2 نوفمبر، 2024 10:24 م
Search
Close this search box.

معركة العبادي المقبلة

معركة العبادي المقبلة

يقترب رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي رويدأً رويدأً من لحظة إعلانه عن تطهير كامل التراب العراقي من دنس عصابات داعش.

و يترقب الكثير من الأطراف المحلية و الدولية إجراءات العبادي في مرحلة ما بعد داعش، حيث تبرز تحديات كبيرة يتوجب على حكومته مواجهتها. فإعمار المدن المحررة و إعادة النازحين بعد توفير الأمن و الخدمات لمناطقهم يتصدر أولى تلك التحديات.

و تزداد كلفة الإعمار لتتجاوز الـ 100 مليار دولار على أقل تقدير ما يستوجب توفير آليات دقيقة لمنع تعرض تلك المبالغ لحالات من الفساد كالاختلاس و الهدر و الضياع.

و يعتبر الفساد الذي يعاني منه العراق من أخطر العوامل التي أدت لظهور داعش و احتلالها لثلثي أراضيه. فالفساد أنهك مؤسسات الدولة و في مقدمتها المؤسسة العسكرية لحساب تعزيز سطوة الإرهاب و سقوط آلاف الضحايا.

و لم تقتصر مسألة الإرهاب على العراق فحسب فقد انتشر خطره ليضرب بقاع العالم ما عزز القناعة دولياً بأن مكافحة الفساد في العراق لم تعد هماً محلياً و إنما هي قضية أمن عالمي ايضاً.

من هذا المنطلق فقد تسلم رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي العديد من الوثائق و الملفات المتعلقة بالفساد خاصة ما يتعلق بعقود جولات التراخيص النفطية و صفقات السلاح بالإضافة لملف المفوضية العليا المستقلة للانتخابات و البنك المركزي و غيرها.

و يعمل في العراق حالياً العديد من المحققين الدوليين على تلك الملفات ما سيساهم في توجيه الاتهامات لكبار الفاسدين المسؤولين عن اختفاء مئات المليارات من الدولارات من أموال العراق و توقف آلاف المشاريع الاستثمارية.

لذلك فإن أبرز ملامح مرحلة ما بعد داعش ستكون المواجهة المرتقبة بين رئيس مجلس الوزراء الدكتورحيدر العبادي و حيتان الفساد. و سيكون العبادي أمام تحد كبير لإثبات قدرته على ذلك خاصة و أنه قد أعلن في بداية تسلمه لحقيبته الوزارية عن استعداده لتقديم حياته ثمناً لذلك.

و لا نبالغ إذا ذكرنا أن مستقبل العراق لعقود من الزمن سيكون رهناً بمكافحة الفساد و نجاح العبادي في توفير السلم و الوئام الاجتماعي و تعزيز الشعور بالمواطنة.

بالمقابل من ذلك فإن الخيار الآخر سيكون بقاء الأحزاب الفاسدة و مزيداً من النزاعات المذهبية و العرقية و العشائرية.

إن الملفات التي تسملها العبادي من جهات دولية ستساعده في تضييق الخناق على كبار الفاسدين تمهيداً لملاحقتهم دولياً. لذلك يجب ألا يكون سعي العبادي لبناء الثقة و التحالفات قبيل فترة الانتخابات مبرراً لفقدان ثقة المجتمع الدولي الداعم لحكومته.

و إذا أراد العبادي أن يدعم نصره العسكري بآخر يعيد العراق إلى موقعه الحقيقي إقليمياً و دولياً فعليه أن يكون صارماً في محاسبة من تثبت إدانته من مسؤولين حتى لو كانوا من حزبه.
مواجهة يبدو أنها ستكون من أبرز ملامح توجهات العبادي في المرحلة المقبلة التي لا تقل خطورة عن مرحلة داعش.

أحدث المقالات

أحدث المقالات