لابد من ذكر الحقائق الواقعية التي نبين فيها ما نقصد اليه من وراءهذا العنوان الذي يجب ان يعرفه القارىء قبل ان يقرأ ما كُتبَ وسيُكتب فيه عن موضوعات الاسلام التي شوهها الفقهاء ورجال الدين لا العلماء.. وحولوها الى تدجيل..فلابد من كسر القيد والخروج الى عالم الحقيقة والدين الصحيح.
واول ما يجب ان يعرفه القارىء ،هو ان الكتابة في موضوع الاسلام ليس جديدا ،لكنه بات اليوم ناقصا من كل الوجوه ، بعد ان تزعمت مرجعيات الفقهاء والسلفيين الخارجين على فلسفة الدين ..الكتابة فيه ونشره بين الناس على الخطأ والصحيح ، مدعين ان كل ما كتب ويكتب في اطروحاتهم صحيح وواجب التطبيق وخاصة التركيز على تدمير حقوق المرأة والاختلافات الفقهية – من سنية وشيعية – التي لا اساس لها في التشريع .،وما دروا ان الأعتماد الأفضل فيما يجب الكتابة فيه هومعرفة حقوق الأنسان في التاريخ واحوال البشر، الذين اعتنقوا الأسلام بين القسر والأيجاب، لذا ظلت عقيدة الأسلام عقيدة جامدة لا محرك لها دون ان تنتج ما انتجته الحضارات الأخرى من تطور وتجديد .
انني اقصد من هذه المقالة ما يجب ان يعرفه القارىء ، هو تقريب معنى الاسلام وتطبيقاته بين الناس،ولم أقصد تقديم أجابات شافية ووافية لكل الأسئلة التي سيطرحها القارىء في موضوع الاسلام،فالمقالة لا تقرر حقائق ثابتة،بل لفتح باب التفكير والمناقشة في أتجاه سليم لقضايا جديرة بأن توضع موضع التأمل والبحث لفصل السلطة الدينية عن السلطة المدنية وتحكم رجال الدين ليتحرر الناس من خرافاتهم المرفوضة من المنطق والعقل السليم ،الذين لا يعترف القرآن بهم،ولا يخولهم حق الفتوى على الناس،ولا يميزهم بلباس معين كما في رجال العهد القديم
ان اشد ما يجب ان يعرفه القارىء اللبيب هو ان المقالة ليست نقدا تجريحيا بألاسلام وعقيدته ،قدر ما هي ..
2
وسيلة لتعريف الناس بالخطأ الذي لازم التطبيق الفقهي فيه منذ القرن الثاني الهجري..فلا يوجد لدينا اسلام سُني ، واسلام شيعي ، ولا معتزلي ، او وهابي، بل عقيدة واحدة مزقها الفقهاء عند التفسير خدمة للسلطان ،حين غَلبوا التعصب على الفكر الحر، والمصلحة السياسية على الدين ، كلها محاولات لم تصل أحداها الى وضع قواعد أو قوانين تُعين على أدراك ما جاء به النص المقدس،او تساعدنا على معرفة الطريق الصحيح لبناء مجتمع أنساني أكثر أمناً وأستقراراً وأقدر على توفير أسباب الرخاء للبشر، فظلَ الاسلام يتعايش في لغة الناس وليس في واقعهم.
أحب ان أقول: ان الاسلام لا يتمثل في العبادات من صوم وصلاة وحج وزكاة فقط بل يتمثل في دراسة الظاهرة المحمدية في أنقى أشكالها وفي أكثر أوضاعها تحرراً من أي تشويش خارجي كما يفعل العالم الطبيعي اليوم الذي قلب الموازين ،ليظل التطبيق الرسولي مكانة المثل والأسوة ، وليظل هدى الأنبياء والرسل قدوة.
