22 ديسمبر، 2024 11:09 م

معيار الزيادة والنقصان ..

معيار الزيادة والنقصان ..

*عندما تقرر الوزارة زيادة تسعيرة الوحدة الكهربائية ( باي نسبة تكون ) تطلب من المواطن أن يدفع ( الفاتورة ) ( بطيب خاطر ورضا وقناعة !) ،  لأن ظروف البلاد الاقتصادية الصعبة والتقشفية  و( يتساوى فيها الجميع ! ) تفرض ذلك  ، ولأنها تتعامل ( بمبدأ التجارة ) و( منطق السوق ) ، وينطبق على الكهرباء ما ينطبق على السلع الاخرى ، فهي اليوم سلعة في نظر(  أصحاب الشأن ) ، ويكون التعامل معها على هذا الاساس ، بغض النظر عما صرف على الكهرباء  في السنوات السابقة من مليارات الدولارات من ( المال العام ) للمواطن ، ومن ( ميزانيته الخاصة )  الكثير على المولدات الاهلية طيلة السنوات الماضية  ، على حساب  راحته ، وحاجات اساسية ، ولكن دون عائد مساويا لها ، لكي تنتقل الى الخطوة التالية بزيادة سعر الوحدة الكهربائية بحجة ترشيد الاستهلاك وظروف البلاد المعروفة ، ومع ذلك ليس امام المواطن غير أن ( يدفع ) بغض النظر عن رأيه فيها ، واعتراضه عليها ..

* وعندما يطالب المواطن بتحسين مستوى الخدمات الصحية والتربوية والبلدية  وغيرها من الخدمات  الاساسية ، وتنعم المدن بحياة هانئة دون معاناة بسبب غرق الاحياء والشوارع في مياه الامطار ، وتحولها الى برك من ماء وطين ، يأتي الجواب.. ان الظروف الاقتصادية ، وحالة التقشف ، تقف حائلا دون تحقيق تلك الطلبات  ..

* وعندما تزداد البطالة  ويكثر العاطلون ، وترتفع نسبة الفقر في البلاد  الى معدلات كبيرة ، تكون الظروف الاقتصادية  وسياسة التقشف وراء هذه الزيادة ..

* وعندما ( ينقص ) راتب الموظف ، والمتقاعد ( باي نسبة تكون ) جراء استقطاعات معينة ( يدفعها ) ، رغم تأثيرها على حياته ، ومستلزمات معيشة إسرته وحاجاتها  ، وخاصة على شريحة المتقاعدين ، وهم الشريحة الاكبر ، يكون الظرف الاقتصادي ، وسياسة التقشف المالية مبررا لهذا الاجراء ..

*  تلك حالات  من بين اخرى عقب بها  مواطنون على  ما تناولته وسائل الاعلام عن  زيادة راتب عضو البرلمان ، ويمكن ان تقيس عليها الكثير من الامور الاخرى التي ( تزداد ) فيها معاناة المواطن ،  و( ينقص )  ما يجب ان يقدم اليه من خدمات وغيرها  ..

* ولذلك …..

ينظر المواطن الى هذه الزيادة بهذا المعيار ( النقصان والزيادة )  .. وقد اثارت موجة  كبيرة من الغضب ، وحزمة من التساؤلات  لدى المواطنين .. ومنها  على سبيل المثال … لماذا لا ينسحب الظرف الاقتصادي الصعب وسياسة التقشف على النائب ، فيزداد راتبه بحجة تحسين  الراتب التقاعدي له ..؟  اليس هو ( ممثل ) المواطن ويفترض ان يكون قدوة أمامه  في التضحية  ، ويظهر أثرها الفاعل في مثل هذه الظروف ،  لكي يكون ممثله حقا وحقيقة ، خاصة وانه  يعرف أن ترشيحه لتمثيل الشعب في البرلمان ، ليس وظيفة ، لكي يأمل منها  ان يحصل على مكاسب مادية ، وراتبا تقاعديا  متميزا ، بل هو عمل اختياري برغبته ، وبزمن محدد باربع سنوات – مدة الدورة البرلمانية ..ويفترض ان يعود الى وضعه  السابق ، ان لم يرشح لدورة  برلمانية جديدة …

وهناك من المواطنين من تساءل …لماذا ينقص راتب الموظف المتقاعد بسبب الاستقطاعات  بحجة الظرف الاقتصادي والتقشف ، بينما يزداد راتب النائب  التقاعدي ،  ليكون ميزة اخرى تضاف  لما  يتمتع  به من حصانة برلمانية وامتيازات وغيرها  ، على اقرانه في الخدمة الوظيفية ، ودون مراعاة لذلك المبرر الاقتصادي الصعب الذي فرض  اتباع سياسة التقشف   ولكن بازدواجية على حد تعبير أحدهم  ..أليس هو الظرف نفسه ، وينبغي أن يشعر الاثنان معا بثقله.. ؟

ان العدالة الاجتماعية تفرض أن لا يتساوى الاثنان في تحمل هذا الظرف  الصعب ، لان الخمسين الف دينار التي تؤخذ من الموظف البسيط  ، أو المتقاعد مثلا  تشكل رقما كبيرا بالنسبة له ، ولا يقاس  تأثيرها  ، أو تشكل شيئا مؤثرا  باي نسبة على من يتقاضى تلك الملايين ، وبينما  يتمتع الثاني بامتيازات ومكاسب وامكانية للعلاج في الخارج ، ربما لمرض ليس بتلك الخطورة على حياته ،  قد لا يجد الاول ما يكفي  من المال لدفع ثمن الدواء او للعلاج   في الداخل من مرض خطير ..

وهكذا بالنسبة لوسائل الحياة الاخرى والفارق بين الاثنين فيهما كبير …

إن توزيع الاعباء في الظروف  الاقتصادية الصعبة  يجب أن يكون حسب مواقع الافراد  في السلطة ، وحظوظهم في المال  والدخل والثروة ، ويُعد  ذلك من بين أهم مبادىء العدالة الاجتماعية في مختلف النظم السياسية … لأن العدالة الاجتماعية ، ليست في توزيع الثروة فقط ، وانما في توزيع الاعباء أيضا بشكل يراعي الفوارق المادية في الظروف الصعبة ..

هكذا يرى المواطن ..

فهل راعت الزيادة في راتب النائب هذا المبدأ…؟..

الجواب عند مجلس النواب …