*عندما تقرر الوزارة زيادة تسعيرة الوحدة الكهربائية ( باي نسبة تكون ) تطلب من المواطن أن يدفع ( الفاتورة ) ( بطيب خاطر ورضا وقناعة !) ، لأن ظروف البلاد الاقتصادية الصعبة والتقشفية و( يتساوى فيها الجميع ! ) تفرض ذلك ، ولأنها تتعامل ( بمبدأ التجارة ) و( منطق السوق ) ، وينطبق على الكهرباء ما ينطبق على السلع الاخرى ، فهي اليوم سلعة في نظر( أصحاب الشأن ) ، ويكون التعامل معها على هذا الاساس ، بغض النظر عما صرف على الكهرباء في السنوات السابقة من مليارات الدولارات من ( المال العام ) للمواطن ، ومن ( ميزانيته الخاصة ) الكثير على المولدات الاهلية طيلة السنوات الماضية ، على حساب راحته ، وحاجات اساسية ، ولكن دون عائد مساويا لها ، لكي تنتقل الى الخطوة التالية بزيادة سعر الوحدة الكهربائية بحجة ترشيد الاستهلاك وظروف البلاد المعروفة ، ومع ذلك ليس امام المواطن غير أن ( يدفع ) بغض النظر عن رأيه فيها ، واعتراضه عليها ..
* وعندما يطالب المواطن بتحسين مستوى الخدمات الصحية والتربوية والبلدية وغيرها من الخدمات الاساسية ، وتنعم المدن بحياة هانئة دون معاناة بسبب غرق الاحياء والشوارع في مياه الامطار ، وتحولها الى برك من ماء وطين ، يأتي الجواب.. ان الظروف الاقتصادية ، وحالة التقشف ، تقف حائلا دون تحقيق تلك الطلبات ..
* وعندما تزداد البطالة ويكثر العاطلون ، وترتفع نسبة الفقر في البلاد الى معدلات كبيرة ، تكون الظروف الاقتصادية وسياسة التقشف وراء هذه الزيادة ..
* وعندما ( ينقص ) راتب الموظف ، والمتقاعد ( باي نسبة تكون ) جراء استقطاعات معينة ( يدفعها ) ، رغم تأثيرها على حياته ، ومستلزمات معيشة إسرته وحاجاتها ، وخاصة على شريحة المتقاعدين ، وهم الشريحة الاكبر ، يكون الظرف الاقتصادي ، وسياسة التقشف المالية مبررا لهذا الاجراء ..
* تلك حالات من بين اخرى عقب بها مواطنون على ما تناولته وسائل الاعلام عن زيادة راتب عضو البرلمان ، ويمكن ان تقيس عليها الكثير من الامور الاخرى التي ( تزداد ) فيها معاناة المواطن ، و( ينقص ) ما يجب ان يقدم اليه من خدمات وغيرها ..
* ولذلك …..
ينظر المواطن الى هذه الزيادة بهذا المعيار ( النقصان والزيادة ) .. وقد اثارت موجة كبيرة من الغضب ، وحزمة من التساؤلات لدى المواطنين .. ومنها على سبيل المثال … لماذا لا ينسحب الظرف الاقتصادي الصعب وسياسة التقشف على النائب ، فيزداد راتبه بحجة تحسين الراتب التقاعدي له ..؟ اليس هو ( ممثل ) المواطن ويفترض ان يكون قدوة أمامه في التضحية ، ويظهر أثرها الفاعل في مثل هذه الظروف ، لكي يكون ممثله حقا وحقيقة ، خاصة وانه يعرف أن ترشيحه لتمثيل الشعب في البرلمان ، ليس وظيفة ، لكي يأمل منها ان يحصل على مكاسب مادية ، وراتبا تقاعديا متميزا ، بل هو عمل اختياري برغبته ، وبزمن محدد باربع سنوات – مدة الدورة البرلمانية ..ويفترض ان يعود الى وضعه السابق ، ان لم يرشح لدورة برلمانية جديدة …
وهناك من المواطنين من تساءل …لماذا ينقص راتب الموظف المتقاعد بسبب الاستقطاعات بحجة الظرف الاقتصادي والتقشف ، بينما يزداد راتب النائب التقاعدي ، ليكون ميزة اخرى تضاف لما يتمتع به من حصانة برلمانية وامتيازات وغيرها ، على اقرانه في الخدمة الوظيفية ، ودون مراعاة لذلك المبرر الاقتصادي الصعب الذي فرض اتباع سياسة التقشف ولكن بازدواجية على حد تعبير أحدهم ..أليس هو الظرف نفسه ، وينبغي أن يشعر الاثنان معا بثقله.. ؟
ان العدالة الاجتماعية تفرض أن لا يتساوى الاثنان في تحمل هذا الظرف الصعب ، لان الخمسين الف دينار التي تؤخذ من الموظف البسيط ، أو المتقاعد مثلا تشكل رقما كبيرا بالنسبة له ، ولا يقاس تأثيرها ، أو تشكل شيئا مؤثرا باي نسبة على من يتقاضى تلك الملايين ، وبينما يتمتع الثاني بامتيازات ومكاسب وامكانية للعلاج في الخارج ، ربما لمرض ليس بتلك الخطورة على حياته ، قد لا يجد الاول ما يكفي من المال لدفع ثمن الدواء او للعلاج في الداخل من مرض خطير ..
وهكذا بالنسبة لوسائل الحياة الاخرى والفارق بين الاثنين فيهما كبير …
إن توزيع الاعباء في الظروف الاقتصادية الصعبة يجب أن يكون حسب مواقع الافراد في السلطة ، وحظوظهم في المال والدخل والثروة ، ويُعد ذلك من بين أهم مبادىء العدالة الاجتماعية في مختلف النظم السياسية … لأن العدالة الاجتماعية ، ليست في توزيع الثروة فقط ، وانما في توزيع الاعباء أيضا بشكل يراعي الفوارق المادية في الظروف الصعبة ..
هكذا يرى المواطن ..
فهل راعت الزيادة في راتب النائب هذا المبدأ…؟..
الجواب عند مجلس النواب …