18 ديسمبر، 2024 6:05 م

مظفر النواب اسطورة العصر والقطب الاعظم !

مظفر النواب اسطورة العصر والقطب الاعظم !

لعل من اكثر ما يؤلم الانسان هو ابعاده مرغما عن وطنه ونفيه خارج اسوار
الوطن، وما لقيه النواب طيلة الخمسون عاما الماضية هو من ابشع انواع
الوجع والحرمان حتى قال ” تعب الطين سيرحل هذا الطين قريبا” لم يكن يتصور
انه سيعود ذات يوم الى البلد الذي ارهقه من الألم وضل يتمنى اليوم
المنشود
‏”يجي ذاك اليوم
وإن ما جاش
ادفنوني على حيلي
وقصتي لبغداد”
مظفر الذي ارعب ساسة الفساد وتجار الدم وهزت كلماته عروشهم وزحزحت
اسوارهم العالية واشغل السلطات بما كان يصارحهم به من قذارتهم ودنائتهم
“اولاد القحبة لستُ خجولا حين اصارحكم بحقيقتكم، حضيرة خنزير اطهر من اطهركم”
عاد القديس الى وطنه اخيرا ولكنه عاد محمولا على اكتاف من أحبوه، عاد وهو
يستنشق هواء العراق من التابوت، عاد حاملا معه شوقا كان يخبئه تحت قصائده
لاكثر من خمسون عاما،
حاولَ أن يَتَطَلَّعَ مِن شَقِّ التابوتِ
غِطاءُ التابوتِ ثَقيلْ
و لقَد كادَ يَشُفُّ بِهِ التابوتُ
لِما فِيهِ مِنَ الرِّقَةِ
صارَ المَوتُ لِلُطفِ مُحَيَّاهُ جَميلْ،
في يوم الخلود ويوم السعادة بالنسبة للنواب مررنا به الى كعبة الثوار
وساحة الاحرار ، اخبرناه ونحن نحمله على الأكتاف بأننا رفضنا رفض الاحرار
ان يقف الطغاة على جثمانك
كما تعلمت انت قوة الموقف والثبات من الحسين بن علي الثائر العظيم حين قلت له
“تعلمت منك ثباتي وقوة حزني وحيدا
فكم كنت يوم الطفوف وحيدا
ولم يك اشمخ منك وانت
تدوس عليك الخيول”

وقفنا في يوم مجيء جثمانك وقفة الطود الشامخ لم ترهبنا اسلحتهم ولا
مصفحاتهم لأنك كنت تقودنا كما يقود الأب أبنائه ليوصلهم لبر الأمان، على
الرغم من تعبك وألمك وانت لا تستطيع ان تحمل روحك،
“متعبٌ منّي
‏ولا أقوى على حملي”
حملناك ونحن في قمة الفخر والحزن كما حملت انت اوجاع العراق على كاهلك.
اه..اه..اه والحسرة ليس لها من مستقر ايهالاسطورة،
مظفر النواب يا من جعلت من القصائد نورا تضيء دروب الأحرار، وخلقت من
الحروف سلاسل تقيد أيدي الطغاة، ورسمت للعاشقين ورودا من الحب والجمال،
ها انت تعود مجددا للعراق الذي ارخى عينيك للدموع في كل حين،وكأنك تردد
واليندفن بأرض أهله: عدل .. حي
يسمع الحنطة ويحس عروگها بصدره
ونشيش الماي
والميّت بگاع الغير .. وحده يموت ..
وحده، لا دمع، لا ناس، لا تابوت
وحده يموت ..
غريب ويندفن مثل العرج، بسكوت ..

عشت غريبا، وعانيت غريبا وحيدا، ودفنت وحيدا، شكرا لانك مظفر النواب
الملهم بحد ذاته
شكرا لانك الأسمى والاقدس بين كل شعراء العرب
شكرا لانك علمتنا ان الثبات على الموقف هو اسمى ايات الخلود، شكرنا
وامتناننا لك بحجم اسمك يا من رسمت لنا الحب والجمال، شكرا لأنك عراقي
بفذاذة
شكرا لانك جعلت العراق في أوائل البلدان من خلال اسم مظفر النواب.
كنت تريد عليا بدون شروط وانت الآن بقرب عليا من دون شروط وقيود
لك اسمى آيات البقاء والخلود يا ملهم الاجيال
مظفر النواب اسمك سيخلده التأريخ على مر العصور .
لك البقاء وللسلطات الجائرة ومن ابعدك عن العراق وحرمنا منك اقسى الذل
والخزي والعار