18 ديسمبر، 2024 5:47 م

مظاهرات الجامعات الأمريكية : قاعدة إنقسام شعبي وثورة رفض للسياسة المؤيدة للصهيونية !

مظاهرات الجامعات الأمريكية : قاعدة إنقسام شعبي وثورة رفض للسياسة المؤيدة للصهيونية !

اثبتت المظاهرات الطلابية التي قامت بها اكثر من ستين جامعة من جامعات الولايات المتحدة الأمريكية وعلى رأسها جامعة كولومبيا في نيويورك التي اشعلت الفتيلة الأولى في مستهل نيسان 2024 , ان خطأ احتلال فلسطين من قبل الإستعمار البريطاني بدعم كبير من الصهيونية العالمية وتواطؤ ثلة جاهلة من حكام العرب عام 1948 , لايستطيعابدآ قتل حقيقة تأريخ ووجود فلسطين على الأرض مهما بلغت قوة امريكا الحالية في دعمها للكيان الصهيوني التي ورثت عن بريطانيا مهمة رعايته وحماية امنه مع ثلة من الكيانات السياسية العربية العميلة التي نصبتها بريطانيا منذ نكبة الإحتلال ,

بل ان ذكرى النكبة ظلت منذ ذلك التأريخ راسخة في عقول الشرفاء من العرب ومن شعوب العالم الحر , كلما انتفض الشعب الفلسطيني بشبابه وشيبه ضد المحتل الصهيوني الفاشي الوضيع والعنصري , لأن الإحتلال والى الأبديتقاطع مع قيم الإنسان الحر والإنسانية جمعاء , بل ويتنافر مع تداعيات سياستة التي تضع اولوية الالغاء لحرية وفردانية صاحب الأرض على برامج التطبيق التي تقضم الأرض وتفكك هويته الوطنية رويدآ رويدا ,

وما حدث على مدى سبعين عامآ من حروب وانتفاضات إنما هو دليل على فهم وادراك اهل الأرض لمخططات العدو الصهيوني منذ النكبة ولغاية وقتنا الحاضر , ولكن الذي لم يفهم الحقيقة وطبيعة الصراع الأبدي المرتبط بالحرية  الذي صنعته تلك المخططات ضد الشعب الفلسطيني وآخرها الحرب في آب 2022 , هم اصحاب مشروع الإحتلالانفسهم لذلك عمدوا على تبني سياسة بمعايير الكذب والتدليس التي وقفت من وراءها امريكا بالقوة العسكريةالمهددة بشتى العقوبات للتغطية على واقع القتل الناجم عن المداهمات الليلية لكتيبة ” نيتساح يهودا ” المتطرفة فضلآ عن قوات وزير الأمن بن غفير , والاغتيالات اليومية عن طريق الدرونات المسيّرة للقادة الفلسطينيين والتهجير الممنهج لقضم الأرض .

بينما هذه السياسة لم تنظم  , من الناحية الأخلاقية , شكل العلاقة بين الإدارة الأمريكية والشعب الأمريكي , وخاصة بين صفوف الشباب المثقف الذي لم يعد يخضع لهذه السياسة بشكل متواتر , وإن استغرقت وقتآ طويلآ وتوسعت بعد اتفاق اوسلو الذي لم يعد ذو جدوى للشعب الفلسطيني بعد تسويف محتوى بنوده الملزمة برعاية امريكا , بل توضح انه مكيدة تضاف الى مكائد المحتل الصهيوني ,

حتى انطلاق عملية طوفان الأقصى التي ردّت على هذه السياسة للتأكيد على حق الوجود والحياة بحرية بعيدآ عن الخضوع والهيمنة , وأنطلقت معها المظاهرات العالمية المؤيدة للحق الفلسطيني بعد ان تبين ان الصهاينة قد وضعوا للرد على هذه العملية مناهج الإبادة الجماعية بشكل سافر .

ولا غرابة ان تنطلق المظاهرات والإعتصامات الطلابية من داخل الجامعات الأمريكية وبطريقة اكثر عمقآ بالقياس مع المظاهرات العالمية , لكونها مظاهرات طلابية اظهرت عدم خضوعها لدعاية حكومتهم الأمريكية الكاذبة التي بدأتبحملة شيطنة الطلاب وكيل الإتهامات لهم على لسان مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي ومسؤولين آخرين إذ قال ” لايمكننا السماح لهذا النوع من الكراهية ومعاداة السامية بالإزدهار في جامعاتنا ” ,

وبهذا التصريح المنافق الذي تلقى منه السخرية والإستهجان الذي اتهمهم بمعاداة السامية , تم اعتقال اكثر من 500 طالب , بينما رد عضو الكونغرس اليهودي من الحزب الديمقراطي بيرني ساندرزعلى الصهيوني نتنياهو قائلآ : ” ليس من معاداة السامية القول ان حكومتكم اليمينية المتطرفة قتلت 34 الفآ من الفلسطينيين في غزة , انكم تهينون ذكاء الأمريكيين ” ,

بل وهدد عديد من اعضاء الكونغرس الأمريكي بقطع التمويل عن طلاب الجامعات , وهذه عين السياسة النازية والشوفينية كما يراها الحس الإنساني للشعوب الذي تغافل عنه قادة امريكا والغرب العنصري , بل هي سياسة اظهرتوبشكل جلي تراجعآ في ضمائرهم كما في ضمائر البعض من الحكام العرب المخادعين بحماسهم الكاذب وهم يدعون الى وقف الحرب وادخال المساعدات الإنسانية الى المرضى والأطفال خدمة لعروشهم الزائلة ومصالحهم الأنانية ,

بهذا التراجع والمواجهة بين الطلاب الرافضين للحرب على غزة وبين القوات الأمنية الأمريبكية , ظهرت الملامح الحقيقية لأهداف الإدارة الأمريكية وعلى رأسها الرئيس الخرف جو بايدن ومن قبله المجرم ترامب المتلهف لقتل الفلسطينيين ولكنبعد تحقيق حلمه بالفوز بالإنتخابات الرئاسي التي تبدأ في نوفمبر 2024 , وانكشف زيف الوجوه الداعية الى الحرية والديمقراطية التي ورّثوها لهم اسلافهم ومعها منطق التصريحات الشاذة التي حصدوا منها اطالة امد الإبادة للشعب الفلسطيني على امل ان يحققوا من وراء ذلك طرد حركة حماس والسيطرة على الباقي من الأرض والإستعداد لإحتلال الضفة الغربية وتهجير سكانها بالإبادة نفسها ,

ولكن ما حصدوه  من هذا التوريث في اطار الموقف الإنساني الذي وقفت به مجاميع الطلبة , هو الثورة على تلك السياسة وتشكيل فكرة ان اللحظة الراهنة تشهد حالة الإنقسام وليس الإتحاد الذي تطبل له الإدارة , وهذا التشكيل بدأ في اذهان الشعب الأمريكي ومعناه ان من جراء الإنقسام يتعين اعادة النظر بالدستور الأمريكي وخاصة في موضوعة انتخاب الرئيس بنموذج الخرف بايدنومحنته في التركيز الذهني والنسيان ودقة الملاحظة التي لا تفجر في داخله الموقف الإنساني في اللحظة المناسبة , وهذه خصال استغلتها دولة الكيان الصهيوني والصهيونية – المسيحية العالمية في تنفيذ اهدافها العسكرية والعنصريةقبل موعد الإنتخابات أو احالته الى خارج المنصب الرئاسي,

فهذا الرجل اصبح بلا منظومة قواعد تضبط ادائه الرئاسي , بل لم يعد مؤهلآ لقيادة ادارة الدولة وهو يضع بيدة قصاصة المعلومات التي يستعين بها في تصريحاته , او يصافح اشباح اشخاص يقفون خلفه وخاصة في ظل عدوان الكيان الصهيوني على غزة ومعاكسات المستوطنين للمواطنين الفلسطينيين بقيادة وحماية كتيبة ” نيتساح يهودا “ المسلحةالتي مرة يدينها ويتوعدها بفرض عقوبات عليها وبعد غضب دولة الكيان عليه يعود ليقول انها لم تفعل شيئآ متناسيآ وبلا تركيز وعده الأول ,

بهذه المفارقات التي حدثت امام انظار العالم , لابد ان يترسخ الإنقسام بين الشعب الأمريكي واعضاء ادارته السياسية , لأن الإصرار على المضي بالإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني ودعم الكيان الصهيوني بأموال الشعبالأمريكي يعني نسف الإطار السياسي الإستراتيجي  للدولة من الجذور وبشكل لم يألفه الشعب من قبل , لأن معادله الموضوعي وهو الحرية والديمقراطية قد تم نسفهمبحرب الإبادة والإعتداء على المتظاهرين واعتقالهم والتهديد بقطع التمويل عنهم واتهامهم بمعاداة السامية بشكل مجحف واستبدادي , علمآ ان القضاة جميعآ افرجوا عن كافة المعتقلين بمقتضى الدستور ,

على غرار ذلك تم فعلآ نسف الإطار الإستراتيجي السياسي الموروث والمتبع في مملكة الأردن من قبل الشعب الذي يشكل غالبيته اكثر من 60% من الفلسطينيين عندما خرج للتظاهر ضد الملك بسبب وقوفه مع الصهاينة وهو يتصدى للصواريخ الإيرانية ليخفف العبء عنهم ليتفرغ لإبادة الفلسطينيين , ويعد هذا الموقف بحق الأسوأ للحكومة الأردنية بعد موقفها من مجازر ايلول الأسود عام 1970 التي قادها ابوه الملك حسين ضد الفلسطينيين ,

فقد قابل هذا الموقف المشين احتفاءً من قبل المسؤولين الصهاينة , وبذلك انقلبت الصورة بين الحكومة الاردنية والشعب الفلسطيني والى الأبد , وانتعشت هتافات التنحي ضد عبد الله الثاني والمبايعه الى اخيه الأمير حمزة , لتبدأقاعدة الإنقسام الشعبي الأردني وصراع العروش , كمحصلة لموقف الوقوف مع الكيان الصهيوني في حرب الإبادة  , لتنضم الى جانب قاعدة الإنقسام الشعبي الأمريكي الناجمة عن دعم امريكا للتجاوزات الصهيونية .

ختامآ , ان مشهد المظاهرات في الجامعات الأمريكية هيوقفة بشروط ثابتة ترفض الحرب على غزة وتدعوا الى وقف الإبادة الجماعية , وهي نسخة انسانية تلقائية واصلية ورفيعة المستوى وليست نسخة استعراض للقوى الطلابية  , وهؤلاء سيذكرهم التأريخ لأنهم شكلوا قاعدة وثورة رفض للسياسة الأمريكية المؤيدة للصهيونية ,

وفي ساحات الرفض والإنقسام الواقعية للسياسة الأمريكية , سيذكر التأريخ  ان هناك شباب في امريكا وصلوا بدرجة الوعي الإنساني الى حد ان يشعلوا النار بأنفسهم احتجاجآ على الحرب والإبادة وعلى رأسهم الشاب الأمريكي آرون بوشنيل وهو يهتف ” لن اتواطأ بالإبادة “  , فقد اختار هذا الشاب حرق مهجته التي تعذّبت لرؤية الآف الأطفال وهم يقتلون ويغمرون تحت الأنقاض جراء القصف المدفعي الهمجي من ناحية , ليوقف الحرب من ناحية ,ويبرهن لنا من ناحية أخرى ان للتأريخ ذاكرة لاتمحى ابدآ , فالدم الفلسطيني على سبيل المثال الذي سال على الأرض مازال يذكّر كما سيذكّر من بعد بالشاب آرون بوشنيل , ان لسان حال الفلسطينيين كان منذ النكبة ولايزال يردد :

خيّرنا المحتل بين الهجرة والحرب فرأينا الهيجا طريقآ للحريّةاقرب