18 ديسمبر، 2024 11:26 م

مصالح الكويت تترسخ في مؤتمر اعمار العراق

مصالح الكويت تترسخ في مؤتمر اعمار العراق

سعت دولة الكويت الى عقد المؤتمر العالمي لاعمار العراق في الثالث عشر من شباط الحالي والذي هو عبارة عن معرض للفرص الاستثمارية التي يمكن للشركات العالمية المساهمة فيها في العراق ولكن من خلال مراجعة أهم الفرص المطروحة نجد الاهتمام بالطرق والسكك الحديد الذي تمتد من جنوب العراق الى شماله أو ما يمثل المحور الاساس للقناة الجافة والتي تريد الكويت من خلالها تشغيل ميناء مبارك الكبير وتعزيز وضعها الاقتصادي عالميا.
لقد كلف أمير الكويت نجله النائب الاول لرئيس الوزراء ووزير الدفاع الشيخ ناصر صباح الاحمد -وهو ربما الذي سيخلف والده ليكون الامير القادم – بادارة الملف الاقتصادي في بلاده وفق رؤية انفتاح الكويت شمالا عبر العراق الى اوربا وكنا قد ذكرنا في مقال سابق أن الكويت أنشأت ميناء مبارك لاهداف عدة أهمها هو جعل هذا الميناء اللبنة الاولى لمشروع القناة الجافة التي كانت يجب أن تبدأ من ميناء الفاو الى اوربا عبر طرق برية وسكة قطار أصلها ماسمي حينذاك قطار الشرق السريع او خط سكك حديد (4B) برلين – بوسفور – بغداد – بصرة وهو مشروع ألماني بدأ العمل به فعليا عام 1903.
كما سعت الكويت من خلال انشاء ميناء مبارك في جزيرة بوبيان على تأكيد حدودها الدولية مع العراق والتي أقرها مجلس الامن الدولي بشكل جائر تحت طائلة الفصل السابع وبموجب القرار 833 لسنة 1993 والذي أعترف العراق به مكرها سنة 1994 ذلك ان الكويت ليست بحاجة الى ميناء يقع الى الشمال الشرقي من أراضيها ولها شواطئ بحرية في الجنوب والشرق تمتد الى حوالي 500 كم وليست بحاجة الى هذه السعة التصميمية التي سوف تسبب بخنق خور عبد الله المنفذ الضيق المؤدي الى ميناء ام قصر العراقي.
ان القناة الجافة التي تربط الصين والهند ودول الخليج والشرق بوجه عام بأوربا كبديل استراتيجي عن المرور بالبحر الاحمر وقناة السويس ومنه الى موانئ البحر الابيض المتوسط تمثل مشروعا اقتصاديا مهما للتجارة العالمية وفكرت الكويت بانشاء ميناء مبارك على خور عبد الله وأخذت المبادرة من العراق الذي تأخر كثيرا في انشاء ميناء الفاو وها هي الكويت تعود الان وفي ظل هذا المؤتمر الى استكمال أهدافها من خلال انشاء البنى التحتية اللازمة للقناة في الاراضي العراقية عن طريق عرض فرص الاستثمار وتضمين ذلك انشاء الطرق الجديدة وخطوط السكك والمحطات مع مناطق الاستراحة والخدمات.
لاشك أن العراق سوف يستفيد كثيرا من هذا المشروع الحيوي للحصول على فرص عمل ومردودات مالية كبيرة ولكن يجب على الحكومة الان الدخول بمفاوضات فنية متخصصة مع الجانب الكويتي لتفعيله اعتمادا على الموانئ العراقية والكويتية بشكل متكافئ من خلال اضافة ميناء الفاو كمشروع استثماري ودعوة تركيا وألمانيا ودول اوربية اخرى للدخول في معاهدة دولية تتضمن كذلك عقد اتفاقيات لانشاء شركات مشتركة لادارة وتشغيل القناة ودعم القطاع الخاص في هذا المجال بالاستفادة من الخبرات الاوربية .
كما يمكن ضم دول اخرى من مجلس التعاون وخصوصا تلك التي قد تتضرر نتيجة هذا المشروع للانضمام الى هذه الاتفاقيات من أجل أن يكتسب القبول والتشجيع والمساهمة برؤوس الاموال والامكانيات التي تمتلكها هذه الدول.
كل ذلك يتطلب من المسؤولين العراقيين والجهات الفنية حفظ مصالح العراق وسيادته خلال المفاوضات مع الجانب الكويتي وعدم التساهل أو الخضوع والقبول بالاملاءات التي شهدناها في اتفاقية الملاحة في خور عبد الله والتي فرطت بحقوق تاريخية للعراق تمت بتنازلات مفضوحة قامت بها الحكومة السابقة التي حرصت على نيل الدعم الكويتي لها أكثر من حرصها على مصالح وحقوق وأراضي ومياه العراق.

سوف تكون الفوائد الاقتصادية والاجتماعية لتفعيل القناة هائلة للبلدين والبلدان الاخرى خاصة ونحن نشهد تراجعا سوف يستمر في الايرادات النفطية كما ان للمشروع أبعادا سياسية وأمنية ايجابية حيث سيكون للبلدان المشتركة ولسائر الدول المستفيدة مصلحة في اشاعة الامن والاستقرار في العراق والكويت كما ان التكامل الاقتصادي بين البلدين والعمل الديبلوماسي لمعالجة مشاكل الحدود المشتركة بنوايا طيبة يؤمن حاضرا طيبا ومستقبلا مشرقا للعلاقة بين الدولتين الشقيقتين ويساعد على معالجة اثار الماضي وما خلفه غزو صدام عام 1990 وماتبعه من عقوبات بحق العراقيين او ما خلفه الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003 وسوف يعيد صياغة العلاقة وفق مصالح مشتركة طويلة الامد.