23 ديسمبر، 2024 1:55 ص

معايير حكومية لشرعنة ثقة الشعب بها

معايير حكومية لشرعنة ثقة الشعب بها

سأل احد حكام الصين القدماء ويدعى تزه- كونج الحكيم كونفوشيوس عن الحٌكم ، فكان رده : لابدً للحكومة من ان تحقق امورا ثلاثة : ان يكون لدى الناس كفايتهم من الطعام ، وكفايتهم من العتاد الحربي ، ومن الثقة بحكامهم . فقال تزه – كونج : فإذا لم يكن بُدً من الاستغناء عن احد هذه الشروط ، فأي هذه الثلاثة يجب ان تتخلًى عنه اولا ؟ فأجاب المعلم : العتاد الحربي . وهذا الحوار من ابرز الادلة التاريخية على ضرورة مراعاة الحاجات الاساسية للامم .

من هذا نستنتج ان اهم حاجة من الحاجات الرئيسة توفرها الحكام لشعوبها الثقة بهم وبأفعالهم . وهنا يبرز السؤال .. ماهو مدى ثقة المواطن العراقي بحكوماته وعلى مدار عقود من الزمن ؟ ان اجابة هذا السؤال نجده لدى رجل الشارع البسيط وهو ( لاتوجد ثقة اطلاقا ) . والثقة السياسية كما اطلقها اصحاب الفكر هي ثنائية القطب طرفيها الشعب والحكومة  . وعدم الثقة السياسية بينهم بسبب التقييم السلبي للسياسات العامة من قبل المواطنين الذين يرون تناقضاً بين المأمول والواقع، حيث يثق المواطنون في الحكومة عندما يشعرون بأنها تعالج القضايا بكفاءة، ويفقدون الثقة فيها عندما يشعرون بأنها مسئولة عن الاتجاهات غير المرغوب فيها، وأن حالة نقص الثقة السياسية النفسية أو العقلانية تؤدي إلى انعدام الثقة في المؤسسات السياسية المختلفة. وفي هذا الإطار عرَف جاك سيتري إنعدام الثقة على أنها حالة من العداء تجاه القادة السياسيين والاجتماعيين ومؤسسات الحكم والنظام ، والتي تعبر عن حالة من سخط الرأي العام تجاه النظام بسبب فشل الحكومة في “تلبية احتياجات” أو “تلبية توقعات” المواطنين الأمر الذي يؤدي إلى تآكل الشرعية السياسية، كما أوضحت بعض الأدبيات أن غياب الثقة السياسية بين أعضاء العمل السياسي مؤشر على تشبع النخبة الحاكمة بثقافة الاصطفاء السياسي، ونفي الآخر واستبعاده .

وأوضحت بعض الأدبيات تعدد أسباب تآكل الثقة السياسية، والتي تختلف باختلاف النظام السياسي والظروف السياسية من دولة إلى أخرى، إلا أنه من الممكن أن تكون هناك أسباب مشتركة ومنها  الفوضى الحزبية والصراعات السياسية بين الكتل والأحزاب والتيارات التي تشارك في العملية السياسية، فقد تهدف هذه الصراعات إلي تعطيل عمل الحكومة وفشلها، مما يجعل المواطن يتذمر من السلطة الحاكمة صاحبة القرار، إلي جانب ضعف السلطة التشريعية أمام السلطة التنفيذية، الأمر الذي يجعل البرلمان لا يمثل الوجه الحقيقي للشعب، ويساعد على توسيع الفجوة بين المواطن والمؤسسة السياسية، وتكريس أزمة الثقة السياسية بين الشعب والحكومة.

وأضافت بعض الدراسات أن عدم قيام الحكومة بتحقيق وتنفيذ احتياجات المواطنين، وعدم استقلالية القضاء، وزيادة نفوذ الأجهزة الأمنية والبوليسية، وتفشي الفساد السياسي يعتبر من أهم الأسباب والعوامل التي تؤدي إلى انخفاض وتآكل الثقة السياسية.

ويمكن تلمس بعض مظاهر ضعف الثقة تجاه الحكومات العراقية المتعاقبة لجهة ما يتعلق بتحسين مستوى المعيشة ورفع مستوى الأداء الاقتصادي للمؤسسات وممارسة سياسة اقتصادية شفافة وواضحة تساعد في تخفيف حدة الصعوبات التي واجهت المجتمع العراقي طوال السنوات الماضية، ما دفع بالمواطنين، في كثير من الأحيان، إلى عدم الأخذ على محمل الجد بالإجراءات أو القرارات أو التصريحات الصادرة عن الحكومة أو عن اجتماعاتها أو لجانها .

