معركة الموصل ،معركة ليست تقليدية،لاخراج عناصر تنظيم الدولة داعش وطردهم منها.معركة الموصل ، شاركت فيها دول عظمى ،بخططها العسكرية ،وبجيوشها وطائراتها وأحدث أسلحتها وصواريخها ،وجهدها الاستخباري ، لاهداف عسكرية واقتصادية وسياسية بعيدة المدى ، وفي مقدمة هذه الدول أمريكا وفرنسا وبريطانيا وغيرها، جاءت لاخراج تنظيم داعش،والبقاء زمنا طويلا ، والدليل أنها أنشأت قواعد عسكرية حول الموصل ،في القيارة وحمام العليل وبعشيقة ومخمور ،وتمركزت في قاعدة الحرية في كركوك، لهذا نقول أنها معركة غير تقليدية،وغيرهامشية عابرة،وإنما تستند الى أستراتيجية عسكرية تمتد الى قرون، وهذه إحدى نتائج معركة الموصل وغاياتها الاساسية ،التي تهدف بالدرجة الاساس الى هيمنتها الكاملة على المنطقة بأكملها،لاسباب جيوسياسة إستراتيجية تتصف بها مدينة الموصل،موقعا وتاريخا وحضارة وخليطا اجتماعيا متنوعا واعيا ، لهذا كان إهتمام أمريكا والتحالف الدولي استثنائيان حضرت لها ،ووضعت خططها العسكرية للقضاء على تنظيم داعش المتطرف ،منذ أكثر من سنة من الان، بل وأخرت موعد إنطلاقتها الى الان، لاسباب سياسية وعسكرية ، كانت حكومة العبادي والاحزاب الحاكمة في السلطة كلها تنتظر الادارة الامريكية ،لتحرير المدينة بجهدها الدولي ،وقوتها العسكرية الهائلة،بعد أن فقدت ثقتها في الجيش العراق ،الذي هرب وترك المعركة وسلم الموصل لداعش ،بأمر من قائدها العام للقاوت المسلحة نوري المالكي، وهكذا أعطت ادارة الرئيس ترمب، الضوء الاخضرلأنطلاق معركة الموصل ،لهذا نرى الثقل والجهد الامريكي العسكري ،والمشاركة الامريكية واضحا على الارض وفي السماء،ولولا الاباتشي والخنزيرة والبي 52 وطيران التحالف لفرنسا وبريطانيا ،أساسيا وحاسما ،لمجريات المعركة .اليوم وقد مضى على انطلاقتها أكثر أربعة أشهر ونيف، وقد حققت اهدافها العسكرية ،في طرد وهزيمة داعش في الساحل الايسر، بأداء مهني عسكري رائع ،وبطولة عراقية من الجيش العراقي، وتعاون ليس له مثيل، من قبل أهل الموصل،الذين إكتووا بنار وإجرام تنظيم داعش لسنتين ونصف، سامهم مر العذاب،من قتل وذبح واعتقال ورمي من أعلى البنايات ،ودهس بالدبابات ،وتفنن في أغرب طرق القتل والذبح والاعدام، نرى الناس الذي تخلصوا وتحرروا من داعش،في صدمة فرح نادرة ،نسوا فيها ما حل بمدينتهم من دمار وخراب ،لم تبق لهم دائرة وعمارة وجسر جامعة وسوق ،إلا وقد تم تدميره كاملا،إما من قبل قصف طيران التحالف الامريكي لمقرات ومصانع داعش،
أو من قبل داعش الذي استخدم طريقة ،الارض المحروقة ،فقام بحرق وتدميرالدوائر والمؤسسات الحكومية،التي كان يتخذها معامل ومصانع تفخيخ وتفجير وتصنيع لمواجهة الجيش، كما حصل في مكتبة جامعة الموصل وكلياتها، وبقية دوائر الموصل الحكومية ، إذن الدمار والتدمير ممنهج ، وقبلها كان تنظيم داعش ،قد أجهز على جميع الرموز والاثار الحضارية والتاريخية في النمرود وخوسيباد وباشطابيا والقليعات والحضر وباب نركال وبوابة المسقى آدد ولم يبق أثرا تاريخيا آشوريا إلا وفجره،كما فجر أضرحة وجوامع أنبياء الموصل النبي يونس وجرجيس وشيت ،وهكذا التقت أهداف النوايا الخبيثة الامريكية مع داعش ،في تدمير المدينة تدميرا كاملا ،بحجة التحرير، فهل نقول ،ان ما يجري الان هو تدمير أم تحرير ، نحن نرى الاثنان معا ، بغض النظر عن الاسباب والنوايا ، ولكن ما يعنينا هو النتائج على الارض ،هو شكل وهدف الخراب والدمار، فلا تعنينيا مسبباته ونواياه، وهكذا نرى التدمير والتحرير يسيران معا، وعلى قدم وساق في معركة الموصل وتحريرها من براثن داعش، دون الالتفات الى ما هو أهم من هذا كله ، وهو حياة الناس والمواطنين، الذي يموتون تحت الانقاض قصفا وتفجيرا، وطوابير النازحين والهاربين من القصف وداعش معا ، والذين وصلت أعداهم الى اكثر من (60) الف نازح من القصف وهارب من جحيم داعش ، المعركة تزداد ضراوة وقسوة ،ليس على الجيش والطيران الذي يحقق أهدافه بسرعة وسهولة ،وانما على الناس المشردة والهائمة في العراء على وجهها، حافية عارية جائعة بلا غذاء ولا ملابس وتحت الامطار وشدة البرد