22 نوفمبر، 2024 6:00 م
Search
Close this search box.

معالجة النائب المريض على نفقة الدولة خارج العراق

معالجة النائب المريض على نفقة الدولة خارج العراق

لقد تم الكشف عن حالات إستغلال بعض أعضاء مجلس النواب ، لمنصبهم البرلماني في إستخدام المال العام لمصالحهم الشخصية بدون وجه حق ، لغياب تطبيق القانون أو تطبيقه خارج إطار الإستحقاقات القانونية والطبيعية للمواطنين ، حيث إتضح ومن خلال ما كشفه النائب ( جواد البزوني ) بتأريخ 9/10/2013 من على شاشة الفضائية البغدادية ، بإعتباره المكلف رسميا بالتحقيق بشأن الموضوع ، من أن عددا غير قليل من أعضاء مجلس النواب ، تقدموا بطلبات صرف مبالغ لغرض العلاج ، بدون تحديد نوعية المرض الذي يشكوا منه النائب مقدم الطلب ، أو مكان العلاج ، إضافة إلى عدم تقديم المستمسكات الثبوتية الرسمية التي تثبت صرف تلك الأموال لأغراض العلاج ، كما لم يكن ذلك بتوصية من قبل لجنة طبية رسمية مختصة داخل العراق ، مما يشكل مخالفة واضحة وصريحة لتعليمات وزارة الصحة ، مطالبا النواب بإعادة تلك المبالغ لعدم إستحقاقهم لها ، والتي تراوح المصروف منها لكل نائب حسب قوائم الصرف الصادرة من مجلس النواب بين ( 2 – 77 ) مليون دينار عراقي ، مع إن بعض مطالبات المبالغ المصروفة تتعلق بمعالجة زوجة النائب أو إبن النائبة ؟!.

إن الموضوع مما يتوجب حكم القضاء فيه ، لقيامه على إستغلال المنصب في تحقيق المصالح والمنافع الشخصية على حساب الصالح العام ، والهدر الكبير للأموال المخصصة للنفع العام ، وما ترتبه الإجراءات الجزائية على الحنث باليمين الدستورية ، ليس فيما يتعلق بالنواب المعنيين فقط ، وإنما بحق من وافق على صرف المبالغ المذكورة بدون وجه حق أو سند قانوني معتبر ، ولأن خيانة تمثيل الشعب في السلطة التشريعية تستوجب ضعف العقاب ، فإن أقل ما يمكن الحكم به بعد إسترداد المبالغ المصروفة ، هو حرمانه من الترشيح لإنتخابات عضوية المجلس في الدورات القادمة ، وعدم تبوء أي منصب أو موقع أو مركز وظيفي في الدولة .

لقد نصت المادة (1) من قانون مجلس النواب رقم (50) في 3/9/2007 ، على أن ( تسري أحكام قانوني الجمعية الوطنية رقم (3) (1) و (12) لسنة 2005 (2) على أعضاء مجلس النواب ، إعتبارا من تأريخ أداء اليمين الدستورية لأعضائه ) ، ونصت المادة ( 5 ) من القانون رقم (3) لسنة 2005 المذكور آنفا ، على أن ( تتكفل الجميعة الوطنية بمعالجة العضو داخل العراق أو خارجه ، في حالة إصابته بمرض خطير ، أثناء دورة الجمعية الوطنية ، بناء على قرار صادر من لجنة طبية رسمية مختصة ) . كما إن معالجة العضو داخل العراق أو خارجه على نفقة الدولة ، تتحدد على وفق النص القانوني أعلاه بما يأتي :-

1- إصابة العضو بمرض خطير أثناء دورة مجلس النواب ، إعتبارا من تأريخ أداء النائب اليمين القانونية ، وليس قبل أو بعد إنتهاء دورة مجلس النواب ، أو إجراء عمليات التجميل ؟!.

2- أن تكون الإصابة بالمرض الخطير محددة بموجب قرار صادر من لجنة طبية رسمية مختصة .

3- يتكفل مجلس النواب بمعالجة العضو فقط ، داخل العراق أو خارجه فقط بموجب القانون المذكور ، وليس معالجة أحد أفراد أسرته أو أحد أقربائه أو حاشيته .

