18 ديسمبر، 2024 8:56 م

مصالحة ” الثريد”

مصالحة ” الثريد”

وحده ملف المصالحة الوطنية منذ ٢٠٠٣ وحتى ٢٠١٧ يثير الشكوك والظنون ويشيطن النوايا بوجود هدر للمال العام، السؤال المفتوح والمنطقي لماذا العراق لم فشل في مصالحة وطنية حقيقية على الرغم من حجم الاموال التي خصصت لهذا المشروع؟
الإجابة بلا حجاب، ان مشروع المصالحة الوطنية السابق  لم يكن ناضجا ولا مفهوما لدى القائمين عليه فقد كانوا يظنون ان الولائم والعزائم والاجتماعات والمؤتمرات هي اعلى مراتب المصالحة الوطنية وهذه الظنون ماهي الا سراب في فضاء سياسي متعتثر.

كان يفترض ان يتولى ملف المصالحة الوطنية شخصية سيادية اي بمعنى انه جزء من غرفة صناعة العراق في العراق ولديه صلاحيات كاملة وبعيدا عن كل هذا كان يفترض ايضا ان تشكل لجان للتصالح مع المعارضين للعملية السياسية الذين لم يتلطخون بدماء الأبرياء.

يفتقد العراق الى قاعدة بيانات عن الاموال التي كلفت مشروع المصالحة الوطنية غير الناجح فضلا عن ذلك ان الرغبة في التصالح مع الاخر لم تكن واضحة.

في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ العراق يفترض ان تتبنى الدولة بعد تحرير الارض والإنسان من داعش مشروعا ناضجا وواضحا لتحقيق المصالحة الوطنية بعيدا عن التضحية بدماء العراق والعمل على ابعاد اي مشروع للمصالحة يشبه مصالحة”الثريد” سيّء الصيت.

الحقيقة المعقولة ان ثمة سوء إدارة في ملف المصالحة الوطنية وغياب الرؤية فضلا عن عدم استقطاب شخصيات مؤثرة  للدخول في العملية السياسية، لكن هل انتهى الوقت ؟:كلا الوقت مايزال تحت اليد عبر قاعدة لا أتنازل عن حقي وأعطيك حقك.
يحاول البعض ان يصوروا المصالحة هي مع القتلة والمجرمين بينما المنطق يقول ان التصالح مع ” الزعلانين ” على العملية السياسية الذين لم يشتركوا بعمليات القتل والتفجير.

لايمكن لنا ان نعيش معا في بلد واحد من دون مكاشفة ومصارحة ومصالحة وتسوية خلافات الماضي مع حفظ حقوق الضحايا والشهداء الذين سقطوا نتيجة لرعونية التخاصم حيث تحولت هذه الرعونية الى أحزمة ناسفة وعبوات قاتلة ومفخخات ورصاصات غادرة .
نحتاج الى جيل جديد يُؤْمِن ان المصالحة ليست ضعفا ولا خوفا بل هي جزء من مقومات بناء البلاد لاسيما اذا كانت هذه المصالحة لا تتعامل مع القتلة والمجرمين وتنسجم مع القانون.

مطلوب كتابة مشروع للمصالحة معقول وقابل التنفيذ والتطبيق يحفظ حقوق” اولاد الخايبة” ويحفظ كرامة الانسان العراقي ويعيد المواطنة ويعزز الثقة بين العراقيين وينشط مفعول التعايش من جديد.

لانريد ان تكون التسوية الاجتماعية او الوطنية التي يتحدث الان عنها التحالف الوطني تشبه مصالحة الولائم وصحون ” الثريد” ومؤتمرات فندق الرشيد الفارغة !