمنوا» يعني (المسلمين).
«يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا تَتَّخِذُوا اليَهودَ وَالنَّصارى أَولِياءَ، بَعضُهُم أَولِياءُ بَعضٍ، وَّمَن يَّتَوَلَّهُم مِّنكُم فَإِنَّهُ مِنهُم، إِنَّ اللهَ لا يَهدِي القَومَ الظّالِمينَ». (51/المائدة 5)
كذلك هنا تمييز واضح بين «الذين آمنوا»، أي المسلمين من جهة، وفرقتين دينيتين كتابيتين من جهة أخرى، هما «اليهود» و«النصارى»، تُحرّم الآية على المسلمين اتخاذ أي منهما أولياء.
«لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النّاسِ عَداوَةً لِّلَّذينَ آمَنُوا اليَهودَ وَالَّذينَ أَشرَكوا، وَلَتَجِدَنَّ أَقرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذينَ آمَنُوا الَّذينَ قالوا إِنّا نَصارى، ذالِكَ بِأَنَّ مِنهُم قِسّيسينَ وَرُهباناً وَأَنَّهُم لا يَستَكبِرونَ». (82/المائدة 5)
وهنا حديث عن أربعة فرق هي: 1) «الذين آمنوا»، 2) «اليهود»، 3) «الذين أشركوا»، 4) «الذين قالوا إنا نصارى»، ثم يجري الحديث عن موقف كل من الفرق الثلاث من «الذين آمنوا»، أي من المسلمين، وتحديد «عداوة» أو «قرب» و«مودة» كل منها منهم، أي من المسلمين. إذن هذا شاهد آخر على اختصاص مصطلح «الذين آمنوا» قرآنيا بالمسلمين.