يبدو أن السيد حيدر هادي العذاري سفير جمهورية العراق في روسيا الاتحادية أراد كسر تقاليد السفراء العرب في العاصمة الروسية الذين يرفضون بإصرار لقاء رجال الصحافة الروس، ولا يفعلون ذلك إلا في ما ندر. ربما لأنه لا يوجد لديهم ما يقولونه لهم.وقد حدثت معجزة فعلاً حين عقد في نادي ”الشرق” بوكالة” نوفوستي” مؤتمر صحفي يوم 9 شباط 2017 وظهر السيد العذاري في إهاب ليس الدبلوماسي فقط، بل والباحث المدقق في شؤون العراق ومنطقة الشرق الأوسط.
إن الوضع في العراق يبدو غامضاً لدى رجال الصحافة الروسية وحتى لدى المختصين في العلوم السياسية الذين لا يزورون العراق ولا يعرفون الوضع فيه ميدانياً، لاسيما في فترة عصيبة كالفترة التي تلت الاحتلال الامريكي وظهور “ورم” في جسد الدولة العراقية اسمه ”داعش”. ولهذا وصف زميل روسي ظهور السفير العذاري أمام رجال الصحافة بأنه معجزة، إذ لم يقف سفير عراقي أمامهم منذ أعوام طويلة وربما عقود عدة.
لقد أراد السفير في استعراضه للعلاقات بين موسكو وبغداد خلال 70 عاما وبعد توقيع معاهدة الصداقة بين البلدين في عام 1972 أن يظهر أن روسيا كانت دوما بلداً صديقاً للشعب العراقي، وتواصل حتى اليوم مـد يـد المساعدة له سواء في مجال الطاقة ام في المجال العسكري. وذكر ايضا أنه يدرس في المعاهد العالية الروسية حاليا نحو 5 آلاف طالب في شتى الاختصاصات. وتقدم الحكومة الروسية 350 زمالة دراسية مجانية للعراق سنويا. ويتواصل عمل اللجنة الحكومية المشتركة ومجلس الاعمال الروسي – العراقي.
ولدى الحديث عن الوضع الراهن في العراق قال السفير ان الشعب العراقي بمختلف قومياته وفئاته يخوض حربا شرسة ضد عصابات مسلحة وليس ضد جيش نظامي. واحتلت”داعش”منذ عام 2014 نحو 40 بالمئة من مساحة العراق بدعم من جهات أجنبية وبعض ضعاف النفوس من العراقيين. انهم استغلوا الاسلام كغطاء لجرائمهم، لكن القوات المسلحة والبيشمركة وقوات الحشد الشعبي استطاعات خلال الاشهر الماضية تحرير غالبية المناطق ولم يتبقَّ سوى 15 بالمئة من المناطق في الموصل بمساعدة الاصدقاء في التحالف الدولي وروسيا. وقال السفير العذاري ان العراق يقاتل الارهاب نيابة عن العالم وحقق انتصارات كبيرة في الانبار والآن في نينوى. علما ان الارهابيين من داعش يمارسون افعالهم الهمجية ليس في العراق وسوريا فقط، بل وفي بعض البلدان الاوروبية والولايات المتحدة. وحذر السفير من وضع الحشد الشعبي في خانة الطائفية كما تحاول ذلك بعض وسائل الاعلام. فهو يضم في صفوفه ابناء مختلف الطوائف. من الشيعة والسنة والايزديين وغيرهم. وأكد على انه اصبح قوة ضاربة في القوات المسلحة العراقية واكتسب خبرة قتالية بيّنة. وحدد وضعه القانوني في قانون أقره مجلس النواب. وربما سيتم دمجه لاحقاً في القوات المسلحة للبلاد.
ولدى التطرق الى العلاقات مع دول الجوار اشار السفير الى ان العراق يصبو الى تقوية العلاقات مع الدول المجاورة ومنها الاردن والكويت والمملكة العربية السعودية وتركيا. وقد أُزيلت الجفوة مع تركيا بعد الاتفاق على انسحاب القوات التركية من شمال العراق.وتسعى القيادة العراقية الى عدم بقاء العلاقات مع السعودية وتركيا متشنجة.
وفي ما يخص الوضع في سوريا قال السفير ان موقف العراق من الأزمة السورية كان منذ البداية مشابهاً لموقف روسيا، وهو عدم التدخل هناك وحل المشاكل سلمياً. لكن ظهرت الجماعات الارهابية وتدخل بعض الدول مما أدى الى احتدام الوضع ووقوع الكارثة. وسوريا تواجه داعش مثل العراق. وقال ان القيادة العراقية تأمل في انتهاء الأزمة السورية على أساس الوفاق ووحدة اراضي البلاد عبر استانة وجنيف. ونفى العذاري وجود فصائل عراقية تحارب في سوريا الى جانب القوات الحكومية. وقال ربما يوجد هناك افراد ليست لهم اية صفة رسمية.
ونفى السفير لدى اجابته عن اسئلة الصحفيين استخدام السلاح الكيميائي في الموصل، كما أكد على انه لا صحة للأقوال حول تقسيم العراق،، بل ان هجوم”داعش”وحّد جميع القوى الوطنية في العراق. وظهرت الآن رؤية جديدة حول مستقبل البلاد. طبعا توجد خلافات مع قيادة كردستان وبعض القوى الأخرى لكن ستتم تسويتها عن طريق التفاوض والحوار الديمقراطي. والهدف هو تثبيت الاستقرار في العراق من أجل الانتقال الى اعادة البناء.
واشار العذاري الى معاناة المسيحيين في العراق واضطرار قسم منهم للهجرة، لكن قيادة البلاد تسعى الى خلق الاجواء الأمنية المناسبة للحيلولة دون تزايد هجرة المسيحيين وغيرهم من ابناء الأقليات.
كما تطرق ايضا الى وضع المرأة العراقية التي تشغل الآن مناصب قيادية في الحكومة والبرلمان. والحكومة تسعى دوما الى ابراز دور النساء في المجتمع.
نقلا عن صحيفة المدى