معنى الجَمل في آية الأعراف 40
#دين#
شهدت الساحة التفسيرية لآيات القرآن منحى تعسفي لآيات القرآن ومن هذا الآيات:
إِنَّ ٱلَّذِینَ كَذَّبُوا۟ بِـَٔایَـٰتِنَا وَٱسۡتَكۡبَرُوا۟ عَنۡهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمۡ أَبۡوَ ٰبُ ٱلسَّمَاۤءِ وَلَا یَدۡخُلُونَ ٱلۡجَنَّةَ حَتَّىٰ یَلِجَ ٱلۡجَمَلُ فِی سَمِّ ٱلۡخِیَاطِۚ وَكَذَ ٰلِكَ نَجۡزِی ٱلۡمُجۡرِمِینَ﴾ [الأعراف ٤٠]
فلقد ذهب الكثير الى أن معنى *الجمل* هو حبل السفينة أو الحبل الغليط في حين أن قراءة الجمل بالجيم المثقلة والميم المشددة هي من القراءات الضعيفة، التي يذكرها المفسرون بعد أن قدموا عليها القراءة الأكثر رواجاً مستشهدين بدلائل المعنى اللغوي وعنعنة الأحاديث، فالجَمَلُ أو الجُّمَّل بمعنى حبل السفينة مستبعد جداً، كذلك الجَمَلُ بمعنى آخر وهو السمكة كما جاء في قاموس المعاني:
الجَمَلُ : الحبْلُ الغليظُ
الجَمَلُ : سَمكةٌ بَحْرِيَّةٌ
هنا بات لنا ثلاثُ معاني أكثرها إستخداماً لغةً، بمعنى البعير وباقي المعاني مهملة.
ثانياً: اللغة التصويرية علاقتها مجازية بأستعارة حيوان الجَمل لضخامته كأعظم شيء ممكن للعربي تصوره ومرافق لنظره في كل ثانية، وأجدر بإستعارته لبيان إستحالة الإمكان، ومن الأمثلة على ضخامة الجمل: تقول العرب: “ما أستتر من قاد جمل” قاموس المعاني.
بخلاف حبل السفينة كمثال عن الضخامة فلا أثر لغوي تصويري له!
العلاقة بين الجمل وسم الخياط، كعلاقة الأسد بالأنسان عندما نقول فلان كالأسد، فالعلاقة تصويرية لنتمثل شجاعة الأسد بفلان، ولانسقط الأسد لأنه حيوان لاعلاقة له بالأنسان، فمن يريد أن يجادل ويدحض منطق إستخدام الحيوان الجمل ليرجح حبل السفينة لايفقه التصوير اللغوي عربياً حتى وأن كان د.منصور الكيالي ذاته من قال بذلك!
سأختم بالدليل؛ لماذا أخطأ الكثير في التأويل الجديد لمعنى الجَمَل في الآية؛ ليس لأني أفهم منهم ولكن لأنهم بشر غير معصومين وبحثهم ناقص، لايصمد أمام إستخلاصاتي المنطقية المعززة بشواهد اللغة المستخدمة.
دليلنا هو؛ أن إستعارة الجَمَل كمثال لغوي تصويري لبيان الإستحالة، مستخدم في الكتاب المقدس الذي سبق القرآن، وذات التصوير والمعنى من مصدر واحد وهو الله، واليكم القول،
مع فارق اللفظ بين يلج في القرآن ومرور في الإنجيل:
وَأَقُولُ لَكُمْ أَيْضًا: إِنَّ مُرُورَ جَمَل مِنْ ثَقْب إِبْرَةٍ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ!».” (مت 19: 24).
وعندما تبحث عن تفسير الجمل في آية الإنجيل أعلاه يتفق المفسرون على معنى الجمل وهو الحيوان، وهذا ماذكره الطبري وأبن كثير والكثير من المفسرين، فبأي آلاء ربكم تفسرون الجمل حبل غليظ كما تشتهون؟