18 ديسمبر، 2024 8:42 م

أعيش التعاسة وأتقلب فيها وأشعر باليأس والإحباط وتحاصرني الكآبة ، وبالتالي فأنا أمر بتجربة مرة وإستثنائية منذ ان فقدت مقومات الحياة السعيدة بفقد عدد من الذين صنعوا وجودي وأخذوه معهم عندما غادروا الدنيا أو هكذا أظن ، ولكنني أتساءل أحيانا وكلما رأيت مشاهدا من تجارب الناس العاديين وغير العاديين في الداخل وفي الخارج وسواء كانوا مواطنين عاديين او زعماء دول أو كبار القوم في هذا المكان أو ذاك من أماكن ومواضع الدنيا . نحن نعيش تجاربنا الخاصة ونعيش على وقعها ونتأثر بها ونبني تصوارتنا ومواقفنا التالية عليها ونتأذى كثيرا من فرط إهتمامنا بالذكريات القاتلة التي لانجد بديلا عنها لأنها الوسيلة الوحيدة التي نظنها مفيدة لنا ويمكن أن تعيد لنا حالة المقاومة لمواجهة الكثير من التحديات والمتاعب التي تصطف بالدور لتتعبنا وتستمر في محاصرتنا وتحولنا الى أشخاص مجردين من الرغبة في الأمل لأننا أسرى الألم وفرق كبير بين الأمل والألم ، فهما يتسابقان معا ولكنهما لا يغلبان بعض إلا نادرا ثم يعودان ليتفقا ويجريا سوية مثل صديقين يتسامران ويضحكان . أعيش حياتي وأتناول إفطاري وأذهب الى العمل وألتقي الأصدقاء وأتسامر معهم في مكان عملي وفي المقهى وفي الشارع والسوق والمنتزه وفي الندوات والمؤتمرات وفي الجلسات الخاصة وأسافر وأنام كما أشتهي وأتلذذ بأشياء لا تعد ولا توصف وكثيرون من البشر محرومون من هذا لأسباب تختلف كثيرا لكنها تلتقي في صناعة الأثر ، و كم كنت مثل غيري أحسد الحكام وأصحاب الجاه والثراء وأتمنى ان اعيش حياتهم ولكني أغفل عن تذكر النهايات التي تصيب هولاء وكثير منها سيئة ومضحكة ومهينة ومذلة ومثيرة للخوف والرعب ولو عرضت نهاية كل واحد من هولاء لنا قبل أن تعرض لنا بداياتهم في الثراء والسلطة لكنا هربنا منهم ولم نتمن ان نكون مكانهم على الإطلاق . أمس كانت صورة علي عبدالله صالح الرئيس اليمني المقتول على يد مسلحي الحوثي مماثلة لصورة صدام حسين وهو مرمي قرب مكان إعدامه ومقاربة لصورة معمر القذافي قتيلا وقريبة من صورة حسني مبارك وهو يحاكم على سرير المرض ، وبصور حكام طغاة مارقين في أفريقيا وآسيا ، وبعضهم كميلاديتش الزعيم الصربي يتجرع السم في قاعة المحكمة وهو يرى كل ما فعله لا يهتم له الناس في بلده بعد ان قتل المسلمين من أجل تعصبه لبلده الذي سلمه للمحكمة الدولية في لاهاي . كل تلك الصور حين أقارنها بما أعيش أجدها مأساوية ، مقارنة بحال من تمثل فيها من رؤساء تحولوا الى مجرد حكايات ومصير مرعب لجثثهم يهرب الناس حين يرونها أو يضحكون منها ويشعرون إنها يمكن أن تتحول الى كوابيس ، عجيبة هذه الدنيا بكل ما فيها من حكايات مبكية ومضحكة معا .

[email protected]