9 أبريل، 2024 3:11 ص
Search
Close this search box.

معاذ الكساسبة لا أول ولا أخر ضحايا فساد الدين

Facebook
Twitter
LinkedIn

الدين والقتل صنوان لايفترقان. فمنذ العام الهجري الأول والى يومنا هذا لايمكن كتابة تاريخ الاسلام وكل خلفائه حتى بغداديهم الا وذكرت الحروب والغزوات والقتل وسفك الدماء البريئة في ترابط متأصل لاينفك الا في عقول السذج والبسطاء من المتدينين. ولا علاقة للأمر بمذهب او طائفة اكثر عدوانية من الاخرى وانما بتحين الفرص بينها لان القتل والاجرام ضمن الطائفة يفوق كثيرا ما يفيض منه لباقي الطوائف.

كلنا تألمنا واستشطنا غيظا بمنظر حرق الطيار الاردني البطل معاذ الكساسبة على يد فئران داعش والذي يبدو انه تم منذ فترة تصل ربما لأيام قبل موعد بث شريط تصويره, وتعاطفنا مع عائلة المغدور, ولكن مايهمني هو تفسير هذه السادية المطلقة ضد شاب اعزل من نفس دين ومذهب داعش وربما كان يوما ما متعاطفا معهم ووزع الحلوى بعد مجازرهم في الحلة او بغداد او الموصل, فقد فعل ذلك بالتاكيد اخرون من عشيرته او مدينته ولاداعي للقول بلده. فالأجرام الديني لايعرف مذهبا ولايرعى أخلاقا ولاحدود لعنفوانه فهو مؤيد بنصوص مقدسة قاطعة ومطاطة وسيرة نبوية صحابية متضاربة العبر لايجرؤ اي مسلم على نكرانها. وهو منغرس في داعش كما هو في اهل الكرك ومعان ودمشق وبغداد وكل من امن بنفس المنظومة.

بأسم الدين نفسه فقدنا كعراق وكعالم مئات الالاف من الأبرياء والجنود وحتى الطيارين. لاسبايكر ولاالصقلاوية ولاجامع مصعب ولاكلما جرى في ديالى ولانيويورك ولاباريس ولامعاذ ولاكل تفجير غادر بكل مدينة عراقية وعالمية هو أول او اخر انتهاك لحرمة الحياة البشرية نشهده في عصرنا من هذا وذاك من المتدينين.

أما الصفات الاخرى غير القتل والملازمة للتدين  وتزداد سعورتها بزيادة الأيمان الروحي فهي حب التدمير والحرق ومعاداة الحضارة والمعاصرة والعلوم والكتب وكذلك السرقة والفساد المالي. وهي ايضا شاملة وغير طائفية في تأثيرها النهائي مع أنها تنطلق أولا من توجه مذهبي لتعود وتصيب مذهبها نفسه. وخير مثال ما قام به قيادات حزب “الدعوة الاسلامية” و “الحزب الاسلامي” وحلفائهم ولازالوا من سرقات فاضحة لم يشهدها التاريخ بمليارات الدولارات ولحساباتهم الشخصية وشراء الاصوات والذمم والاقلام وأغتصاب القصور وعقارات البلد والأفراد بلا اي وازع من ضمير, وشراء العقارات في الخارج وليس بنائها فهم لايعرفون البناء والاعمار سواء داخليا ام خارجيا. اذن الضمير والاخلاق كالرحمة تنتزع من القلوب مع زيادة التدين. والضحية دائما هو المواطن البريء.

الدين سلاح فتاك, بل هو اخطر ما اخترعناه حتى الان من اسلحة, ويجب نزعه من التداول باسرع وأضمن الطرق, كما ننزع باقي الاسلحة. ويكفي ان البعض يسيء استخدامه لتبرير حظره على الجميع. نعم هناك ملايين من المتدينين المسالمين الذين لم ولن يعتدوا على احد بل ويدينون ما يقوم به نظراؤهم ويتبرأون منه. كما هناك ملايين ممن حمل او يحمل مسدسا او رشاشا ببيته ولم يهدد به احدا. ولكن يكفي ان يقوم 1 او 2 بالمئة من حملة السلاح المرخص باستخدامه في بعض حالات الغضب والجريمة لتسحب كل التراخيص من الجميع في بعض المجتمعات.