أما ما يدعون به الفقهاء فكلها عادت مورست عند العرب قبل الاسلام ،وأضمحلت بمجيئه ..اما اليوم فعليه ان يتمثل في صورة أوضح وأصدق وأدق من هذا التوجه الناقص في تطبيقاته على الناس لقوله تعالى:” قوله الحق الأنعام 73″ ، بل يحتاج الى تطبيق القوانين في المساواة والعدل والعمل الصالح والأستقرار والعيش الرغيد والامانة في صيانة الأوطان ، وحماية حقوق الناس..وأحترام البشر .
فقد كان العرب قبل الاسلام أحرص من غيرهم في هذا المجال قياساً بالممارسة اليومية من قبل حكومات الغش والتزوير وخيانة الاوطان(أنظر قوانين مجلس الملأ في المفصل لتاريخ العرب قبل الاسلام لجواد علي ). أما فشل المسلم في تطبيق النص المقدس “لكم دينكم ولي دين ” وألاعتداء على الشعوب بحجة الفتوحات…ما هي الا ازمة سياسية لابتعادهم عن العمق الفلسفي للعقيدة الدينية،لذا يجب الاعتراف بالخطأ التاريخي ومراجعة الصحيح… وهذا ما نفتقده اليوم ؟
ليس في الأسلام عبادة للشخصية ،ولا فرض في عبادة الدين بل امر معروض بالحق لمن يتقي ويعي ما وجده حقاً،الاعراف 44.. وقد نهاناعن ان نقف من التراث
3
موقف الانصياع الأعمى والتقديس كما في قوله:”وما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين،المؤمنون 24″.: بل قالواانا وجدناآباءناعلى أمةٍ وانا على آثارهم لمهتدون،الزخرف 22″.هنا يدعو القرآن الى ان نحترم تراثنا لا ان نقدسه ..لذا فلا تقديس لأحد.. ..هذا الموقف يدعونا الى عدم بناء القبور والأضرحة التي صرفوا عليها المليارات لينشئوا قبراً لأنسان واحد حتى ولو كان رمزا،وظل زائريه لا يملكون رغيف الخبز. .كما في قبر عبدالعزيز الحكيم والاضرحة الاخرى المبتكرة ومليارات الشعب التي صرفت عليها.. والأدهى والأمر ان من يتزعم هذا التوجه هو حاكم لم يعرف في حياته سوى القسوة والظلم والأنانية وأحتقار البشر وسرقة أموالهم بأسم الدين.فهل عادت بناء القباب والمسيرات الدينية المليونية الباهضة التكاليف تنفع الناس والدين في شيء؟ لا..لأنها لهم .. ليتوجوا بها للمتخلف باسم كربلائي بتاج الذهب القاتل للعراقيين… ويسموه رادوداً للدين.
الأسلام كما قرأناه جاء بمفاهيم انسانية واضحة في حقوق الناس والمحافظة على الثروة والوطن كما في (الوثيقة النبوية ،أنظر دائرة المعارف الاسلامية) . لقد شابنا الكثيرمن الغموض الذي بحاجة الى توضيح،(كما في الفتوحات القسرية على الشعوب الأخرى والغزوات التي ما كانت بحاجة اليها لنشر الاسلام حين هجرت قبائل من اراضيها وهم عرب لهم حق قبول او رفض الدعوة كما فعلوا في قبائل خيبر وقريضة وبني مالك وغيرهم كثير..
لقد قامت الدعوة المحمدية على الرضى وقناعة المنطق .. وصيانة حقوق المرأة ..فعلام السيف فيهم ..هذا السيف الذي اورثنا القاعدة وداعش والسلفية التي ألغت مفهوم الزمان والمكان وأغتالت التاريخ وأسقطت العقل ..ورفضت الوصية والأرث ،البقرة 180″،فهل فتح القائمون على الاسلام ابوابا واسعة للتفكير والتغيير،ومهدوا للأنسانية وللفكر الأنساني والنظم السياسية القوانين التي تحفظ لهم حقوق الناس دون تفريق في مجال المناقشة الحرة لمعرفة الحقيقة الغائبة عنهم
4
اليوم،وأدخلوا علينا عصورا حضارية جديدة..؟ أنظروا ماذا فعلوا بالشعب العراقي بعد التغيير في 2003 من تقرقة دينية مذهبية تتناقض والنص القرآني العظيم
نستطيع ان نقول وبثقة ..هكذا فهموأ القرآن الكريم..؟
من هنا على الكُتاب والمُعلقين والسياسيين الوطنيين ان ينتبهوا لتغيير التوجهات الى ما ينفع الناس ويسعدهم بقول الحقيقة ليُنظر اليهم بصدقٍ في تطور المستقبل الغامض الذي احاط بالمسلمين خاصة في عراقنا المُحطم والمُبعثراليوم في ظل سلطة الدين الجائرة على المواطنين .
