22 نوفمبر، 2024 2:33 م
Search
Close this search box.

مظلتان لشخص واحد ..أنسي الحاج ../ يصف نفسه بنزاهة كأنه آخر ..

مظلتان لشخص واحد ..أنسي الحاج ../ يصف نفسه بنزاهة كأنه آخر ..

أنوار الصفحة الموسومة (كتاب من ذهب ) أصابت عينيّ بالعشو ثم بللت وجهي ، هل يعقل أن هذا الشاعر العملاق هذا الأنسي الجميل هو محض (حبات من الملح وبضع نقاط من الغبار) بشهادته هو !! يالتواضع الحكماء فعلا أيها الحكيم الصادق الشفيف حتى أقصى تعرية النفس ..فعلا أيها الأنسي وكما تقول أنت (الكلمات تشتاق إلى تخطّي حدودها فتتخطاها كذلك التراب والأيادي والأرواح..)..
(*)
أحببت قصائد أنسي الحاج ، ولم أفهما :(ماضي الأيام الآتية )(لن) الرأس المقطوع) يومها كنت في الثاني متوسط ،قرأتها في المكتبة المركزية حين كانت في محلة (الساعي )..وبعد سنوات نادتني الكتب نفسها ، قرأتها ثانية فشعرتني أقرأها للمرة الأولى !! شعرتني سعيدا وأنا أقطع مسافة جديدة في 1996 أستوقفتني الرسولة بشعرها الطويل وأوصلتني للينابيع ..
في 2010 توجهت من جديد لكتابات أنسي كلها وأعتكفت على كتاباته المضمخة بالشعر المسرود (كلمات ).(خواتم) …وفي يوم فالنتاين 2017 إلتقطت الجديد الجديد ( كان هذا سهوا ).. للشاعر الذي أحب كل ما كتبه في الشعر والسرد وتلك القصة القصيرة التي قرأتها في مجلة الأديب اللبنانية …ماهو سبب حبي لهذا الأنسي الرائع الكبيرالذي لن يغيب عن الذاكرة ؟! مايقوله أنسي عن سواه سأقترضه من أنسي وأقوله عن أنسي حصريا (روح شعر الشاعر هي التي تستخلص صورته وتفرضها /162)
(*)

(الشاعر علاّمة . مايقوله عن النفس ، عن الجنس ، عن الألم، عن الخلاص ،عن الجمال ، عن الله ، عن الموت ، مايقوله عن تفاصيل الكائنات مايشدّها ومايهدّها ، يسبق إليه الجميع هو والأطفال / 187)..

أتأمل هذه الحديقة الكريمة الأحجار، فتتأرج سجايا أنسي الحاج في كل هذه النفائس ، أنسي الذي من شدة حبي لكتاباته ، أنتزعت صورة كبيرة وأنيقة له في مجلة (دبي الثقافية ) وزججتها وأطرتها ، ليكون معي في مكتبتي ..
(*)
يتكلم أنسي عن الشاعر ولايتكلم عنه لايتكلم عن شخص أنسي الجميل ..!! يا لحياء العظماء مجبولون من خجل البصرة أين ماكانوا.. ولا أعني بذلك مصادرة هوياتهم الوطنية يتكلم أنسي…ولا …
(*)
كم يخاف أنسي على الأدب ؟ أنه ينافس الأم على ولدها الأوحد ، هنا يتقطر أنسي وجعا قطرة ..قطرة : ولاتشبههه الشموع في التذاوب ، تستحيل كفه اليمنى خمس شموع فيكتب فوق الظلام الذي أرتفع جداراً………….
(على الشعر أن ينسحب بعض الوقت ، كلياً، فلايعود يظهر منه ولا في وسيلة نشر فترة طويلة. أن تخضع الأشياء لغيابها لا لحضورها…/ 193)
أنسي يرثي مايجري ..عصر النت وديمقراطية الكتابة للجميع (وهكذا تدهور الأدب من انحطاط إلى عقم إلى تصنّع إلى ابتذال إلى وجاهة اجتماعية ../ 191)..
(*)
أنها المخالب الاجتماعية للكثرة التي تلوث صفو الواحد المتكامل في موسيقى عزلته المتحد/ المتوحد فيها / لها : (المنعش أيضا في الموسيقى أنّك حين تكتشفها تطمئن إلى أنّك لم تكن وحدك بلا جدوى ../ 223)..والأروع المكنوز في الموسيقى هو ذلك التجريد الفذ .نعم فأن أجمل ما في (هذا الشيء المسمّى موسيقى مؤثر في البشر بطريقة ٍ ما، ومحوري للحياة البشرية، ولكنه في الوقت نفسه لايشتمل على مفاهيم ، ولايضع أي مقترحات ،ويفتقر إلى الصور، والرموز، ومادة اللغة. كما أنه لايمتلك قوة التمثيل ،وليست له علاقة ضرورية مع العالم ..) بشهادة أوليفر ساكس ..
(*)
كم يحتاج القارىء خبرة حياة ليتذوق الكلام التالي ومع التذوق تضيف ذاكرته حواش ٍمذهبّة لكلام ٍلايثمن بأي ثمن :(الغامض بسيط ٌ مخيف / 149).. وحين أستعيد التنفس الطبيعي ، أكتم أنفاسي وأغوص في هذه المياه الصافية والعميقة جدا ..(البسيط هو الوجه النهاري النيّر لعتمة دماغ يأبى أن يُرى في غير ساعات الدوام اللطيف )
*أنسي الحاج / كان هذا سهوا/ نوفل / بيروت / هاشيت أنطوان/ 2016
*أوليفر ساكس / نزعة إلى الموسيقى / الدار العربية للنشر / بيروت/ ط1 / 2010

 

أحدث المقالات