23 ديسمبر، 2024 2:23 م

معركة الأنبار.. الاحتمالات والتوقعات

معركة الأنبار.. الاحتمالات والتوقعات

عموم محافظة الأنبار العراقية الغربية اليوم، ومدينة الفلوجة خصوصاً هي ساحة معركة شرسة بين ثوار العشائر ومليشيات المالكي، وهي معركة من جانب الطرف الحكومي ضد أهلنا في الأنبار، بكل ما تحمله هذه المفردة المقيتة من معان للقتل، والإرهاب، والتخويف، والتجويع، والتهجير، والاستخفاف بكرامة الإنسان ووجوده.
اليوم، وبعد أن ضربت قوات المالكي أهالي الأنبار بكل ما تملك من أسلحة برية وجوية، في حربها المستمرة منذ أكثر من (25) يوماً، مخلفة ورائها عشرات القتلى والجرحى وآلاف المهجرين؛ في مأساة ثالثة تعيشها مدينة الفلوجة بعد المأساتين الأولى والثانية اللتين وقعتا على يد قوات الاحتلال الأمريكية، فإن تهورها يجعلنا نجزم أنه لم يعد بالإمكان التفاهم معها؛ لأنها حكومة- كما علمتنا التجربة معها- لا تفقه إلا لغة السلاح والتهديد؛ وأن حربها في الأنبار قلبت الموازين في عموم الساحة العراقية.
الوضع في بلاد الرافدين يجعلنا نتحدث بوضوح عن بعض الاحتمالات المتوقعة، التي من الممكن أن تفرض نفسها على المشهد مستقبلاً؛ وخصوصاً بعد حملة المالكي العسكرية الطائفية ضد الأنبار، ومنها:
-الاحتمال الأول: المواجهة المسلحة المستمرة في الأنبار ستتوسع بطريقة، ربما لا تكون متوقعة؛ لكنها في كل الأحوال لا يمكن السيطرة عليها، وخصوصاً بعد تشكيل المجلس العسكري العام لثوار العراق، الذي يضم أكثر من عشرة مجالس منتشرة انتشاراً عنقودياً في عموم البلاد، وتأتمر جميعها بأوامر المجلس العام .
هذه التطورات ستفتح الباب على مصراعيه لمواجهة مفتوحة أرادها المالكي مع الشعب، والعراقيون أُجبروا عليها، بعد أن وجدوا أنفسهم أمام خيارين لا ثالث لهما، إما المواجهة، وإما البقاء تحت ذل المالكي وأجهزته القمعية.
– الاحتمال الثاني: المرحلة القادمة ستشهد الانتقال لمرحلة المناطق المحررة، والمقصود بها المناطق التي خرجت- وستخرج- من يد ميليشيات المالكي، التي تندحر يومياً أمام ضربات أبناء العشائر، وهذا بالمحصلة يضعف الحكومة المتمركزة في المنطقة الخضراء.
– الاحتمال الثالث: إعلان حالة الطوارئ؛ كما يتمنى المالكي، وحينها تؤجل الانتخابات القادمة المزمع إقامتها في نيسان القادم، وبذلك يضمن المالكي استمراره في الحكم لعامين على الأقل، بحسب الدستور الحالي.
– الاحتمال الرابع: نشوب الحرب الأهلية، وأعتقد أن هذه الفرضية قد ماتت، وأن ما يجري في الأنبار اليوم، ليست حرباً أهلية، وإنما هي حرب دفاع مقدس يخوضها أبناء العشائر ضد المليشيات الحكومية.
وهنا لابد من التأكيد على عدة أمور، منها:
– افتضاح مشروع المالكي الطائفي، بحجة أن ما يجري في الأنبار هي عمليات تطهير للمحافظة من “الإرهابيين”، وهذه الحقيقة أكدها رئيس وفد البرلمان الأوروبي للعلاقات مع العراق، ستروان ستيفنسون يوم 4/1/2014، حيث بين أن (الاختباء وراء الأكاذيب والافتراءات، التي يطلقها المالكي بأن تنظيم القاعدة هو الذي استولى على الرمادي والفلوجة ومدن سنية أخرى سوف يمهد الطريق لإبادة سكان العراق السنة).
– المعركة الحالية في الأنبار ستعيد روح التلاحم بين العراقيين، على الرغم من عدم وضوح هذه الصورة في هذه المرحلة؛ والدليل أن أبناء العشائر لم ينتقموا من الأسرى الذي وقعوا بأيديهم من مليشيات المالكي التي جاءت لقتالهم؛ بل أكرموهم وأعادوهم إلى ذويهم!
هذه التوقعات وغيرها ربما تكون في المرحلة القادمة، والذي يمكن تأكيده هنا هو أن على العراقيين أن يتكاتفوا، وينقوا صفوفهم من الشوائب، وإلا فلن تقوم لهم قائمة، حتى لو استمرت هذه الأوضاع الشاذة لمائة عام أخرى.
[email protected]