يعرف التدين عندنا مغلوطا بانه الايمان والخضوع لله ولباقي اوليائه. ولكن حقيقة المتدين هي تقمص شخصية الله مع الغاء وجود شخصية الاله والتحكم بها في وجدانهم. لو تقرأ ادعية الشيعة مثلا وكيف “يتوسلون” بالله والائمة على شاكلة (فانت لاتخذل المستجير بك ولاترد طلب داعيك) تراها اقرب لاحراج معبودهم ان لم يكن الضحك والنصب عليه من موقع الضعيف المظلوم المتذاكي دائما. اما سنيا فالههم على درجة من الضعف والهزال ومعدوم الارادة بحيث عينوا انفسهم رغما عنه, الحرس والمدافعين عنه وسرقوا سيف انتقامه وغضبه بعد سرقة كرسي حكمه فصارا ملكا عضودا لهم, فهم وكلائه الازليين غصبا عنه. 

وقد يقال لماذا استهداف الدين الاسلامي بالذات؟ الايزعج ذلك الملايين من المتسامين والمسالمين والاخلاقيين بايمانهم وسلوكهم؟ لماذا لاتنتقدون المسيحية واليهودية؟ وهل تاريخ الغرب الذي تروجون له خالي من المجازر والحروب واستعباد الشعوب والمتاجرة بالرقيق وأفناء سكان اصليين لقارات والنازية والستالينية واخرها مجازر البوسنة وفضائح ابوغريب وغيرها؟

ان هدف هذا التحليل والنقد هو بالمحصلة حماية هؤلاء المتدينين وغير المتدينين المسالمين الذين هم من يدفع الثمن سواء بالمال او الدم وليس حماية المجرمين. ومن ينهش بلحمهم الان هم مسلمون ومتدينون مثلهم واكثر. ولو كان المعتدون نصارى او يهود لانتقدناهم ايضا. وما يفعله نظراؤهم المتدينون المجرمون من باقي الاديان في سيلان او بورما او جنوب امريكا او الواق واق ليس موضوع بحثنا. وتاريخ كل الشعوب والاديان والدول مليء بالاجرام وفقا لمفاهيم عصرنا, ولكنهم تميزوا عنا بانهم شخصوا الاخطاء واعترفوا بها ونبذوها وقرروا بالاجماع الكامل ادانتها وعدم العودة لها بل محاربة من يكررها. وبهذا تقدم الاخر متجاوزا اخطاء الماضي.

 أما عندنا اسلاميا فلم نتفق اخلاقيا على اي شيء, وهذه مشكلة كبرى في الدين نفسه, ولم نعترف بعد باي جريمة سواء في الماضي او الحاضر ولم نتوافق كلنا على ادانتها. وحتى حرق معاذ بالامس هناك الملايين من المسلمين من تؤيده وتباركه. فقط تصفح الانترنت لترى العجاب. بينما كل سكان الارض الاخرين ومن كل الاديان والطوائف من غير المسلمين ادانوا الجريمة. وكل من ادان هذه الجريمة او سبايكر او الهولوكوست من المسلمين “المعتدلين” يعيش ازدواجية اخلاقية لايمكنه الافلات منها. كعدم قدرته على ادانة مجزرة بني قريظة مثلا التي ارتكبها النبي محمد بحق اليهود او يوافق على وقف العمل بايات الجهاد وقطع الاطراف والرجم والجلد القرانية واعتبارها من اخطاء الماضي التي يجب تجاوزها.

الخطا في التطبيق مع تكرار حدوثه وفي مناطق ومجتمعات اسلامية مختلفة يثبت ان المنهجية باكملها لم تعد صالحة للعصر ويجب استبدالها او تركها. واستحواذ الماضي على عقول كل المسلمين وخاصة المتدينين وتقديس النصوص والسير القديمة سيقودنا حاضرا ومستقبلا لمجازر لن تنتهي حتى نقضي على اصل الداء. اما عديم العقل الذي يجيب ان داعش وغيرها صناعة اجنبية وليست اسلامية وان افعالهم لاتمت للاسلام بصلة فلا اعرف لماذا واصل قراءة المكتوب حتى هذا السطر. الافضل له وللبشرية مشاهدة افلام الكارتون مع عباقرة حماس في غزة فهم انبياء نظرية المؤامرة الغبية.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب