23 ديسمبر، 2024 6:24 ص

معطيات العبادة تبلور شخصية القائد/القسم الثالث

معطيات العبادة تبلور شخصية القائد/القسم الثالث

لقد قدم لنا السيد الشهيد محمد باقر الصدر (قدس سره) في هذا الصدد كتاب (نظرة عامة في العبادات) وهو رسالة كتبها في ذيل رسالته العملية الفتاوى الواضحة….
ونحن ندعو جميع الإخوة إلى دراسة وتدريس هذا السفر العظيم وكتابة البحوث والدراسات والمقالات على ضوء هذه الخطة التي اختطها السيد محمد باقر الصدر ( قدس سره )….
ونحن نجد أن الجانب العبادي هو الصفة البارزة في حركة الشهيدين الصدريين(قدس سرهما) وأيضا حركة الأخ السيد القائد المجاهد مقتدى الصدر(دام عزه)…..

وينبغي الإشارة إلى الأهداف الرئيسية للعبادة وهي التي يُعّبر عنها بروح العبادة أو معنى العبادة أو قيمة العبادة.
إن العبادة تمثل علاقة الإنسان بربه فالعابد هو الإنسان والمعبود هو الله سبحانه وتعالى .
وهذا يعني أن التقدم العلمي والتقني ليس له دخل في تطور العبادة أو تبدلها أو تغييرها أو إلغائها أو انتفاء الحاجة إليها لأنها ليست علاقة بين الإنسان والطبيعة لكي تتأثر هذه العلاقة بهذا التطور .
ولكن علاقة الإنسان بربه وخالقه العالم بكل شئ بما فيها المصالح والمفاسد التي يقصر العقل البشري أو أي عقل مخلوق عن إدراكها إدراكا تاماً وحقيقياً .
وهذه العلاقة هي التي تُنظم علاقات الإنسان الأخرى، فعلاقة الإنسان بأخيه الإنسان وعلاقة الإنسان بالطبيعة والكون وحتى المحتوى النفسي للإنسان نفسه أو بتعبير أدق هذا المزيج من العواطف والمشاعر والأحاسيس والغرائز والعقل والفكر التي تتركب منه شخصية الإنسان…
وجاءت العبادة ترسيخاً لهذه العلاقة (علاقة الإنسان بالله)…

إن العبادة هي الحركة إلى الله سبحانه وتعالى،، ونية القربة لله تعالى هي حركة نحو التكامل نحو العلم والقوة والقدرة والعدل…..

وحيث أن الله هو الكمال المطلق اللامتناهي فهذه الحركة من قبل الإنسان لا تقف عند حد بل هي سائرة نحو هذا الكمال اللامتناهي….

وكلما زاد الإنسان قرباً كان نصيبه من درجات الكمال أكثر، فالرسول الأعظم بلغ أعلى درجات التكامل (( فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى )) (النجم:9)
إن القرب المعنوي والحركة التكاملية من قبل الإنسان ليست حركة قسرية أو جبرية وإنما هي اختيارية ولو كانت قسرية لما تفاوتت درجات التكامل لدى أفراد الإنسان ولأصبحوا جميعهم بدرجة واحدة .
نحن نسمع كلمة تترد على السن الناس وهي أن الكمال لله سبحانه وتعالى وهذا الكلام صحيح ولكن المقصود من الكمال هو الكمال المطلق (الكمال اللامتناهي) وليس الكمال النسبي (الكمال المتناهي) فحينما يصل الإنسان إلى درجة من درجات الكمال هذا لا يعني أن هذا الكمال هو كمال مطلق لامتناهي بل هو دونه بما لا يعد ولا يحصى ولا يقاس بل إن نسبة هذا الكمال إلى الكمال المطلق هي صفر…

والكمال كما في اصطلاح أهل المنطق مفهوم كلي مشكك أي يتفاوت ولا يَصدق بدرجة واحدة!!!!
فالعبادة هي الفرصة الأعظم للوصول إلى درجات الكمال….

وهي حركة دائمة نحو المطلق (( أعبدُ الله حتى يأتيك اليقين )) واليقين ليس درجة واحدة بل هو لامتناهي فيبقى الإنسان عابداً إلى آخر لحظة من حياته .

وللحديث بقية اذا بقيت الحياة ويليه القسم الرابع