18 ديسمبر، 2024 10:49 م

مصِيبتنا فِي دِينِنا

مصِيبتنا فِي دِينِنا

من دعاء الرسول محمد ” وَلاَ تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا” (الترمذي: السنن5 /528)، إذا استبعدنا جدلا أنّ المصيبة ليست نابعة من الدين ذاته، روحًا وشرائعًا، إذ ليس من الحكمة الإلهيّة أنْ تكون المصيبة في ماهيَّة الدين وجوهره، فيبدو أنّ المقصود تديننا، أي مفهومنا للدين، وتطبيقنا لتعاليمه وفق مرسى ما فهمناه، بحسب خبراتنا الثقافيّة، وحاجاتنا الحياتية.
من المؤكد أنّ استيعاب الإمام عليّ للدين من مفهوم يختلف عن مفهوم معاوية للدين؛ فالإمام علي عرف الدين …ووظَّفه للدين وثواب الآخرة، وعبَدَ الله؛ لأنّه جدير بالعبادة، بينما معاوية وظّف الدين للسياسة، وإشباع حاجاته في التسلط والأُمرة على الناس. وعلى شاكلته اختلاف المفهوم الحقوقيّ للمجتمع في إطار الدين والدولة، بين الإمام الحسين الذي آمَنَ على أنّه إصلاح اجتماعيّ دينيّ، وبين يزيد بن معاوية الذي قرأه على أنّه بيعة، وطاعةٌ أناس مفروضة من الله.
وما ندركه اليوم جُلّ المسؤولين يحملون المفهومين معًا، في إناء الازدواجيّة. أولا- دين الحسين، ولزوم ما يلزم من علامات المؤمن السبع، بإضافة اللحية ولبس السواد؛ ليكتمل العرض. ثانيا- منهج يزيد في التسلط على موارد حياة الناس، وانتهاك المال والحقوق العامة بالبائقة؛ فهم أبناء اليوم والقوم، ما أشبههم بأبناء العراقين البارحة، بحسب رواية الفرزدق، حينما لقيَ الإمام الحسين بذات عرق، بين مكّة والعراق، قال له: “فإنك تأتي قومًا، قلوبُهم معك، وأيديهم عليك” (البلاذري: أنساب الأشراف3/165).
ها هم اليوم يتشدقون بالدين، وينافحون عن اسمه الذي اتهمهم سواد الشعب، وخرجت غوغاؤه، تلهج بمقولة “باسم الدين باكونا الحراميّة”. يبدو أنها عظُمت في عيونهم، ونسوا أنفسهم، وعظيم ما اقترفت أيديهم؛ فراحوا يقاوِمونها، ويثقّفون ضدّها على المنابر، كونها مسًّا بالدين. ها هي قلوبهم مع الدين، وأيديهم عليه!؛ أ ليست هذه من مصيبة الدين؟ وهي من أقدمها، فكشف أوراقهم القرآن، وها هم سياسيّو المدينة مردوا النفاق من جديد، وليس لهم الا التظاهرات في الشارع، فالتظاهرات قرآن العصر.