أحب ما يعرفه القارىء الفطن هو هذا ليس نقدا للدين ..بل نقدا مباشرا لمن اعتلى سلطة الدين وسخرة لخدمته لا لخدمة الناس المواطنين ..علينا ان نطرح مشروعا علميا لفهم القوى المسيرة للتاريخ وللعثور على قواعد تحكم سير الحوادث لا ان تسلم قيادات الشعوب لهؤلاء الذين لا يؤمنون بوطن ولا بعقيدة ولا بدين.
نحن الآن في القرن الحادي والعشرين الميلادي ،والأدبيات الاسلامية لازالت تطرح الاسلام عقيدة وسلوكاً،دون ان ندخل في العمق الفلسفي للعقيدة الاسلامية، ولم نصل الى حل المعضلات الأساسية للفكرالاسلامي التقليدي ،مثل اطروحة القضاء والقدر،ومشكلة نظرية المعرفة ، ونظرية الدولة ، والمجتمع والأقتصاد والديمقراطية ، وتفسير التاريخ .
بل جاؤونا بالطب الروحاني والفال والتخريف والمتعة والمسيار ورضاعة الكبير..وأمور اخرى يخجل القلم عن ذكرها…فظل الفكر الاسلامي خارج المعاصرة والتطوير وظلت العاطفة الدينية مسيطرة على العقل العربي الاسلامي فحولته الى هشيم..والحقيقة المرة التي يجب ان يعرفها الناس اليوم في عراق المظاليم..هي عندما تنحسر الحقيقة العلمية تظهر خرافات المتخرفين كما نشاهدها اليوم اعلانات واضحة في شوارع بغداد العلم والحضارة.
5
هذا الذي نطرحه من اراء ونظريات في الحق والعدل وانشاء المؤسسات جاءت عند المفكرين الاسلاميين..لكن العبرة في التاريخ بالتنفيذ .وهو يحتاج في حالتنا المتداعية اليوم الى جرأة وبسالة وايمان واستعداد للتضحية..نعم في الغرب الذي تسمونه “الغرب الكافر” .وجد المفكر الجريء الباسل الذي قبل التضحية ومع الاسف عندنا لم يوجد..حتى ان تاريخنا الاسلامي اصبح بالمؤكد انه ما هو الا سلسلة من اعمال القسوة التي لا جدوى من ورائها..فمثل مجموعة جرائم واعمال سفه وسوء الحظ للعرب ومن اعتنق الاسلام..على المؤرخين ان يكتبوا هذا فقد ضاع الوطن والدين..وغدا ستطبق عليكم وصية أردشير لتصبحوا اثرا بعد عين.
وبدلاً من الأصلاح والتصحيح ظل الفقه الاسلامي يهاجم الفلسفات الانسانية ولا يقبل التفاعل معها،فعدوا ان كل ما انتجه الفكر الانساني منذ عصر اليونان الى اليوم في هامش الخطأ والباطل ، لذا عجزوا ان يعطوا تعريفا خاصا ومميزا للاسلام ،أو قل عجزوا ان يقولوا لنا ( ما هو الأسلام )؟.فأستمرت حالة التخلف الفكري في مفهوم العقيدة دون تطوير، وهكذا استمرت سيادة الحاكم عل المواطن الأنسان ،
فأصبحنا خارج التاريخ.
