الأحداث التي يمر بها العراق، تحتاج إلى جهد ووعي استثنائي لمواجهتها، والعبور إلى بر الأمان، حيث تختلط الأوراق، وتتشابك الأجندات، مما يحتاج إلى تدقيق وتمحيص القول والفعل، ليتمكن البلد من عبور هذه المرحلة، هذا يحتاج لمعرفة، الأهداف التي يراد تحقيقها، وهي بلد موحد ومجتمع منسجم.
اليوم حيث يدفع الشيعة ثمن باهض؛ دماء زكية في سبيل تحرير الأرض، التي لا يسكنوها، وربما بعضهم لم يرها طوال حياته.
يعاني السنة من واقع مرير؛ متمثل بالقتل والتهجير، وسلب الأموال والاعتداء على الأعراض.
واقع يفرض على الكورد؛ الانتقال إلى ساحة حرب، خارج الإقليم، بعض سكانها، ساهم في قتل الكورد، وتهجيرهم.
تحت هذا الواقع؛ تتعالى أصوات من كل الأطراف، بدون وعي وإدراك..
الشيعة لسان حال بعضهم؛ يتحدث عن سبب ذهابه ودفعه للتضحيات في ارض غير أرضه، لينسى؛ أن يتبع الإمام الحسين (عليه السلام)، الذي ترك المدينة ليقاتل في كربلاء، لأجل حفظ الدين وحفظ الإنسان، مهما كان انتمائه، وبأي ارض وجد.
يعترض آخر عن استيعاب المهجرين من أبناء المحافظات الأخرى، بحجة الخوف من اندساس الإرهابيين في صفوفهم.
البعض يتطرف؛ ضد النازحين، وان معظمهم كان يساند الإرهاب.
وآخر يستفهم؛ لماذا لا يذهبون هم للقتال، بدل النزوح إلى أماكن أخرى،
هذا ينسى؛ أن الإمام السجاد (عليه السلام)، استضاف بني مروان في بيته، إثناء واقعة الحرة، وهم من قتل أهل بيته وسبى نسائهم.
أن أبناء المناطق المحتلة؛ كثير منهم يقاتل الإرهاب، بعد أن اكتشف حقيقة الدواعش وقبلها القاعدة، وان احد وسائل تعرية داعش وشعاراته، إظهار الصورة الحقيقية، لأبناء الشعب وتعاونهم فيما بينهم وقوة الأواصر، التي تربطهم خلاف ما يقوله ويدعيه داعش.
أما لماذا لا يذهب الرجال للقتال، ويترك الأطفال والنساء في مواقع النزوح، مع أهمية مشاركة أبناء تلك المحافظات في تحرير محافظاتهم، لكن تبقى الظروف الخاصة حاكمة، منها المرض وعدم القدرة والخشية من التجربة، وهي حالة عامة؛ حيث لم يستجيب بعض أبناء الشيعة، لفتوى المرجعية بالجهاد الكفائي، رغم إتباعهم لها، وتوفر شروط الاستجابة لديهم، إذن من هذا وذاك؛ نجد أن الشعب العراقي، ملزم اليوم بالتفكير والتصرف الواعي إزاء الأحداث.
بالمقابل هناك أصوات سنية، تطالب بعدم مشاركة أبناء المحافظات الأخرى، وبالتحديد مجاهدي الحشد في تحرير محافظاتهم، رغم أن التجربة أثبتت؛ أن هؤلاء الرجال تمكنوا من تحقيق انتصارات باهرة، عجز عنها الأمريكان وتحالفهم، تحت ذريعة الخوف من التجاوزات، لكن الواقع البعيد عن إعلام داعش، يقول أن هناك تعاون وانسجام بين هؤلاء المجاهدين، وأبناء تلك المناطق، لذا ينبغي التحدث من ارض الواقع، لا من فضائيات الفتنة.
أن المرجعية الدينية في النجف الاشرف؛ ورجال الدين والساسة وشيوخ العشائر في ساحة المعركة، من أبناء المحافظات المحتلة، وليس في فنادق دول الجوار، يتحدثون ويفكرون بهذا المنطق، لذا نشاهد صورة واضحة، تتمنى أغلبية الشعب العراقي؛ أن تسود المشهد العراقي، وان تكون السمة الأبرز، في علاقة مكونات الشعب العراقي، وهو ما سيحصل؛ عندما ترتقي كل فئات المجتمع العراقي، إلى هذا المستوى الواقعي من القول والفعل..