مثل عراقي أصلي غير محوّر ولا يحتمل التأويل وإختلاف التفاسير يقول ” التاجر من يفلس يدوّر دفاتر عتيكَه” . واستفادة من الماضي نقول مثل في الحداثة السياسية العراقية ” السياسي من يفلس ينبش بالتأريخ ” !
هؤلاء المعاتيه ، على وزن مَفَاعِيْل جمع تكسير للاسم مَعْتوه، من تجّار السياسة افلت من ايديهم الحاضر وضاعت عندهم بوصلة المستقبل فذهبوا مهرولين الى دفاتر التأريخ الملتبسة يستحضرونها..يستنجدون بها .. ويقلبون أوراقها هرباً من خوائهم الفكري والسياسي وانعدام الرؤية لديهم في مواقع جاءت بهم اليها صدفٌ غريبة من صدف الحاضر فتشوشت لديهم الصورة فلا تمييز لديهم عما يريده الحاضر وما قاله التأريخ وما تحتاجه طرق المستقبل الآمنة !
هؤلاء القابعون في قحوف التأريخ يستخدمون كل منتجات الحداثة الاوربية والاميركية ،من السيارات الحديثة الى ربطات العنق المزخرفة ، الا فكرة بناء دولة من تاريخ نقي وحاضر مسكون برؤية المستقبل ، هذه التوليفة النموذجية للسير الى الأمام لاوجود لها في عتههم المستدام ، ليس لعدم الرغبة فقط بل لقصور عقلي ومعرفي وفشل فاضح في بيئة صنعوها بأنفسهم من الفساد والجريمة المنظمة والمخدرات وإنحدار الأخلاق ..ّ
سياسيون ونواب ومسؤولون عجزوا عن ايجاد الحلول للمستعصيات من الأزمات فراحوا يسبون التأريخ ورموزه ويعيدون انتاج حكايات الفرقة والصدامات ليبرروا فشلهم في صناعة حاضر مزدهر وشق الطرق نحو مستقبل العلم والرفاهية واكتشاف العالم وتثبيت حقائق البناء والتطور !
بعيدا عن التنظيرات ، نحن أمام طبقة سياسية رئّة فارغة الجمجمة بل الأصح بجمجمة ملوثة باشكالات الماضي التي لامعنى لها في حاضر الامم المتحضرة . طبقة سياسية في غالبية رموزها تعتاش على الماضي المسكون بالريبة والشكوك والصراعات الدموية وتباعد المسافات الزمنية والفكرية ، طبقة ساقطة في مستنقع الأوهام والافلاس وغياب الرؤية ، فلا تجد أمامها للخروج من مأزقها الخاص الا تقليب وتنقيب دفاتر الماضي عن العورة والخلافة وإرهاب المجتمع بالفكر المشوه والسلاح المنفلت وإراقة دماء المحتجين وركوب المقدسات وتشويهها لانعاش حاضر ميت موتاً سريرياً مجسماً وملموساً !!
مشهد افلاس سياسي وفكري بالضد من كل بهرجات الخطابات الإعلامية الموبوءة بالكذب والتزوير فوق كل الأكاذيب التي صنعها كتّاب السلاطين وتواريخهم المزدحم بالمحضيات التي اعادوا انتاجها بحاضر يرسمون مشهده بكل قبح وسوء نيّة وجهالة !