نعم ونتيجة لهذا التوجه الخاطىء بقينا نعيش في أزمة فقهية حادة ،تجبرنا على ضرورة التحول من فقه الفقهاء الخمسة الذي انتهى عصرهم اليوم ، والذي لا يعني سوى مجرد لاعادة مواصفات القديم..فلابد من تجاهلها لنعي مفهوم المتغير الاجتماعي الجديد من وجهة نظر جدلية التاريخ والدين.. الى فقه علمي جديد لأعطاء البديل،لنتخلص من كل تبعات نظارات الماضي الذي كبلتنا بقيود لا تصلح ابدا للعصر الحديث لأن الزمن يلعب دورا في التغيير..
فهل بأمكاننا الابتعاد عن الفقه القديم بعد صياغة نظرية أصيلة في المعرفة الأنسانية وجدل الأنسان منطلقة من صدقية النص المقدس،لكي نأتي بمنطلق فلسفي يَتبع عند الضرورة الحل الفقهي الصحيح؟ ونلغي كل هذا الجهد والمال الضائع على كتب التراث التي تُطبع فاصبحت عائقا امام التقدم والتطور وكل علم
6
حديث..لابل في العراق اليوم أصبحوا يبنون المدارس الخاصة ليضعوا لها مناهج التغليف بالنص القديم ليخرجوا لنا غدا الف متخلف في كل عام كما في مدارس الحوزات والدين..انها كارثة تواجه العراقيين اليوم.
هكذا علينا ان نفعل مثلما فعل اصحاب الديانات السماوية الأخرى.. التي استطاعت ان تخترق المستحيل بعد ان سيطرة الكنيسة ورجال الدين وجمدت العقول زمن طويل . هم نجحوا بعد ان مزق لوثر وكالفن كا عصابات الدين .ونحن اليوم لدينا الألاف مثلهم للتمزيق…أما نحن لازلنا نهرول خلف أوهام أرث الماضي القديم …ونعده تراثاً قابل للتجديد؟ بينما التراث هو المعاصرة حين يتفاعل الانسان مع النتاج المادي والفكري المعاصرلينتج التحديث والتقدم والتطوير .فأي اسلام هذا الذي نعبد ، أسلام محمد(ص) أم اسلام داعش ،أم أسلام المهدويين أو ولاية الفقيه الوهمية ،وكل فقهاء التخلف والتخريف ..؟
لا يا رئاسات العراق الثلاث الذين تشتركون في جريمة التجهيل .. أتجهوا نحو الوطن ولا تبقون تهرولون نحوالذين ساهموا ولا زالوا يساهمون في تدمير الوطن من الشرقيين والغربيين..فقد أمتلئتم اموالا حراما من حقوق الجماهير ..وجئتم بانتخابات مزيفة لا تمثل العراقيين ..وغدا لن تأخذوا منها الا اكفانكم الحقيرة في حفرة لتستقبلكم كل افاعي الظلم والديدان الملاعين..
لا تبيعوا ارض الوطن للمجاورين بحجة التعاون الاقتصادي وتصبحوا ملعونين ومتهمين بخيانة التاريخ.. ولا تتعاهدوا ممن يريدون قطع اوصال الوطن وبيع اراضيه للاخرين .حذاري من ان تلعبوا في خارطة العراق الوطنية ..فهي لا تقبل الاعتداء عليها والتقسيم ..
لا يا مقتدى لا تتجاوز على فلسفة الصدر الكبير..لا تهادن الخونة والمارقين..فأنت متهم اليوم بالمهادنة الباطلة..فالحسين وجعفر الصادق(ع) لن يقبلوا بالملك بديلا عن الحق وحقوق المواطنين..كنا نأمل ان تقود الجماهير لاصلاح الحالة السياسية الخائنة والخائبة لا ترضى بالحل الوسط لتصبح زعيما فارغا كما هم زعماء الكارتون الكبير.. لا..لا ان تصبح شريكا في المغانم والمقادير..
من هنا يجب ان تبدأ الصحوة بين العراقيين .. وبين الحاكم والمواطنين ؟