ان المتتبع للعملية السياسية في العراق يجد ان هناك شئ مبهم تنتهجه الحكومات المتعاقبة من بعد سقوط الطاغية مع الشعب العراقي ,ولانعلم حقيقة الامر ان كان هذا ما قد تم الاتفاق عليه مع الحكومة الامريكية بكل تفاصيل الخطط المستقبلية للعراق ,او هي اتفاقيات تمت بين الاحزاب والقيادات المتنفذة داخل العراق لتقاسم الكعكة على حساب الضمير الانساني لان لغة الاديان لاتنفع معهم ولعلنا نخاطب الضمير افضل لربما تكون هناك صحوة ضمير.كل قارئ للسياسات العالمية يجد ان هناك خططاً تُرسم لمستقبل الدول يطلق عليها احياناً الخطة الخمسية او الخطة العشرية ,وتكون هذه الخطط قد تمت الموافقة والتوقيع عليها من قبل صناع القرار(قوة خفية) في تلك الدولة ,واحيانا يتم الاعلان عن برنامج الحكومة الجديدة وماستقدمه للبلد ويكون هذا الرئيس او الحكومة وحتى لو كانت منتخبة لاتستطيع التحرك بالمطلق باتخاذ القرارات ومشروط عليها ان تعمل وفق الخطة التي رسمت من قبل صناع القرار(القوة الخفية) ولايمكن الانحراف عنها مهما كانت الاسباب او الظروف,وقد يعتبر البعض ان هذا الكلام هو من نسج الخيال وما هي الا اراء يطرحها كاتب اوشخص له معرفة بسيطة في علم السياسة وعلى كلا الفرضين , فالقارئ غير مجبرعلى تصديق ادعائنا هذا ,وقد يتبادر سؤال هنا وهو من هم صانعوا القرار في العراق؟
الجواب يعود بنا الى بداية تشكيل الحكومة حيث ان ذاكرتنا لازالت تعمل وان الشعب العراقي لم يُستشر بهذه التشكيلات الثلاثة رئيس الجمهورية ,رئيس الوزراء, رئيس مجلس النواب ,وفُرضت عليه هذه التقسيمات واصبحت واقع حال لايمكن تغييره ,او الاعتراض عليه ولانجد حتى اصلا قانونيا يمكن الاعتماد عليه في هذه التقسيمات وبقيت المسألة توافقية .فنفهم ان كل مايحدث داخل العراق هو غير قانوني بل توافقي ,وهذه هي ام الكوارث ,وايضا يمكن ان نقول ان المصالح الخاصة بين الاطراف هي الطريق والمنهج الذي يسيرون عليه, وبدا تقسيم العراق الفعلي بجعل ثلاث فرق تحكم البلاد دون اي اعتبار للوطنية اوالكفاءة فالمهم هو ان يكون شيعي سني كردي شعب واحد, بمعنى وبحسب علم اللاهوت المسيحي باسم الاب والابن وروح القدس اله واحد ,وانا لست هنا بصدد منقاشة دينية حول معتقد التثليث ,وانما هذه الاعتقاد لايمكن ان يصمد بالدليل الاسلامي ولايمكن ان نعتقد بان ثلاثة الهة في اله واحد, وكذلك لايمكن ان تكون ثلاث رئاسات مقسمة على اساس طائفي يمكن لها ان تصمد , وحتى وان صمدت لفترة سنرى ان هناك خروقات واضحة سوف تربك العملية السياسية كلها ,كما بينا سابقا لاقوانين تحكم وانما توافقات وليس توافقات سياسية بل مصلحية فردية بحته ,وهناك شواهد كثيرة على هذه الخروقات ليس محل ذكرها الان.
