23 ديسمبر، 2024 5:20 ص

معادلة واطراف الصراع على السلطة في العراق

معادلة واطراف الصراع على السلطة في العراق

يشتد الصراع على السلطة في العراق هذه الايام بشكل كبير جدا ويدخل الشعب لاول مرة طرفا رئيسيا  في هذا الصراع من خلال التظاهرات الكبيرة التي تمتد على مساحة محافظات الوسط والجنوب وتشترك فيها مختلف شرائح المجتمع والتي ترفع شعار تبديل الحكومة لانها مثل سابقاتها فاسدة وفاشلة . واخذت هذه التظاهرات بعدا نوعيا جديدا ومنعطفا حادا بعد اشتراك التيار الصدري فيها ونزول زعيمه السيد مقتدى الصدر بشكل شخصي الى  ساحة التظاهرات في بغداد ثم اشتدت اكثر  بعد دعوته لانصاره وعموم العراقيين بالاعتصام في مخيمات قرب ابواب المنطقة الخضراء التي تتحصن فيها الحكومة والبرلمان مع تهديد الصدريين باقتحام هذا المعقل .وليس من الواضح ولا من المتوقع ان يتنازل رئيس الوزارء حيدر العبادي عن سلطته ويقدم استقالته وحكومته ليمهد الطريق لتشكيل حكومة تلبي طموحات الشعب وبدلا من ذلك تمسك العبادي بالسلطة ورفع شعار الاصلاح وتشكيل حكومة ( تكنوقراط ) بالاستعانة بنفس الكتل الفاسدة الفاشلة المشكلة لحكومته الحالية وهذا الامر التفاف واضح على مطالب الجماهير ومحاولة منه لتجميل صورته وكسب ود الجماهير برمي المسؤولية في مرمى الكتل البرلمانية .وحيث ان الكتل المسيطرة على العملية السياسية والتي ذاقت طعم الاموال الضخمة التي جنتها من الفساد من خلال مشاركتها في الحكومات المتعاقبة غير مستعدة ابدا ان تننازل عن هذه المصالح  مما يعني انها سترفض تمرير اي حكومة تطرح امام البرلمان ولا تشترك فيها وبالتالي تعرقل تشكيل حكومة (اصلاحية) ومن جهة اخرى فان العبادي لايستطيع الرضوخ للجماهير وتشكيل حكومة تلبي طموحاتها بعيدا عن هذه الكتل لاواقعيا ولادستوريا ولايستطيع تلبية طلبها وابعاد الكتل عن حكومته المنتظرة فالمتوقع ان الصراع السياسي سيكون حادا جدا ويصعب حسمه وتحديد الغالب فيه .ومن الجدير بالذكر ان امريكا تدعم العبادي لتشكيل حكومة جديدة لتجعله مصدا امام مطلب الجماهير والتيار الصدري بتبديل الحكومة بجميع وزرائها ( شلع قلع ) وتشكيل حكومة من المستقلين المخلصين حيث ان السياسة الامريكية لاتقبل ابدا ان يسيطر التيار الصدري على الحكم في العراق ولا ان تتشكل حكومة وطنية شريفة نزيهة وكذلك تدعمه لانه الاكثر من بين رؤساء الوزراء انصياعا لها كما ان ابتعاده عن ايران واضح جدا وهذا ما يوافق المخططات الامريكية ومن جهة اخرى فان العبادي مدعوم من البرلمان الذي تسيطر عليه الكتل المستفيدة من حكومة العبادي مما يجعله نظريا في موقف اقوى من معارضيه ولكنه سيدخل بمواجهة مباشرة مع الجماهير الكبيرة ومع كتلة الاحرار النيابية التي تمثل التيار الصدري ولها (40) مقعدا في مجلس النواب .فهل يستطيع العبادي والبرلمان بتجاهلهما مطالب الجماهير من تمرير مشروعهم ( الاصلاحي ) الاعرج الترقيعي الكاذب على الشعب ام ان الشعب هو من سيفرض ارادته على العملية السياسية ويجبر العبادي والكتل البرلمانية على تشكيل حكومة نزيهة بعيدا عن مشاركة الاحزاب من خلال ضغطه المتواصل وتهديد التيار الصدري باقتحام المنطقة الخضراء ؟.ومن جهة اخرى هل ان مطالبة الجماهير بتشكيل حكومة نزيهة بعيدا عن الكتل البرلمانية مطلب موافق للدستور والواقعية والعقلانية التي تنظر للامور بحسابات سياسية وامنية ودستورية ؟ .وهل سيقتحم الصدريون المنطقة الخضراء مؤيدين بغالبية الشعب العراقي وهل لديهم البديل الافضل من هذه الحكومة ؟ ام سيتعرض السيد مقتدى الصدر الى ضغوط دينية وسياسية داخلية وخارجية تجعله يتراجع عن موقفه ؟ .شخصيا اقول ان العراق يسير مسرعا الى المجهول المخيف