إن عضو مجلس النواب مواطن قبل أن يتصف بلقب المنصب النيابي ، ولكن رعاية الدولة للمرضى ومنذ زمن بعيد ، ضمنت معالجة المواطنين في المستشفيات الحكومية ببعض التكاليف ولغاية المعالجة المجانية ، وتكفلت بالمعالجة خارج العراق على نفقة الدولة ، في حالة تعذر المعالجة داخل العراق ، نظرا لعدم وجود الوسائل اللازمة ، أو عدم وجود الأخصائيين ، وعلى وفق سياقات عمل محددة بإجراءات معلومة ، وسواء كان المواطن من عموم الناس أو موظفا أو ذو منصب رفيع أو ذو شأن ، فإنه يخضع لذات الإجراءات الصحية والعلاجية للبشر ، مع مراعاة أولويات حالات التمييز في الإجراءات الإدارية أو الفنية أو الخدمية التي تفرضها الإمتيازات الخاصة ، الممنوحة من قبل الدول المتخلفة لذوي النفوذ فيها ، ومنها العراق للأسف الشديد ، وفي موضوع بحثنا على وجه التحديد ، فقد تضمن كتاب وزارة الصحة / دائرة الأمور الفنية / قسم اللجان الطبية المرقم (1468) في 25/10/2007 ، الخاص بإعتماد الضوابط المشار إليها في إعمام الدائرة المذكورة ذي العدد (111) في 5/2/2007 ، فيما يتعلق بإختيار الحالات المرضية التي تتم معالجتها خارج العراق ، حيث تم تحديدها بالحالات التي تحتاج إلى تداخل جراحي لا يمكن إجراؤه داخل العراق , والتي يتوقع إستفادة المريض من العلاج بنسبة عالية ، كما أكدت وزارة الصحة / اللجنة العليا لعلاج المرضى ، بموجب كتابها المرقم (147) في 29/1/2008 ، على عدم إرسال الحالات التي يتوقع أن تكون نسبة الإستفادة من المعالجة ضئيلة (POOR PROGNOSSIS ) …

ولا ندري كيف نصنف طلب عضو مجلس النواب ، وإجراءات المجلس بصرف نفقات العلاج بشكل مباشر للنائب ومن المال العام ، إلا كونها مخالفة لكل السياقات المعمول بها قبل الإحتلال وبعده ، بما فيها ما هو خارج حدود المألوف من الإجراءات ، التي تمنع المريض من توليه معالجة نفسه على نفقة الدولة ، وبالطريقة التي يراها هو ملائمة لوضعه الصحي أو المادي ، وبدون تقديم الوثائق والمستمسكات الصحية المطلوبة ؟!، شأنه في ذلك شأن المعالجة على النفقة الخاصة ، وكأن بيت المال إرث أو مال مستباح ، حين يقول أحد النواب المتسلم مبلغا قدره (70) مليون دينار بناء على طلبه ، إن خزينة الدولة تبلغ (140) مليار دولار ، والعلاج يكلف (5-10) مليون دينار ، إلا إنه لم يعيد المتبقي من المبلغ المصروف له والبالغ (60) ستون مليون دينار إلى خزينة الدولة ، على إفتراض صرفه مبلغا قدره (10) عشرة ملايين دينار ، والأغرب من ذلك تصنيف تلك الأموال من قبل رئيس لجنة النزاهة البرلمانية ، بعد تكليفه برئاسة اللجنة التدقيقية لمصروفات العلاج ، على إنها ( سلفة ) واجبة السداد ، عند عدم تقديم دعي المرض (المتمارض) ما يثبت مرضه وصحة قوائم مصروفات مبالغ علاجه خلال مدة شهر من تأريخ تبليغة ، مصدقة من قبل الجهات الرسمية المختصة داخل وخارج العراق لغرض إجراء التسوية الحسابية ، على الرغم من مخالفة ذلك لكل الأسانيد القانونية والإجراءات الإدارية التنظيمية المعتمدة ، وما يشكله الحل المقترح من مداهنة ومحاباة وإلتفاف على موجبات المساءلة القانونية ، لأن الموضوع من إنتهاكات الحماية المدنية والجنائية للمال العام من قبل أعضاء مجلس النواب ، لعدم إستيفاء كيفية الصرف لشروط التسليف والسداد من حيث المعنى والمبدأ القانوني والمحاسبي المالي في إلتزام موجبات الحيطة والحذر ، مع عدم صحة وسلامة معالجة حالة إنتهاك القانون بمثل هذا السخاء المادي ، الذي يشكل خرقا فاضحا لما يوجب المساءلة والعقاب والإسترداد ، لأن أموال الخزينة العامة مخصصة للنفع العام وليس الخاص ، وهي بذلك لا تملك بالتقادم ، ولا يجوز الحجر عليها أو التصرف بها لغير أغراضها ، وعلى مجلس النواب بصفته التشريعية ، أن يكون أكثر وأشد الجهات الرسمية حرصا على تطبيق القانون ، وليس الإلتفاف عليه بمعالجات خاصة ، لا تنطبق إلا على أعضائه ؟! .ولا ندري ما الذي تم بشأن الخروقات الفاضحة خلال الدورة الإنتخابية 2014- 2018 ، وما هو مصير الأموال المصروفة بغير وجه حق ؟!. وهل ستكون مسيرة النواب الجدد في الدورة الإنتخابية 2018- 2022 على خطى أسلافهم ، أم سيتم تصحيح المسار ، على وفق أحكام القانون والقضاء ؟!، ونحن في الإنتظار .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- نشر القانون في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (4002) في 16/8/2005 .

2- نشر القانون في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (4008) في 2/11/2005 ، وصحح رقمه إلى (12) بدلا من (13) بموجب البيان المؤرخ في 1/1/2006- المنشور في الجريدة المذكورة بالعدد (4015) في 17/1/2006 .

أحدث المقالات