22 ديسمبر، 2024 10:46 م

مظاهرات البصرة (مطاليب شرعية أم لعبة سياسية)

مظاهرات البصرة (مطاليب شرعية أم لعبة سياسية)

تستمر مظاهرات البصرة المطالبة بأبسط الحقوق المشروعة منذ أكثر من إسبوع على ثاني إندلاع لها, فقد شهدت محافظات الوسط والجنوب قبلها مظاهرات مشابهة لم يكتب لها الإستمرار لأسباب وإن عُلمت لا تزال حقيقتها وخباياها هاربة من الدليل الملموس, ومثل ما كانت التظاهرة السابقة مطالبة بتحسين خدمات الكهرباء فالثانية جاءت تنادي بالماء الصالح في محافظة سميت بعين العراق المائي, بعد أن بلغت نسبة ملوحة وتلوث مياه شط العرب مستوى لم يشهده العراق سابقاً.

إن هذه التظاهرات لم تكن كسابقتها بل فاق غضبها كل سابقيها, فمحافظة البصرة وقلب العراق الإقتصادي تعاني منذ 2003 أزمات لم تشهد حلولاً جذرية كان أخرها إزدياد نسبة ملوحة شط العرب وتسممه, يرى بعض المحللون إن هذا التسمم هو عمل حكومي بحت كإنتقام لما جرى في التظاهرة الأولى حيث ما أن خبت حدة الأحداث لإسبوع واحد حتى بدأت حالات التسمم تراود المستشفيات لتصل لأكثر من 3000 حالة حسب المصادر الطبية, حاولت الحكومة من جانبها التقليل من شأن الإصابات حيث صرحت وزيرة الصحة والعضوة بإتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي أن الأعداد المعلن عنها غير صحيحة كما كذبت خبر تسمم المياه, وكذلك فعل زميليها وزيري البيئة والموارد المائية, إلا أن المصادر الطبية المستقلة عادت لتأكيد الخبر والكشف عن التشخيص المختبري للسموم.

إن إندلاع هذه التظاهرة بهذا الشكل الحاد وما رافقها من عصيان مدني وإحراق لمبنى المحافظة وعدد من الأحزاب في وقت تتصارع في التحالفات لتشكيل حكومة أغلبية, إضافة للأزمة التي تمر بها إيران يدفعنا للإعتقاد بأن للحكومة خطة في ذلك لإشغال الشارع العراقي عن إتفاقيات سياسية لا تود الإفصاح عنها, رغم تأكيدنا على الغضب الشعبي الساعي للشرعية والحياة والكريمة لكن من المرجح أن هذا الإنتفاضة ستنتهي فجأة كسابقتها لا سيما بعد أن خفت تغطيتها الصحفية والإكتفاء بذكر أخبارها البارزة حصراً.

كما يجدر بالذكر أن المرجعية الدينية لم تخرج بتصريح يليق بمقام الأزمة ولم تستنكر الإرهاب الحكومي إلا ببيان واحد طالبت فيه بإيجاد الحلول متجاهلة باقي الحقائق وأرواح الضحايا, بينما لا تزال الحكومة تدفع برصاصها نحو صدور المواطنين العزل.

إن موقف الرأي العام المتحد لمؤازر للمتظاهرين يدعوا للتفاؤل, فهل يا ترى سينقلب السحر على الساحر ويحدث التغيير الشامل وهل ستخاف الحكومة من كلمة الشعب أم ستسعى لفرقتهم بإلهاء أخر يشغل المواطنين بعيداً عن طاولات النقاش السياسي, ولكن من المؤكد إن الفترة القليلة القادمة ستزيل الغبار عن المستور.