24 مايو، 2024 10:51 ص
Search
Close this search box.

معارض مدى الحياة / الحلقة /  3

Facebook
Twitter
LinkedIn

أمرت السرية بالأنبطاح على الأرض صارخاً : انبطح ، وأنا معهم ثم رفعت يدي فتوقف عن الرمي وقال : تعال أنت ….. فأقتربت منه وقلت : ( أخي لا حاجة للرمي احنا جايين لاجئين معتزلين الفتنة )…. قال : ( هيك گالوا الحرس الجمهوري في منطقة الخفجي وغدروا بربعنا وقتلوهم  لكن الحمد لله انكم تختلفون عنهم )، ثم عرفني بنفسه قائلاً ( أنا رئيس عرفاء عبد الرزاق  …. ثم سألني : هل عندكم سلاح ؟ قلت : لا رمينا كل الأسلحة قبل الحدود وما بقي الا مسدسي هذا فقط  ، هل تاخذه أنت والا أنا أعطيك اياه ؟؟؟ قال : لا خلاص أنت أعطيني اياه …. فنزعت المسدس مع غلافه من النطاق ( الحزام ) وأعطيته فقال : لو سألك أحد لا تقول له معك سلاح أنا أبغى هذا المسدس لو سمحت …   قلت : مو مشكلة ولا يهمك  . ثم قال : تدري المسافة طويلة للحدود ؟؟؟ وكيف مشيتوا هالمسافة كلها ؟؟ حنّا رايحين لحفر الباطن وهي جداً قريبة من هنا رايحين ناخذ أكل وفواكه لربعنا بالمخفر ….. ثم أتصل بقائده لاسلكياً فلم يستطع فطلب مني أن نبقى في مكاننا لينتقل هو بسيارته على مرتفع ليتصل بآمره ….. قلت : براحتك ….. وفعلاً تم الأتصال وبعد فترة انتظار جاءت عدة سيارات لنقلنا الى قاعدة حفر الباطن ، فترجّل الآمر ( رائد حرس حدود سعودي وكان اسمه  دحّام )  من سيارته وسلّم عليّ وأحتضنني وبكى وقال نصاً : (( الله يلعن صدام اللي حطكم بهيك موقف ، أنتم أهلنا أنتم أخوتنا لكن الملعون خرّب الأمة برعونيته )) قلت : الحمد لله على كل شيء لكن نريد الوصول الى القاعدة العسكرية لغرض الراحة بعد المسيرة الطويلة  …قال لا والله ما نتحرك الا بعد ما تاكلوا ففتح سيارته واذا بخيرات الله من الأطعمة والفواكه وأنواع العصير والمعلبات وقال : بسم الله  … فتناولت نصف موز وشربت قليلاً من الحليب وقلت الحمد لله ، وتناول أفراد سريتي بعض الأطعمة وأكلوا حتى شبعوا  ، ثم انطلقنا باتجاه قاعدة حفر الباطن دخلنا القاعدة وكانت ملعباً رياضيّاً كبيراً استخدم للأغراض العسكرية فأستقبلنا العميد عثمان قائد المعسكر في استقبال مهيب وقدمني لكافة ضباطه وأذكر منهم العقيد حسين والمقدم محمود والنقيب حسن والأمير ملازم أول سلطان بن محمد آل سعود ثم دعاني العميد لمكتبه وجلست معه في المكتب ، وأوصى ضباطه برعاية جنود سريتي وتقديم أفضل الخدمات لهم  ، ثم نادى على الأطباء فجاء طبيبان مصريان فقال لهما : افحصا نقيب كامل قاطع الصحراء أكيد ضغطه تغير  أو  تعب من المشي ….. وتم فحصي واجراء اللازم ثم جاء ( صبّاب القهوة ) وأعطاني فنجاناً مملوءاً بماءٍ أصفر ، استغربت فضحك العميد وقال : هاذي ما هي قهوتكم السودة الثخينة هذه القهوة السعودية اشربها بالهنا ….شربتها  …ثم صب لي العقيد حسين فنجانا آخر  قائلاً  : أنت عربي وفنجاني ما ينرد فتجرعته ثم أمر العميد بذبح الذبائح وطبخها وبعد قليل وصل الطعام رز وعليه لحم الخروف  فأكلنا سوية في مكتب العميد ومع كل لقمة أسمع منه ومن ضباطه : ( يا كامل أنت أخونا …أنت بين أهلك … نستحلفك بالله أن ما تحس انك بغربة ..هذا بلدك واحنا أهلك وان شاء الله أيام وتزول هالغمة وتعود  لأهلك سالماً غانماً ) ، ثم أمرهم قائد المعسكر بتهيئة غرفة لي ،طلبت سجادة صلاة فجائني بها أحدهم  ،  وبعد دقائق جائني العقيد حسين لأخذ معلومات وكان أول سؤال هو : اسمع يا نقيب كامل أبغاك توصف لي رجال الحرس الجمهوري ؟ يعني أجسامهم وطولهم وعضلاتهم ؟؟ حسبته يمزح فضحكت وقلت : ماذا تقصد ؟ هم بشر مثلي ومثلك .  قال  : لا يا أخي حنا شفناهم في معركة الخفجي هم عمالقة وواحدهم ما يدخل بهاذي الغرفة ورفعوا جماعتنا بيد واحدة ورموهم بالهواء بالخفجي  !!!نظرت الى سقف الغرفة وكان يعلو بأكثر من 4 أمتار وقلت له هل تمزح أم أنك جاد في سؤالك ؟؟ قال  : لا والله اني جاد وأبغاك تخبرني ويش هم بشر زيّنا والا يختلفون ؟؟ ضحكت وقلت : أخي الله شاهد أنهم بشر مثلنا فيهم الطويل وفيهم القصير وفيهم أقصر منك ومني وأنحف منك ومني ،  فلم يصدّقني وعبس وقال أنت لم تساعدنا ولم تقل الحقيقة وغادر الغرفة ولم يعد !!!!!! وبعد فترة  جائني الأمير ملازم أول سلطان قائلاً  : فيه صحفيين من وكالات الأنباء يبغون اجراء مقابلة معك والأمر لك ، قلت لا أستطيع الظهور أمام الكاميرات خوفاً على عائلتي في بغداد ولكن لا بأس من اذاعة الخبر دون ذكر أسماء  وفعلاً  تم اذاعة الخبر في صوت أمريكا ومونتكارلو وكافة الأذاعات بلجوء أول ضابط مع أفراد وحدته الى قوات التحالف في قاطع حفر الباطن بالسعودية . وفي اليوم التالي لجأ نقيب مهدي مع ملازم أول شعبان وازداد عدد الضباط العراقيين اللاجئين يوما بعد يوم ، وزارنا الأمير خالد بن سلطان بن عبد العزيز آل سعود قائد القوات المشتركة مرحّباً بنا ناقلاً لنا تحيات الملك فهد وقد جلس حينها على أحذيتنا عند باب الغرفة في قمة التواضع والبساطة  ، وقد تم حينها اطلاق 3 صواريخ أرض-أرض عراقية على قاعدة حفر الباطن سقطت بجوار القاعدة فعاد لنا الأمير خالد قائلاً : (  الكلب صدام علم انكم هنا بالقاعدة وأطلق صواريخه ونحن نعرف أن بعض السعوديين يعملون لصالحه بالتجسس وأخبروه بوجودكم ….. ولخطورة الموقف أتصل الملك فهد وأمر بنقلكم الى قاعدة منطقة تبوك العسكرية حتى تكونوا في مأمن  ) ،  ثم لجأ الكثير من الضباط  منهم المقدم وجيه التركماني وضباط فوجه وضابط المدفعية النقيب عبد الكريم والرائد عدنان عبد الصاحب وضباط فوجه ورائد هاشم الى أن وصل عدد الضباط اللاجئين  157 ضابط ، وحينها قال المقدم وجيه : تدري نقيب كامل بتركك للموضع الدفاعي جاء صدام في الصباح الى الفيلق وأعدم ضباط استخبارات وأعتبرهم خونة ومقصرين ؟؟؟  قلت : أعرف جنّ جنونه من اطلاقه لصواريخ أرض-أرض . ثم قال : تدهورت معنويات الجيش وتحطمت وهرب الكثير منهم وحلت كارثة بالجيش . … قلت : حصدوا ما زرعوا …. وبينما نتحدث واذا بالباصات المظللة والشرطة العسكرية السعودية على الدراجات النارية ترافق الباصات لتنقلنا الى منطقة تبوك وبعد رحلة ساعات طويلة في الصحراء القاحلة وصلنا قاعدة تبوك العسكرية التي استقبلنا فيها آمر القاعدة العقيد مطلگ ، تم اسكاننا في غرف ويأتينا الطعام ثلاث وجبات في اليوم يوزع من قبل طباخين فيلبينيين ، بينما جنود سعوديون يحرسون المكان وكنا نتحدّث اليهم أحيانا ولا أنسى قول أحدهم : ( حِنّا السعوديين نسميكم العراگيين اسرائيل العرب ) عجبت من قوله ولعنت صدام الذي أهمل شعبه وأفقره وأغنى أمتنا العربية المزيفة بثروات العراق !!!! .  مكثنا في قاعدة تبوك عدة أسابيع نشاهد الأخبار ونتابع الموقف العراقي  ، وفي يوم كنت أنظر خارجاً من خلال الشباك واذا بطابور طويل من الأسرى من كبار الضباط العراقيين قد وصل .
((   يتبع   ))
      [email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب