بعيدا عن الميول والاتجاهات وقبل ان يتهمني البعض جزافا ولاننا مهما اختلفنا في الاراء والمعتقدات والافكار ومهما كنا موالين للحكومة او معارضين الا أنني اجزم بانه لايوجد انسان عراقي شريف وأصيل يختلف مع الآخر في تصنيف الارهاب الممنهج الذي يستهدف المدنيين الأمنين هنا وهنا .. من هنا كتبت هذه الاسطر الى كل مخلصي العراق من السياسيين والاعلاميين والمواطنين لعل بها شيئا من الدروس والعبر متعمدا عدم التعليق تاركا للقاريء الكريم حرية المقاربة والمقارنة بين المشهدين العراقي واللبناني خلال تعرضهما الى العمليات الارهابية بسيارات مفخخة وهو الشغل الشاغل لكل افراد شعبنا الصابر..
اذن لابد من وقفة وجدانية ومهنية امام مشهد لبناني مروع نتيجة تفجير ارهابي بسيارة مفخخة ، استهدفت منطقة سكنية في الضاحية الجنوبية وقت الذروة بهدف ايقاع الكثير من المدنيين كما تحدث يوميا في ارجاء العراق .. دعوني ان اصف لكم المشهد من جوانب عديدة مقارنة بمشهد التفجيرات ، مستهدفا الاستفادة من دروسها وعبرتها والانطباعات التي خرجت بها قدر الامكان وبالأخص الطبقة السياسية في الحكومة وأعضاء مجلس النواب والزملاء الاعلاميون والمؤسسات الاعلامية وكل مواطن حريص على بلاده وشعبه ..
وقد حاولت تسجيل ملاحظاتي هذه من خلال مراقبتي للمشهد عن كثب سواء للشارع اللبناني من خلال معايشة حقيقية في مكان العمل الذي كنت فيه قريبا من مكان الحادث وحتى عودتي الى الفندق الذي اقيم فيه بشارع المطار قرب الضاحية ، ملتفتا الى كيفية تعامل وسائل الاعلام اللبنانية مع المشهد الانتحاري الصادم للمواطن اللبناني من خلال مراقبة التغطية المباشرة لقناة المنار والقنوات الاخرى وعلى مدى اكثر من ثلاث ساعات .
الناحية الميدانية واللوجستية :
1- الزمان بعد السادسة بربع ساعة عندما دوي صوت انفجار هائل هز اركان الضاحية الجنوبية واهتزت على اثره زجاج النوافذ في شركة متخصصة بتصميم الكتب والمطبوعات التي كنت منهمكا في تصميم كتابي شارع المطار الذي .. الذهول بدى واضحا على المارة والارتباك رسم اسئلته على وجوه الناس من سكان المنطقة واصحاب المحال في الاسواق والطرقات وانا اعود ادراجي الى الفندق والهمس كان سيد الموقف بينهم وحتى سائق التاكسي كان يتحدث بالهمس مع راكبيه ماذا ؟.. اين ؟ من ؟ كم الضحايا ؟ ولكن الهمس لم يرقى الى الصياح او التذمر وألقاء اللوم على هذا وذاك وهو في اشد حالات الشد النفسي ، ما أثاراعجابي بالشعب اللبناني ولحد اللحظة التي اكتب به هذه المشاهدات لم المس أي تذمر يذكر .
2- بكل هدوء اتجه الشباب الى مكان الحادث لانقاذ الضحايا والجرحى فيما جلب نظري انتشار سريع لشباب حلوين يرتدون ملابس مودرن يمتطون موتورسيكلات لتنظيم السير ومساعدة الناس على تفريغ المنطقة المنكوبة .
3- مكان الحادث اكتظ بالشباب رغم علمهم بمحاذير استهداف التجمع من جديد ولكنهم اصروا على التواجد والمساهمة بانتشال الجرحى والمحاصرين في البنايات العالية .
4- وصول فرق الدفاع المدني رغم زحمة الطريق والقيام بواجباتها على اكمل وجه .
5- فتحت ثلاث مستشفيات ابوابها ودخلت بدرجة الانذار القصوى وعمدت كل منها لفتح جناح طواريء لاستقبال الجرحى فورا وظهر احد مدراء المستشفى في احدى القنوات وهو يستقبل الجرحى بنفسه على بوابة مستشفاه .
6- اتبعت المستشفيات اسلوب تدوين اسم ورقم تلفون الجريح عند ادخاله ، فقامت ادارة المستشفى بالاتصال باسرهم وذويهم لطمأنتهم .
7- تواجد الشرطة الجنائية لاجراء التحقيقات الجنائية .
8- انتشار الجيش اللبناني بسرعة وتشكيل طوق امني حول الضاحية
9- تواجد مسؤولي البلدية على رأس الحاضرين وقيامهم بتأجير الآليات والمعدات الثقيلة اغير المتوفرة لديها .
10- حضور وتواجد اكثر من نائب لبناني في مكان الحادث وسط الجماهير التي ساهمت في اعمال الطواري والانتشال .
11- حضور وزير الزراعة اللبناني شخصيا ومساهمته شخصيا في ابعاد الناس عن مكان الحادث .
12- حضور قادة بارزين من قيادات الخط الاول لحزبين فاعلين ذو قاعدة شعبية واسعة في منطقة الانفجار ، تضامنا مع اهليهم وناسهم وقيامهم بالمساهمة في اجلاء الجرحى الى المستشفيات .
13- عمليات اطفاء الحرائق تمت بعد ثلاث ساعات تقريبا وكذلك اخلاء الجرحى ولكن تأمين المكان وانقاذ العالقين فوق السطوح والطوابق العليا تم بعد خمس ساعات الجرحى ، بحصيلة 19 شهيدا و280 جريحا .
14- عملية تنظيف المكان من المخلفات في محيط مكان الانفجار بدأ الساعة 11 مساءا من قبل فرق البلدية والبلديات المجاورة والدفاع المدني بالتعاون مع مجاميع المتطوعين .
15- فاتني أن اذكر بأن مراسلي القنوات التلفزيونية كانوا قد وصلوا الى مكان الحادث وبالاخص قناة المنار والميادين بعد دقائق من الانفجار .. هذا ما سنتحدث عنه في الجزء الثاني وبشكل لا يخلو من تفاصيل فامهلونا الى الغد لنخبركم كيف كان الاداء الاعلامي لهكذا حادث !