نعود الى صلب الموضوع الذي كان عنوانا لنربط ماذكرناه مع قضيتنا الان. وهي معتقلي رفحاء,هذه القضية التي تم البت فيها بعد صراع طويل ومعارك برلمانية بين من طالب بتشريع يضمن حقوق هذه الشريحة المضطهدة في وقت صدام وحتى الان وبين من رفض الامر برمته جملة وتفصيلا وبين من اراد ان يدخل قضية معينة تخص طائفته او معتقده ليساوم من خلالها على الموافقة. والمشكلة الحقيقية تكمن في الاخيرة وهي لب الموضوع وسبب كل عمليات الاستخفاف والمماطلة التي جرت لحل هذه القضية والبدء بتنفيذ القانون الذي شمل ابناء رفحاء وضمهم الى السجناء السياسيين ,وللاسف الشديد لايوجد من يملك الجرئة من السياسيين وبالتحديد الشيعة ليخبرنا عن الخطط العشرية التي وقعوا عليها مع الحاكم السابق الامريكي(بريمر) فهناك امورا قد تمت وتم التوقيع عليها, ولايمكن التنصل منها, وكمثال نحن نعلم بان حل الجيش السابق لم يات اعتباطيا او قرارا منفردا من (بريمر) ,بل وقع عليه من السياسيين الشيعة قبل السنة ((لم اذكر الكرد لسبب بسيط وهو ان ضمن الاتفاقيات التي وقعوا عليها هو ان يكون الاقليم مستقلا,وتفاعله داخل العمليةالسياسية صوريا لا اكثر )),
فتوافق الاطراف على ان يحل الجيش ارضاء للشيعة باعتبار ان ذلك الجيش كان عبارة عن الحرس الجمهوري وفدائيي صدام وهؤلاء هم من اضطهد الشيعة ,وارضاء للسنة قاموا بتعويض فدائيي صدام واعطائهم حقوق وباثر رجعي ايضا,ومن هنا كانت البداية باثارة التساؤلات كيف يمكن ان يتساوى من كان يخدم صدام بل يفضل على غيره ؟مع من قام بالانتفاضة وحمل السلاح ضد النظام الصدامي وهاجر الى بلدان اخرى وتحمل معاناة الغربة بكل معانيها؟ وهؤلاء هم معتقلي رفحاء في (المهلكة العبرية التعوسية)التي اصبحت المأوى ثم اصبحت معتقلا للشرفاء. فلم تكن هجرتهم ثم سجنهم هناك رغبة وبانتظار من يعوضهم بل كان اتكالهم على الله, وليس على من سيعوضهم تلك السنين ,ولكن بما انها حالة انسانية استثنائية واسوة بغيرهم من الذين حصلوا على حقوق معينة ومن خلال قوانين مشرعة قانونا اصبح لهم الحق بالمطالبة بهذا الحق ليس اكثر ,ولكن عندما تتم حالة من الاستهتار بالقانون وكثرة عمليات التسويف والمماطلة واستحداث طرق من شأنها عرقلة ترويج المعاملات صار لزاما ان نتسائل عن مؤسسة السجناء السياسيين,اولا :كم مسؤول قد استلم رئاسة المؤسسة في ظرف اربع سنوات؟ ثانيا:ماهي انجازات هذه المؤسسة؟ ثالثا:هل اصبح العراق عقيما حتى يتراس هذه المؤسسة من يمتلك منصبين او اكثرفي الدولة كما حصل مع صفاء الدين الصافي حيث استلم وزارة الدولة لشؤون مجلس النواب ورئيس مؤسسة السجناء العراقيين ,وتكررت الحالة مع محمد شياع السوداني وزير العمل والشؤون الاجتماعية ورئيسا ايضا لمؤسسة السجناء خلفا لصفاء الدين الصافي؟؟؟ رابعا :هل طبقت نفس القوانين على فدائيي صدام كما تطبقها الحكومة كلها وليس المؤسسة وحدها ,على معتقلي رفحاء؟ رابعا :لماذا فدائيوا صدام لهم الحق ولهم الاولوية في استلام حقوق ماكان من المفروض ان يستلموها؟ اين صعوبة مطابقة الاسماء المسجلة في الامم المتحدة او المنيفيست مع القوائم التي قدمت عن طريق الاستمارة الالكترونية؟ خامسا :لمذا لاتكون ادارة المؤسسة من قبل احد السجناء السياسيين او حتى ادارة فروعها في المحافظات؟ سادسا:لماذا لاتشكل لجان من سجناء رفحاء في محافظاتهم؟ سابعا :لماذا لايعتمد العمل وفق الاستمارة الالكترونية؟ ثامنا :لمذا لاتوضع الية لانتخاب اللجان المختصة بشؤون رفحاء من ابناء رفحاء انفسهم؟ تاسعا :الالية المستخدمة باعلان الاسماء محبطة جدا ولايمكن قبولها مطلقا فعندما يعلن عن مئة اسم شهريا من مجموع 28 الفا فهذا يعني اننا سنحتاج الى 23 سنة تقريبا لاعلان الاسماء فقط وليس استلام الحقوق فهل هذا منطقي؟ هذه الاسئلة كلها وغيرها لم نجد لها جوابا مقنعا يمكن ان يكون عاملا مساعدا لامتصاص غضب ابناء رفحاء او يعطيهم املا يعيشون عليه,ثم ماهذه الطريقة التي تتعامل من خلالها مؤسسات الدولة من احتقار واستهانة بهذه النخبة الطيبة؟ التي كان لها الدور الكبير في ايصال ونشر القضية العراقية الى العالم كله وفعلت مافعلت من اضرابات عن الطعام ودعوة الامم المتحدة والاتصال بوسائل الاعلام خفية وبطريقة لايعلمها الا ابناء رفحاء كيف حصلت ,لم يكن لكل السياسيين العراقيين الذين استلموا مناصب عليا في الدولة اي دور في حالة التغيير كما فعل ابناء رفحاء وحتى لو كان للقسم منهم دور فمرجعه ابناء رفحاء حيث لم تكن لهم قواعد شعبية لا في رفحاء ولا في الخارج مطلقا اقولها بملئ الفم لم تكن لديهم قواعد شعبية مطلقا. ان حالات الاعتصام والمظاهرات وماتقوم به وسائل الاعلام اليوم من الحديث عن هذه القضية ياتي نتيجة الغبن والتعسف والاستهانة والاستخفاف والاهانة لهؤلاء الشرفاء ,والانسان الحر يأبى ان يعيش الذل والهوان. فكل الاعذار ,وجميع الابر المخدرة سوف لن تنفع. ولا اعتقد بانها ستؤدي الى نتيجة مالم تستجيب الدولة بكل مؤسساتها المعنية وعلى رأسها رئيس الوزراء للمطالب التالية:
اولا : التغيير الفوري لرئيس مؤسسة السجناء السياسيين وعلى ان يكون سجينا سياسيا وليس شرطا ان يكون من ابناء رفحاء ولكن لابد من ان يكون احد ابناء رفحاء اما رئيسا او نائبا للرئيس له صلاحيات الرئيس.
ثانيا : يتم انتخاب اللجان الفرعية في المحافظات من قبل ابناء رفحاء والمرشحين من الذين شاركوا في المظاهرات ومن اهل الاختصاص في القانون.
ثالثا : الاعتماد على الاستمارة الالكترونية التي قدمها ابناء رفحاء لمطابقتها مع الاسماء الواردة من الامم المتحدة او الصليب الاحمر الدولي.
رابعا : نشر 200 اسم يوميا على اقل تقدير من خلال القنوات الاعلامية المختلفة لانه ليس من المقنع او المنطقي ان ننتظر 23 سنة بناء على عرض المؤسسة 100 اسم شهريا.
خامساً :الغاء فقرة المسائلة والعدالة لانها لاتشمل معتقلي رفحاء لسبب بسيط جدا وهو: انه يكفي حملهم السلاح ضد البعث الكافر. وهجرتهم الى رفحاء وحدها تكفي لان تكون تزكية لهم , لان الاصل هو اجتثاث البعث فغُير الى المسائلة والعدالة .
سادسا :تحديد وقت زمني لعمل اللجان والمباشرة بالتصديق.
سابعا : الغاء طريقة فرز الاسماء على اساس الفترة الزمنية التي قضاها المعتقل في رفحاء ويعامل الجميع على حد سواء مستثنين من ذلك شهداء رفحاء.
ثامناً :تغيير جميع الموظفين السابقين بالجملة واستبدالهم بالسجناء الحقيقيين على ان تكون مجموعة من ابناء رفحاء ضمن الموظفين الجدد.
تاسعا :هناك بعض الاخوة من ابناء رفحاء كانوا قد استخدموا اسماء حركية تختلف عن اسماءهم الحقيقية بالامكان معالجتها عن طريق الشهود وبشرط ان يكونوا من ابناء رفحاء.
عاشرا :الغاء اوتقنين فقرة القيد الجنائي لانها اصبحت من الفقرات التي جُعل منها عثرة في سبيل تاخير الاجراءات.
هذه هي ابرز المطالب التي تحمل وجهة نظري الخاصة كاحد الذين كانوا في رفحاء وقد لاتعبرعن مستوى طموح الاخوة الرفحاويين لكن النتيجة التي نبحث عنها جميعا هي ان لايكون هناك تسويف للقضية ولانقبل بان تستمر اللعبة والمماطلة ل 24 سنة قادمة.