17 نوفمبر، 2024 4:33 م
Search
Close this search box.

مصير العراق يتقرر في العوصم الإقليمية!

مصير العراق يتقرر في العوصم الإقليمية!

أن يتقرر مصير العراق في العواصم الإقليمية فهو الأمر الذي يستهجنه أي عراقي شريف ، لأنه ما ان يتطلع في عمق تأريخه حتى يشعر بالغرابة والأسى ، لأن من كان يصنع إسطورة التأريخ ، وكانت بلاده عاصمة الدنيا، وإذا الاقدار تضعها في مرتبة متدنية من التاريخ لاتليق ببغداد ومكانتها.
أنه لأمر مخجل ومروع ويدعو للرثاء ان كبار من يتولون أمرنا يتقرر مصيرهم في الدول المجاورة للعراق وتلك التي تتحكم بمصير العالم، وهي الولايات المتحدة والعالم الغربي، وما نحن مواطنو العراق الا حيوانات مدجنة ليس لديها القدرة على ان تبدي رأيها في قضايا مصرية تتعلق بمستقبل البلاد ونظام الحكم الذي يختارونه لتسيير أمورهم.
ويتساءل الاف العراقيين ممن يتجرعون مرارة  معترك النظام السياسي في بلدهم  لماذا يتقرر مصير بلدنا خارج البلاد؟..الا يكون بمقدور كبار ساسة البلد ان يختاروا هم ولاة أمورنا والقائمين على إدارة بلادنا هنا في بغداد، ويتركوا عواصم دول الجوار لكي لايتركوا لها فرصة ان تتحكم بمصيرنا وهي التي تتولى الأمر عنا بالنيابة وكأننا( قاصرون) لم نبلغ سن الرشد ، وليس بمقدورنا ان نمتلك زمام أمورنا، وهل نحن قاصرون الى هذا الحد، لكي يتقرر مصيرنا خارج البلاد، والى متى يبقى هذا التدخل الجائر يتحكم في رقاب العباد الذين لاحول لهم ولا قوة، وهم أي العراقيون ، يتجرعون كؤوس المرارة المترعة بكل ما يزرع سكاكين غدر في الجسد العراقي ليذيقه مر الهوان.
وهل ان دول الجوار العراقي لديها قادة أفضل من قادتنا وولاة أمور أفضل من ولاة أمورنا ، لماذا لاتنقلب المعادلة ويكون العراق هو من يختار للآخرين ما يشاؤون من انظمة سياسية عصرية تتماشى مع متطلبات حياتهم، وهم قادرون على ان يضعوا خارطة طريق لحكم دول وليس لحكم شعبهم، ولكن دول الجوار لاترضى بحكم العراقيين لأنفسهم، لانها سوف لن يكون لديها فرصة ان تتحكم بمصيرنا ومستقبلنا على هواها، وهي التي تعين لنا وزراءنا وتشكل حكوماتنا خارج الباد ونحن اهل الدار لاعلم لنا بالمزايدات المناقصات التي تدخل مسرح هذا المعترك، ونكون ضحية فرض اتاوات هذا الطرف السياسي أو ذاك النظام المجاور أو تلك الدولة البعيدة عنا في الاصقاع.
ومنذ بداية عصر الخلفاء الراشدين وما بعدهم بقي العراق لاحول له ولا قوة وتتحكم في أمور بلده وتتحدد معالم مستقبله غزوات وحروب وفتن ومؤامرات، وهو من يختارون لنا الولاة ويعينونهم على إدارة شؤوننا وهم من يقررون نوع الحكم الذي ينبغي ان يفرض على العراق، حتى في عصر إزدهار الدولة العباسية، يوم كان العراق يحكم العالم تحاول دول الجوار ومنها ايران والسعودية المسماة انذاك بنجد والحجاز والجزيرة العربية، ومن أبناء تلك الدول يختارون لنا ولاة أمورنا، حتى ان العراقيين ليس بمقدورهم ان يختاروا من يتولى زمام امرهم ، حتى انه بعد انهيار الدولة العراقية في عهد خلفاء بني العباس من ظهر انه راح يتربص بالعراق الدوائر للانقضاض عليه،ليكون مسرحا لمعارك السياسة التي ترسم في خارجه وما نحن الا عبيدا نرضخ لارادة هذا الطرف الاقليمي أو ذاك، حتى ان الدولة العباسية كانت آخر الدول التي أعطت للعراق قيمة اعتبارية أعادت له بعض هيبته التي فقدها في سالف الزمان والدهور الغابرة، وما ان انهارت الدولة العباسية حتى انهار العراق وراح كل من يطمع به ان يشن عليه الغزوات ويتآمر عليه لكي يخضعه لارادته كيفما يشاء.
عجيب غريب أمرهذا البلد، يسمونه بلد الحضارات ، وعاصمته بغداد التي كانت تحكم الدنيا كعروسة غانية مثقلة بالجواهر واذا بها تنزاح خارج التاريخ ، لتكون أشبه بإمرأة (عاهرة)، يحاول ان يركبها كل من أراد ان يفرغ شحناته فيها أو يقضي منها حاجته، بعد ان يمتص خيراتها ويجرد اهلها من ثروات بلادهم، وبقي العراقيون في الأغلب فقراء الحال بل وفي ادنى مراحل الآدمية وبخاصة بعد غزو هولاكو والتتار والمغول. وقد سعى بني فارس للانقضاض على العراق وابتلاعه بعد ان حلموا بامكان ضم العراق الى امبراطويتهم التي حلموا باعادتها تحت العباءة الاسلامية هذه المرة وان كان المضمون فارسيا والهوى عجميا حد العظم.
وما زلنا حتى كتابة هذه السطور لاحول لنا ولا قوة ، نستجدي قوتنا من خارج بلدنا بدلا من ان نكون نحن من يقرر مصيرنا ويرسم خارطة طريقه المستقبلي، حتى كانت الحرب الطائفية آخر نتاج ماخلفته لنا كل هذه التدخلات من غياب لدورنا ودمار لمستقبلنا وضياع دمنا بين القبائل.

أحدث المقالات