داعش ليست ازمة العراق الوحيدة ، لكنها الاهم ، في هذه الايام على الاقل ، التي تشهد تحركا واسعا لتحرير مدينة الموصل ، اخر معاقل التنظيم الارهابي في العراق ، و طبعا معركة لها هذه الاهمية ، سيترتب عليها عدة نتائج ، و يستلزم لنجاحها تحضيرات كبيرة ، لا تقتصر على طبيعة القتال و المقاتلين فقط ، بل تتعداها لتشمل جوانب يتخذها البعض ذريعة التدخل المباشر او غير المباشر في عملية التحرير ، كتركيا مثلا التي تعتقد ان العراق وحده (عسكريا ) غير قادر على مواجهة داعش ، و تجد ان لها مكان في عملية التحرير و ليس لاحد ان يعترض بل تعتبر نفسها متفضلة ايضا.
تحرير الموصل وحده ليس كافيا ، بل هو جزء من الخطة التي يجب تضم الى جانب طرد عناصر داعش ، مهمة انقاذ المحاصرين في الموصل من المدنيين ، فالنصر على المستوى الانساني له اهمية قصوى ان اراد المحررين النصر الشامل ، بجوانبه العسكرية و السياسية ، و على مستوى محلي او دولي ( اقليمي على وجه الخصوص) ، فحماية المدنيين امرا لا يقل اهمية عن فرض السيطرة العسكرية ، هذا من جانب ، و من جانب اخر لمنع الانتقادات التي ستنهال على القوات العراقية ، ان اغفلوا عن هذه النقطة ( حماية المدنيين ) فأغلب من يشكك في نزاهة معارك تحرير المناطق المحتلة من داعش يتخذ من المدنيين ذريعة للتدخل في الشأن العراقي الداخلي.
و لا يمكن نسيان اهمية الحفاظ على مدينة الموصل كمحافظة موحدة ، و العودة بها الى ما قبل احتلالها من داعش ، بعيدا عن ما يثار من مشاريع تقسيم ، او الدخول في مشروع اقليم مستقل ، ايا كانت طبيعته و اسس تكونه الطائفي او القومي ، اي ان معركة التحرير يجب ان تستمر الى ما بعد داعش ، و الحرص على منع مشاريع تتخذ من داعش نفسها ذريعة لتنفيذ مخططات لا علاقة لها بمصلحة المواطن العراقي في الموصل.
طرد داعش من الموصل ، اختبار صعب ، فهو لا يقتصر على الجانب العسكري فقط ، و لا يتعلق بمرحلة تواجد داعش و حسب ، بل يتعداه الى ما بعد ذلك ، و هذه الامور هي التي تسببت في ازمة العراق مع تركيا ، و بصورة ادق تفتح المجال للتدخل في شؤون العراق من قبل الدول الاقليمية ، التي تعتقد ان لها الحق في المشاركة بتحرير مدينة الموصل ، معتمدة على ذرائع كثيرة ينبغي ان تلتفت لها الحكومة العراقية ، لعل ابرزها السيطرة الحكومية على القوات العسكرية التي تشارك في المعركة ، و كذلك حماية المدنيين داخل الموصل ، و اعادة نازحيها ، و الاهم بقاء الموصل موحدة كما كانت ، دون تغيير سكاني او اداري ، تفرضه مخططات اقليمية بعيدة عن مصلحة العراق.