مع كون القمة العربية الـ28 التي انعقدت الأسبوع الماضي بالأردن، جهد المقل إلا أن مجرد انعقادها يعتبر نجاحا وسط بحر هائج من الإخفاقات المتكررة. وتميزت هذه الدورة، بمشاركة معظم زعماء وقادة الدول العربية.. الزعماء العرب أكدوا أن المنطقة برمتها تمر بمرحلة خطيرة. وهذا ليس بالشيء الجديد وإن كان حقيقة واقعة هذه المرة لكننا ظللنا نسمع هذه العبارة في كل قمة ربما منذ أول قمة عربية عقدت، ولذا لم يقف المواطن العربي أمام هذه العبارة المستهلكة كثيرا أو أنها أثارت اهتمامه.
قد لا يكون من المنصف أن نلقي باللائمة على الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط لكن الرجل يعتبر أضعف أمين عام يمر على هذه المؤسسة التي وضع العرب كل آمالهم فيها. ولعل من فوائد هذه القمة أنها ذكرت بأن للجامعة أمينا عاما اسمه أحمد أبوالغيط.. فطيلة فترة تسلمه لمنصبه في مارس 2016 التزم الصمت العاجز بينما المنطقة العربية تمور مورا شديدا بالاضطرابات؛ فالعراق منشغل في حرب طائفية، وكذلك سوريا، فيما تنشغل السعودية ودول الخليج بحرب اليمن، وليس الحال بأفضل في ليبيا ومصر والسودان والصومال. ومع أن كل ذلك ماثل لكن تكاد لا تحس من الجامعة وأمينها من شيء أو تسمع له ركزا، رغم أن من مهام أمين عام الجامعة العربية السياسية توجيه نظر مجلس الجامعة أو الدول الأعضاء إلى مسألة يقدر الأمين العام أهميتها، فضلا عن التحدث باسم الجامعة. ويشير تحفظ قطر على اختيار أبوالغيظ أمينا عاما للجامعة إلى إشكاليات تتعلق بأداء الرجل وذكرت قطر آنذاك أن تحفظها “يعود لأسباب تتعلق بشخص أبوالغيط وليس اعتراضًا على كونه مصريًا”. واتخذ أبو الغيط مواقف سياسية لا تنسجم مع النزاهة وروح العمل العربي المشترك حين كان وزيرا لخارجية مصر في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، فقد عمل الرجل باعترافه لاحقا في مقطع مصور انتشر في مواقع التواصل الاجتماعي، على إفساد القمة العربية الطارئة التي دعت إليها الدوحة خلال ترؤسها القمة العربية الخاصة بنصرة الشعب الفلسطيني، خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2008 – 2009.
وعمد أبوالغيط إلى عدم اكتمال نصاب القمة في حينها، وهو الأمر الذي كان الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، قد تحدث عنه في مستهل قمة غزة الطارئة، من دون أن يشير إلى الدولة التي تمنع اكتمال النصاب، بالقول: “ما إن يكتمل النصاب لعقد القمة العربية الطارئة حتى ينقص، فحسبنا الله ونعم الوكيل”.
ومع ذلك ظلت قطر تتعامل بمسؤولية تجاه الجامعة العربية واستقبلت أبوالغيط في الدوحة في إطار زيارة بروتوكولية. حيث درج العرف أن يقوم الأمين العام للجامعة بهذه الزيارة قبيل أي قمة عربية لإطلاع القادة العرب على جدول الأعمال والترتيبات الخاصة بالقمة. في ذات الوقت سددت قطر مطلع مارس الحالي، حصتها المالية في الموازنة الجديدة للجامعة والبالغة مليونين وتسعمائة وثمانية وثلاثين ألفًا ومائتين وخمسة وثمانين دولارًا أمريكيًا. لقد فشلت الجامعة حتى الآن في حل الأزمة السورية التي تشهد أخطر أزمة لجوء تواجهها الأمة العربية إذ تشير الإحصاءات إلى أن عدد اللاجئين السوريين بلغ خمسة ملايين لاجئ.. وبدون حل هذه الأزمة لا يمكن أن نتحدث عن حل عادل للقضية المركزية، وهي القضية الفلسطينية. وعندما يعرب الزعماء العرب في هذه القمة عن استعدادهم لتحقيق مصالحة تاريخية مع إسرائيل مقابل انسحابها من الأراضي التي احتلتها في حرب عام 1967 مذكرين بالمبادرة العربية التي أطلقتها قمة بيروت عام 2002؛ فإنما يحرثون في البحر أو يلهثون وراء سراب يحسبونه ماءً.. فالأمة في أضعف حالاتها ولن تكون إسرائيل ساذجة حتى تقبل بمصالحة تاريخية ثمنها انسحاب من أراض تحتلها منذ عقود وتعمل باستمرار على فرض الأمر الواقع من خلال بناء المستوطنات الإسرائيلية.
نقلا عن الشرق