18 ديسمبر، 2024 6:21 م

مصير الرجل المفكر

مصير الرجل المفكر

هي مدينة تغطيها المباني والشوارع المزدحمة سر بقائها الحركة الدائمة , الجميع هناك يذهبون لمقار أعمالهم ومشاريعهم بوجود وحش (الرأسمالية) الذي يتلاعب ورغم كل ذلك العبث إلا أنه ما بهم كالبيادق في عصر العدمية الخانع المستسلم ,زال هناك رجل يقبع بمنزل بسيط وسط جو المدينة الخانق يطلق على نفسه لقب (الرجل المفكر) الذي غالبا ما كان يتمشدق به ويشهره كسيف أمام أهل مدينته . فهو مختلف جذريا عن بيئته ومحيطه غير مبال ٍ بالمظاهر الخارجية والأتيكيت , كما ال عند أقرانه هناك فقد ناهز الستين من عمره ورمي الى مزبلة التقاعد هو الحكاللذين سبقوه !. اعتاد الخروج كل صباح واقفا أمام الشوارع المزدحمة ينثر أوراقا خط فيها خطبه وأمثاله التي قد لا يفهما إلا أهل العلم والفلاسفة الكبار !, الذين لم ة هذا !, فهو لا يأبه للمارة الذين غالبا ما كانوا يعد لهم وجود يذكر في عصر العدمييسخرون منه ويقذفونه بشتى أنواع السخرية والسباب ناهيك عن رجال الشرطة الذين لا يقلون ضراوة عن المارة في معاملتهم له , لكن بالرغم من كل هذا الأسى يفعل وعندما الذي كان يشعله من الداخل إلا ان روحه لا زالت تضج عطاءا وحبا بما يعود الى بيته يأوى الى فراشه كعادته بعد ان تناول وجبة بسيطة قد لا تسد رمق من يخرج طوال النهار ويعود في منتصف الليل . لكنه غالبا ما كان يستيقظ من نومه فزعا يتصبب العرق من جبينه كأنه نسي أمورا باتت تشكل في داخله هواجس قلق حة نومه كل ليلة , أما هذه الأمور فهي لا تعدو كونها ووساويس تتعمد ان تقتل رامسائل رياضية وفلسفية دائما ما كانت تجبره على القفز من فراشه مسرعا كي يمتلك الوقت الكاف ليحل رموزها وطلاسمها قبل حلول الصباح الذي لا يقل تعبا وأرقا ى الكلاب والقطط ان عن الليل بالنسبة إليه . فهو رث الثياب كث الشعر واللحية تأبتقربه , فالناس في المدينة يصمونه بشتى انواع الجنون لكنه دائما ما كان يرد عليهم بافتخاره بجنونه وان كان مردود ذلك سيئا !, فالجنون والعبقرية في نظره وجهان لعملة واحدة (وطبعا هذا ليس رأيه وحده في هذا الأمر ) , وذات صباح ذهب الشوارع المزدحمة وكرر صولته اليومية برمي الأوراق تلو الأوراق كعادته امام إحدىفي كل اتجاه , صارخا على المارة يأمرهم بقرائتها لكنهم كانوا يتجاهلون ذلك, فدائما ما كانت أوراقه تأخذ نصيبها من الدهس كل يوم وهذا الأمر كثيرا ما كان يشعره لأرض لأجل جمع ما تبقى من أوراقه , بالغضب والإحباط . وكان ينزل بركبتيه على افعند مسكه بأول ورقة كما يفعل كل يوم لكن هذه المرة جاءته سيارة مسرعة ودهسته بنفس الطريقة التي تدهس أوراقه عندها بدأ أثير روحه يتصارع لأجل

الخروج من قمقم جسده , مرتسما في ذات الوقت ابتسامة هادئة على شفتيه ء حياته وما جنت عليه من ألم وأسى لم يفارقه يوما , وأنما ليس لأنه تخلص من عبالسبب في ابتسامته لأن قلبه اطمئن على الورقة التي كان ممسكا بها حيث لا زالت الكلمات مكتوبة عليها ولم يمحوها السخام مثل كل المرة !, مفضلا ان تفيض .روحه الى الأعلى مقابل سلامة أوراقه لشارع لوقت طويل , أما أوراقه فحملتها فيما بعد رياح وهكذا ظل ممدا وسط اعكسية ونثرتها بين سماء المدينة بشكل عشوائي وكأنها في ذلك تنوب عنه الجنونية التي كان يحرص كل الحرص على إتمامها كل صباح , -لإكمال مهمتهفالهروب من عبث هذه المدينة والناس التي فيها قد تمناه منذ زمن لولا صحته وجسده اللذين لم يسعفاه على تحقيق هذه الأمنية , أما في هذه الصباح فيبدو !. بأنه هرب لكن هروبه هذا قد تم بطريقة مختلفة