قلق بعثي عارم، وتصاعد خطير في جبهة المقاومة الإسلامية، وتداعيات إستكبارية خطيرة، وتحديات أخطر، وحروب باطلة لا شرعية لها، وثورة كاسحة من جدران الجوع، فُرضت على أرض الرافدين، دون أن يدر النهران خيرهما، على شعب العراق، فالقاموس البعثي المقيت، لا يعرف سوى الإعتقال، والإعدام، والتشريد، والطغيان، وبإسم القومية العربية، على أن ما أرعبه كثيراً، هو حياة إسلامية متحركة، ذات طاقة جبارة، إمتدت من الفرات الأوسط، وحتى تخوم العراق الجنوبية والشرقية، إنها مملكة الحرية بقيادة الحكيم! تحولات سياسية كبيرة تعصف بالعراق، كان يراد منها إسقاط العملية الديمقراطية الوليدة في العراق، وبما أن السيد محمد باقر الحكيم، كان شوكة إسلامية بعيون المتربصين، للقضاء على مبادئ الدين الإسلامي، وحاملاً لهموم الأمة وقضاياها المشروعة، فأثار قلقهم مشروعه الحكيم، فعمدوا لإنهاء دوره الجهادي، فورعودته للعراق، لئلا يفشل المتآمرون بخطتهم لنهب ثرواته، وضرب المشروع النهضوي، فمحمد باقر الحكيم الرجل الثاني، بعد الشهيد محمد باقر الصدر (قدس سرهما) من الناحية الدينية والسياسية، لقيادة التحرك الجهادي ضد الطغاة!إحتضن العراق أمانات نبيلة، وغايات أنبل على مدى الحياة، حملها المبدعون في طريق الشهادة الأزلية، صعد فيها الخالدون منصة الموت، تسبقها لحظات أكثر تأثيراً من الموت نفسه، إنه الشموخ والسعادة بكرامة الوقوف، مخضباً بالدماء بين يد الباريء عز وجل، والمطر الأحمر ينهمر في غرة شهر رجب الأصب، ليسجل حضوره فوق مذابح الحرية والإعتدال، لأجل قضية، وهوية، ومذهب، فكانت رحلة شهيد المحراب (رضوانه تعالى عليه)، بداية مضيئة لمشروع عصري عادل، لا يهمه سوى الإنتصار للوطن والمواطن!عالم بديع متفرد بزمن صعب، تتكالب فيه قوى الظلام، للقضاء على بلد الحرية الحمراء، لكن مشروع شهيد المحراب، شقّ طريقه بثقة وإصرار، لإنتزاع حقوق الشعب المسلوبة، كما أن الإبداع والبقاء يتطلب الجرأة والشجاعة، لإثبات الوجود والمصير، حيث أراد العالم للعراق بناءً هشاً، لا يقوى على النهوض، لكن ثوب الحرية لا يخطيه إلا الراسخة أقدامهم، في حب محمد وآل محمد، وبعمل متقن مسدد من الرب الكريم، فأعلنت الدماء إنتصارها على الإرهاب، وطبعك الحسيني يحدد مصيرك الخالد! يقال على قدر الهدف يكون الإنطلاق، ففي طلب الرزق يقول عز وجل: (فأمشوا)، وللصلاة يقول: (فأسعوا)، ولطريق الجنة قال: (وسارعوا)، وأما إليه فقال: (ففروا الى الله )، عليه فإن إستشهاد السيد محمد باقر الحكيم، تجسد بآيات بينات بأول يوم من رجب، صبت فيه الخيرات صباً، فقد مشى لرزق الشهادة بمحراب صلاة، سعى اليه راضياً مرضياً، مسرعاً لجنات الخلد، ففر عشقاً للقاء الباريء سبحانه وتعالى، متجحفلاً بعنفوان حلم لإقامة دولة عدل إلهي، يعز بها الإسلام وأهله!