18 ديسمبر، 2024 9:55 م

معركة قيصر وكسرى الاخيرة

معركة قيصر وكسرى الاخيرة

الصراع الامريكي الايراني, او الايراني الامريكي, لايهم أيهم يبدأ الخناق فهم أشبه بديكه, يكثر نقارهما في بيت جار ثالث, لا يملك لا ناقة ولا جمل في خضم هذا النقار المستمر, سوى القلق والضجة, انه تناطح ارادات ومحاولة لإنقاذ ساحات نفوذ وجبهات بالنيابة, يدخرها كلا الطرفين لأسوء الظروف.
عند النظر الى تاريخ هذا الصراع الطويل من وجه نظر عراقية لا تلبس نظارة مستوردة من جهة خارجية, نظرة عراقية وطنية خالصة, ذاقت الامرين من ذلك الصراع, فمنذ الحرب الايرانية العراقية, لم تقف امريكا موقف المتفرج ابداً, لانها امدت المقبور بمختلف الاسلحة في حربه الرعناء ذات الثمان العجاف.
اما في حرب الخليج فانقلبت المعادلة, اذ ظهر بوش الاب بمظهر المحرر !
ان تقع بين طرفي نزاع جغرافياً, فذلك سوء طالع لاتملك ان تغيره, فكل جانب منهم يتمدد ليحصل على ساحة قتال بديلة, يجنب بها بلاده رائحة البارود ولون الدم.
امريكا لا زالت تخاطب العالم خطاب السيدة الاولى, تتشبث بعقلية القياصرة وتعطي لنفسها الحق في محاسبة غيرها, و هي نفسها كدولة غارقة بمشاكل اقتصادية لا نهاية لها, فراحت تبعد النظر عن مشاكلها الداخلية, بالتلويح بعصا العقوبات على ايران, مدعيه انها موضع قلق دائم في منطقة الشرق الأوسط, خصوصاً وان ايران تسير عكس التيار الذي جرف الانظمة في المنطقة, فلم يتحرك منها ساكن في ظل الربيع العربي, بل استمرت في تطوير ترسانتها النووية, هذا وحده سبب كافي ان يثير قلقها وتطيرها, فهذا يعني تنامي دولة عظمى الى جنب دول تعاني اضطرابات, اي حصه من نفوذ, وسوق دائمة, ومعبر حدودي جاهز, ولا تستبعد امريكا انه تمدد فارسي مبطن على حساب المنطقة التي بذلت فيها اموالا طائلة, لتثبت فيها موضع قدم وقاعدة عسكرية ومدرج!

ان إدعاء ترامب سبب فرض العقوبات الاقتصادية الخانقة على ايران, هو لتمويل العمليات الارهابية, او ما تحاول امريكا توصيفه, بانه تحويل بعض الفصائل الخارجة عن سلطة الدولة, لكنه بكل بساطة عن مصادر تمويل داعش الارهابي!

هكذا هي سياسة سيدة العالم, سياسة لا ترى الا بعين واحدة, الان تذكرت هذه السيدة ان إعلان غضبها وصارت تلوح بعصاها, بعدما انتهت صفحة الارهاب وبدأت المنطقة تتنفس الصعداء.
سواء كانت العلاقات بين قطبي الصراع سيئة ام جيدة ففي كلا الحالتين سيكون العراق هو الحلقة الاضعف, فاذا تحسنت الأمور وتعود المياه لمجاريها الاقتصادية, ستكون دولة فارس منافس ضخم في سوق النفط العالمي, ومنافس اقتصادي كبير, اما في حالة تنفيذ امريكا لتهدياتها بتفرض حصار اقتصادي على ايران, فان هذا الخناق لا يمكن ان يمر مرور الكرام في دولة تملك هذا العدد من السكان, فربما سيتاثر النسيج المجتمعي الايراني, ويحدث موجة غضب شعبي على الحكومة, وهذا الوتر ما تطرب بسماعه امريكا كثيراً..

ان العامل الاقتصادي يعد اليوم اكسيرالحياه, بل سبب وجيه لاسقاط نظام, او اتخاذه دعامة قوية لحماية نظام.
خصوصا وان العالم يشهد ركوداً وكساد, مما يجعل الخيار الاكثر وقعاً مستبعداً, فزمن الحروب ولى مع رجاله, ولم تعد الدول تقوى الا بتهديد بعضها البعض!
لا يملك العراق اليوم الا ان يقف بالحياد, من هذا التجاذب فليس في المصلحة, ان يقف في محور او ينزل في خندق مرة اخرى.