وسوف تكشف نتائج المظاهرات والاحتجاجات التي عمت محافظات الوسط والجنوب مدى قدرة الحكومة على تحقيق رغبات المواطن، من خلال تحسين واقعه الاقتصادي والاجتماعي، وتحقيقها العدالة الاجتماعية والإنصاف. ومدى قدرة السياسات والإجراءات الفعلية، على تحقيق أهداف الحكومة المعلنة، ومدى انسجامها مع التصريحات الحكومية الرسمية. وجدية الحكومة في التصدي للفساد .

يُعد مفهوم الثقة السياسية أحد المفاهيم المهمة في ظل ما تشهده الدولة في عالم الجنوب من أزمات واتساع فجوة الثقة السياسية بينها وبين المواطنين،

كما تشير أيضا إلي توقعات المواطنين لنمط الحكومة التي ينبغي أن تكون عليه، وكيف ينبغي للحكومةأن تعمل وتتفاعل مع المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية، ومع مجموع المواطنين وسلوك الموظفينالمدنيين.

تشير بعض الأدبيات إلي الثقة السياسية علي أنها اعتقاد المواطنين بأن الحكومة أو النظام السياسيسيعمل بأسلوب يتسق مع توقعاتهم، والمواطنون الذين يثقون في الحكومة أكثر عرضة للإمتثال للقوانينويتابعون المبادرات الحكومية [1] ، وأن الثقة السياسية تمثل التوجه العام للمواطنين نحو الحكومة،ويقوم هذا التوجه بناء علي التوقعات المعيارية للحكومة [2]. وعلي الجانب المقابل يتم تعريف عدم الثقةالسياسية علي أنها التقييم السلبي للسياسات العامة من قبل المواطنين الذين يرون تناقضاً بينالمأمول والواقع، حيث يثق المواطنون في الحكومة عندما يشعرون بأنها تعالج القضايا بكفاءة، ويفقدونالثقة فيها عندما يشعرون بأنها مسئولة عن الاتجاهات غير المرغوب فيها، وأن حالة نقص الثقةالسياسية النفسية أو العقلانية تؤدي إلي انعدام الثقة في المؤسسات السياسية المختلفة، وفي نهايةالمطاف تتحول إلي انعدام الثقة في النظام السياسي ككل S.Feldman, “The Measurement and Meaning of Political Trust”, Political Methodology,VOL. 9,1983, P.54 . وفي هذاالإطار عرَف جاك سيتري Jack Citrin إنعدام الثقة علي أنها حالة من العداء تجاه القادة السياسيينوالاجتماعيين ومؤسسات الحكم والنظام [3]، والتي تعبر عن حالة من سخط الرأي العام تجاه النظامبسبب فشل الحكومة فيتلبية احتياجاتأوتلبية توقعاتالمواطنين الأمر الذي يؤدي إلي تآكلالشرعية السياسية، كما أوضحت بعض الأدبيات أن غياب الثقة السياسية بين أعضاء العملالسياسي مؤشر علي تشبع النخبة الحاكمة بثقافة الاصطفاء السياسي، ونفي الآخر واستبعاده[4].

يقصد بالثقة السياسية ذلك الجانب من بنية الثقة الذي يوجد بين الأفراد والمؤسسات السياسية [14]،وهي تمثل سجلاً لتسجيل إخفاقات ونجاحات الحكومة علي مدار الوقت، وبالتالي تعتبر القراراتالسياسية والسياسات العامة جزءاً من عملية التقييم السياسي للأداء الحكومي، الأمر الذي يؤثر فيدرجة الثقة بين أطراف العملية السياسية.

وأوضحت بعض الأدبيات تعدد أسباب تآكل الثقة السياسية، والتي تختلف باختلاف النظام السياسيوالظروف السياسية من دولة إلي أخري، إلا أنه من الممكن أن تكون هناك أسباب مشتركة ومنها [22] الفوضي الحزبية والصراعات السياسية بين الكتل والأحزاب والتيارات التي تشارك في العمليةالسياسية، فقد تهدف هذه الصراعات إلي تعطيل عمل الحكومة وفشلها، مما يجعل المواطن يتذمر منالسلطة الحاكمة صاحبة القرار، إلي جانب ضعف السلطة التشريعية أمام السلطة التنفيذية، الأمرالذي يجعل البرلمان لا يمثل الوجه الحقيقي للشعب، ويساعد علي توسيع الفجوة بين المواطن والمؤسسةالسياسية، وتكريس أزمة الثقة السياسية بين الشعب والحكومة.

وأضافت بعض الدراسات أن عدم قيام الحكومة بتحقيق وتنفيذ احتياجات المواطنين، وعدم استقلاليةالقضاء، وزيادة نفوذ الأجهزة الأمنية والبوليسية، وتفشي الفساد السياسي يعتبر من أهم الأسبابوالعوامل التي تؤدي إلي انخفاض وتآكل الثقة السياسية [23]. وفي هذا السياق، ذهب بعضالباحثين إلي أن أحد أسباب تآكل الثقة السياسية يرجع إلي غياب الثقة الاجتماعية في المجتمع.