القارس،دون أي اهتمام عربي وعالمي، واهمال وتجاهل وفشل حكومي ،لاغاثة هؤلاء وإيوائهم في مخيمات نزوح ،لم تعد العدة لها من قبل ،لا الحكومة ولا الامم المتحدة والمجتمع الدولي، يتفرج الان على كارثة النازحين ومعاناتهم والآمهم وظروفهم المأساوية ،نحن في وسط المعركة الان وتنتظرنا أرتال أخرى، أكبر من النازحين من الموصل القديمة ،التي لم تصلها القوات العسكرية للان ، بمعنى مازالت معركة الموصل تنتظر كوارث أخرى في وسط صمت عربي ودولي وحكومي، عندما يتوغل الجيش في أحياء الموصل العتيقة والآيلة للسقوط ، لذا نحذر المجتمع الدولي من حصول إبادة جماعية، لاهل الموصل في الصفحة الثانية للمعركة ،وخاصة الاحياء والازقة الضيقة القديمة، من القصف العشوائي للطيران العراقي والدولي، ونحن نعلم أن داعش يواجه الجيش بالسيارات المفخخة ،والعبوات والصواريخ والقذائف التي يفجرها، ويطلقها بوسط الاحياء والمواطنين، ويقوم بحرق سيارات ودور المواطنين امام أعينهم ،كطريقة انتقامية منهم، نطالب القوات المشتركة عدم الاستعجال والتسرع في القضاء على داعش ،رغم اهمية الهدف وضرورته القصوى،لتخليص المواطنين من داعش واجرامه، ولكن حماية لارواح الناس في هذه الاحياء، علما ان داعش ،فقد السيطرة على عناصره من الهرب وتغلب عليهم الانكسار وانهارت قواهم ومعنوياتهم، بعد خسارتهم مركز المدينة ومبنى المحافظة والدوائر الحكومية المحيطة لها، لانها تعتبر رمز رسمي خسرته، نعتقد أن العدو إنهار وسينهار في الصفحة الثانية من المعركة، وبوادر إنهياره واضحة في هروبه من الاحياء بسرعة ،كما حصل في احياء تل الرمان والمأمون وواد حجر والمنصور والدواسة والجوسق والدندان ومحيط مبنى المحافظة ،
اذن إنهيار داعش واقعا وملموسا ،وهو مسألة وقت ويعلن هزيمته ،ويقاتل في أطراف المدينة وعلى تخومها ،في احياء النهروان والاصلاح الزراعي لوجود حاضنة له هناك أسس لها منذ سنوات طويلة ، لكن الشيء المؤكد،أن داعش وخلافته المزعومة قد إنتهت الى الابد في الموصل ، نعم لقد خسر حاضنته التي كان يعول عليها كثيرا، قبل دخوله وإحتلاله الموصل ، وما قام به من إجرام وأعمال إبادة لابنائها ،وألحقهم أذى لايمكن تخيله وتصوره من القسوة والتوحش ،جعلهم يحتقرونه أيما إحتقار، وكره لامثيل له ، نعم العنف يولد العنف والكره والتحقير والتوحش في مواجهة الارهاب ،وهكذا خرج اهل الموصل من كهوف الظلام وأقبية العهروالتخلف ولتوحش الذي عاشوه مع تنظيم داعش الاجرامي ، نعم الموصل تتعرص الى دمار وتدمير حقيقي ،على يد تنظيم داعش والطيران الامريكي، ولكنهم فرحون اكثر بتخلصهم من داعش وتوحشه ، نعم الدمار سمة التحرير ، والحرب ليست نزهة ،وكل شيء له ثمن ، وهذا ليس تبريرا لوحشية الدماروالخراب الذي تعرضت له الموصل، بغض النظر عمن كان وراءه، ولكن النتيجة النهائية هي الخلاص من تنظيم اجرامي وحشي بمعنى الكلمة ،كان من المكن (لولا هذا الخراب)، أن يبقى جاثما على صدور اهل الموصل قرونا طويلة،دون أن تستطيع أية قوة في الارض ،ان تزيله وتطرده منها ، لتوفر عناصر قوته وتطور آلته العسكرية من مئات معامل التصنيع والتفخيخ وكل انواع الاسلحة ومنها الطائرات المسيرة،مع قوة اتصالات هائلة وإمكانات عسكرية وتصنيعية كبيرة لعلماء عسكريين ،وقد حول داعش جميع أبنية الحكومة ودوائرها وجامعتها وكلياتها الى مصانع ومعامل عسكرية ،لصنع كل أنواع الاسلحة والصواريخ والقذائف والطائرات وغيرها ، مع وجود موارد مالية واقتصادية ،تقدر بمليارات هائلة لاتملكها دول عظمى ، وهذا ما جعل تنظيم داعش يركز ويجعل الموصل (عاصمة خلافته المزعومة الزائلة )، نعم لولا هذه التضحيات والدمار ،لم ولن يخرج داعش لمئات السنين من الموصل ،وستسقط مدن ودول اخرى على طريق الموصل والرقة ،وسيحققون حلمهم في (فتح روما).إن معركة الموصل ،هي معركة التدمير والتحرير معا من اجل مستقبل العراق كله، والمنطقة كلها ،والعالم كله وعلى العالم أن يعيد بناءها، إكراما لموقفها ووقفتها ،بوجه إعصار وتوحش داعش وهذا هو أضعف الايمان بالانسانية..ألم نقل إنها معركة تاريخية نيابة عن العالم كله …