23 ديسمبر، 2024 10:18 ص

مصر الخديعة .. مصر الحقيقة

مصر الخديعة .. مصر الحقيقة

محافظة (المنيـا)  المصرية أنموذجاً
انا كرجل عراقي ، شاء لي الله (او القدر كما يحلو للبعض تسميته) ، ان أدور البلاد العربية (والعربانية) والجربانية 
وكذلك بلاد الكفر الجميلة ، وبلاد العم حام وسام ويافث  .
ووجدت من المنصف ان اقول كلمتي ، انصافاً وتقريراً للحقيقة ، وكأنها شئ من ادب الرحلات .
سبق لي ان زرت مصر لأكثر من خمس مرات ، وكان المفترض بي ان (ألف) في محافظاتها (الشمالية) والجنوبية ، على الاقل لكي اطلع على موروثها الحضاري والتقني والادبي والثقافي .
زرت فيها معالم كثيرة ، ولم اتوانَ عن زيارة محافظاتها المشهورة (سياحياً) ، كالقاهرة والاسكندرية وبور فؤاد وبور سعيد والغردقة وشرم الشيخ وغيرها .
واكيداً إن إسمي مسجل لدى دوائر الامن والمباحث فيها ، كونها دولة تعتمد على المعلومات ، ولا تدخر جهداً في تثبيت (المعلومات) عن الداخلين والخارجين اليها ، حتى(الدبان الأزرق) .
والدليل على انها دولة تعتمد على دقة المعلومة الاستخباراتية ، انني في زيارتي الاخيرة لمصر ، وذهابي لمحافظة (المنيـا) الجنوبية الصعيدية  ، استوقفتنا (مفرزة) ، وصعدوا الى الباص ، ودون تفريط ،  أمتية في الطريق ، واقبلوا على (سيدة ومعها بنت) ، دون بقية المسافرين ، وكأنهم (مستقصدينهم) ، ولا اعرف سر ارتباك السيدة في الاجوبة على اسئلة رجال الامن ، وارتباكهما في تبرير زيارتهما لمحافظة (المنيا) . 
بعدها ، تم اقتيادهما ، وتفتيش السيارة (الباص) ، وتسريح الاخرين لمواصلة الرحلة .
لقد تابعت الحدث ، والتفاصيل ، وعلمت بأن المفترض ان اقول شيئاً بخصوص (المنيـا) قبل ان ابدأ أغنيتي .
(المنيـا .. ) محافظة صعيدية ، كسرت المقولة الشهيرة (اللي يجي م الصعايدة .. فايدة) ، بسبب كرم أهلها وسؤددهم .
وقد  جذبتني لها معلومات (انترنيتية) بسيطة في رحلتي الاخيرة لمصر .
الغريب في الموضوع انني اكتشفت انني كنت مخدوعاً بمعلومات خاطئة ومخطئة ، ارسلها لي بعض الاصدقاء ، مصريين وعراقيين ، ونصحوني بعدم الذهاب الى (المنيا) .
ولكنني وجدت بان (المنيا) هي (أجمل وأهدأ وأرق وأحن وأطيب وأأمن وأصدق) محافظة بمصر .
مع جل احترامي وتقديري لكل المحافظات المصرية ، ولكن محافظة (المنيا) ليست هي (عروس الصعيد) كما يسمونها ، ولكنا في الحقيقة (عروس مصر) كلها ، بسبب ؛-١/ طيبة اهلها الذين يذكرونك بالافلام المصرية (بتاعت زمان) ، ويذكرونك بـ (منديل الحلو) ، و (يا حلو صبّح) وغيرها من الاغنيات الامنيات .
٢/ انفتاح اهلها ، بحيث تشعر بالامان وانت تحتسي فنجان القهوة بفندق (حورس) ، بقرب شاب يحتسي (البيرة) ، دون ان يعتدي هذا على ذاك ، وتشعر بأن رجال (الأمن) يسجلون حضوراً متميزاً.
٣/ مدينة ترفل بالمعالم السياحية (التاريخية) الخطيرة ، التي لم يسلط عليها الاعلام آلته، امثال تل العمارنة واسطبل عنتر و .. و .. الخ.
٤/ أهلها لا يؤمنون بـ (لخبطة) حركة الدولار ، ولا يحترمون الازمة الاقتصادية العالمية ، ولا يهمهم سعر البترول في اسواق التصدير ، بل  ويعيشون بسلام ومحبة وايثار .
٥/ رجال الامن والمخابرات والمباحث فيها يعيشون الاصالة ، ويتحولون (بسرعة) الى رجال (مساعدة ومعونة) ويقدمون المشورة المجانية للسائح دون (منجهة او تشدد) .
٦/ في المنيا ، تشعر وتعرف معنى كلمة (ابن بلد) وما تحتويه الكلمة من معايير اخلاقية وانسانية .
٧/ في المنيا ، يمكنك الدخول على (المحافظ) من غير استئذان ، او اي دائرة (سلطوية) دون الخشية من التبعات ، ويمكنك ان تقول رأيك بكل حرية ، وكأنك في دولة اوربية . (انا مصر الاوربية يا باشا).
٨/ في المتيا ، لا تفكر بأن احدا او (سواق تكسي) سيستغلك ، بل اغلبهم يرفض (المفاصلة بالسعر) لان السعر ثابت ، حتى انني حين سألت احد سواق التكسي (تاخذ كم ؟) ، قال لي :- (يا عمي الحاج ما تطمعش الناس بالناس ، هيه الاجرة معروفة . 
٩/ في المنيا .. كسائح ، ممكن ان تجد الانفتاح والانغلاق (المؤدب) ، ولن تجد من يكسر عليك حاجز حريتك ، معك صديقة ، معك حبيبة ، معك اختك ، مراتك ، زميلتك ، انتم آمتون ، وكل الاماكن مفتوحة لكن ، وانتم قيد الاحترام ما دمتم محترمون .
١٠/ في المنيا .. ستجد (الطبيعة الخلابة) والجبال والتلال والسهول والخضرة والصحراء والمواسم والحب والطمأنينة والامن .
١١/ في المنيا / تجد الحياة النهارية الكادحة ، والحياة الليلية الفارهة ، وتجد الكلمة الطيبة والاستقبال الرائع دون (مصالح) .
١٢/ بالمنيا .. و (بجد) – كما يقول المصريون – ستجد مدينة رائعة (هادئة صاخبة) ، لا يعرف اهلها انهم يسكنون (أجمل واروع وارق واعذب واحن والذ) مدينة في مصر  والمدن العربية ، لأنهم (بسطاء) ، وكرماء ، وطيبين ، و (مش واخذين موضوع السياحة بجد) ……..
لا اعرف بالضبط لماذا يفضل السائحون مدائن مصر ، ويستغنون عن المدينة الاجمل والاروع والاكثر اثرية وحضارة ؟
لا اعرف لماذا لا بجربوا (المنيـا) وهي اقرب للعقل والذوق والمحبة والاثر والثقافة ؟ بقيت مشكلة ، اعتقد انها من صنع الذين (عاوزين يخربوا السياحة بالبلد) ، وهي انهم يفرضون على السائح دفع بدل الاقامة بـ (الدولار) ، ويقيمون سعر الدولار كما الموجود في السوق (السوداء) ، متناسبن بأن السائح يصرف امواله بموجب سعر (البنك المصري) .