22 نوفمبر، 2024 11:19 م
Search
Close this search box.

مشكلة بحجم وطن

مشكلة بحجم وطن

من بعض ماتعلمناه من اهلنا ان المشكلة العائلية مهما كان حجمها فهي صغيرة مادامت داخل البيت ولكنها تزداد ضخامة وتعقيداً اذا صارت خارج البيت وتشتد استعاراً بزيادة التدخلات الخارجية.
هذا على مستوى البيت والاسرة، اما على مستوى الوطن فتجارب السنين التي كتبت تأريخ الدولة العراقية ما زالت شاخصة امامنا ومازلنا ندفع ضريبة تدخلات الاخرين التي انتجت حروباً داخلية وخارجية خربت بنى العراق الاقتصادية ودمرت ثرواته واكلت خيرة شبابه. على عكس اللجوء الى الحلول الداخلية والتوافقات التي تعطي لكل ذي حق حقه بتنازل عن رضا من هذا الطرف يقابله تنازل طوعي من الطرف المقابل. وهذا ما اثبتته تجربة السنين المنصرمة وما رافقها من تداعيات سقوط السلطة السابقة ومع حداثة التجربة ومحاربتها من اعداء الخارج والداخل لكنها استطاعت الثبات بفضل سياسة التوافقات والشراكة الوطنية في ادارة العملية السياسية. وبما ان عناصر المشتركات كثيرة ومقبولة، وبما ان ما يوحد العراقيين وما يجمع الشركاء كثير حتى ان تنوعهم القومي والديني والاثني والعشائري عامل قوة وان مايفرقهم خط وهمي ترسمه انانية مصلحة شخصية او فئوية سرعان ماتزول ويسهل محو ذلك الخط ،فمن باب أولى اللجوء الى بيت الاسرة لتذليل اصعب مشكلة، واطفاء اشد جمرة ،وعدم التفكير في اللجوء الى الأخرين الذين لم ولن يكونوا احرص من العراقيين على اطفاء حرائقهم واعادة بناء وطنهم ان لم يكونوا ممن يسكب الزيت على النار ليزيدها اشتعالاً. ولو سألت ابسط مواطن عراقي عن الازمات والمشاكل والاحتقانات الطائفية فسيجيبك على الفور بان هناك اطرافاً خارجية تقف وراء ذلك، وتدفع اذنابها لافتعال تلك الازمات ،وتبذل الاموال الطائلة لاجل ديمومته، لان العراقيين نسيج متماسك وان تعددت اطيافه والوانه. ان فشل الاطراف السياسية في التوصل الى حلول مقبوله في حل مشكلة الرئاسات الثلاث وتشكيل الحكومة امر يدعو للأسى والحزن – وخاصة في مثل هذه الظروف العصيبة والاخطار التي تحدق بالعراق من جهاته الاربع – كونه يهيء الساحة ويشرع الابواب للتدخلات التي ستضع مصالحها واجنداتها في طيات الحلول المزعومة والتي عجزت الاطراف صاحبة الشأن في الاهتداء اليها مع انهم جميعاً يرددون “اهل مكة ادرى بشعابها” وان المصلحة الوطنية فوق المصالح الحزبية والفئوية!.
هذا الفشل والتلكوء والتعثر شجع بعض الاطراف من داخل العملية السياسية على محاولة اقحام اطراف عربية ودولية في حل معضلة القرن وكأن العقول والارادات العراقية عاجزة تماماً عن حل معضلة رئاسة الوزراء وتسمية رئاسة البرلمان ورئاسة الجمهورية والاسراع بتشكيل حكومة تضم كل اطياف الشعب العراقي.
لاشك ولا ريب ان الداعين الى تدويل قضية تشكيل الحكومة العراقية قد فاتهم ان دخول الامم المتحدة او الولايات المتحدة الامريكية او غيرها على الخط قد يضع حلولاً تتقاطع مع استحقاقات العملية الانتخابية وتتعارض مع مواد الدستور وهذا ما سيفتح سجالاً جديداً وجدلا واسعاَ،ً ورفضاً قاطعاً من قبل  جميع اطراف العملية السياسية.
ان وصول هذه القضية الى باب مسدود جعل كل الخيارات مطروحة وممكنة. ومثل هذه الخيارات لا تسهم في تقدم العملية السياسية بالشكل الذي يتمناه العراقيون في رسم مستقبلهم وحل مشاكلهم المستعصية المتمثلة بغياب الخدمات وتدهور الاوضاع الامنية وتفشي الفساد المالي والاداري، والبطالة وضعف البنية الاقتصادية وتوقف المشاريع وغيرها.
ان كثيرا من الاطراف تسعى الى استمرار مشكلة تسمية الرئاساة الثلاث والعمل على حل توافقي قريب وبذلك يتم فرض سياسة الواقع والتي تجعل العملية السياسية تراوح مكانها دون تحقيق اي منجز منتج وتدفع اطراف وشركاء العملية السياسية للانشغال بتحقيق مكاسب فئوية وحزبية ضيقة.ان المواقف المتشنجة والاصرار على الرأي الفردي لايسهم في حل ابسط المشاكل بل يزيدها تعقيدا فكيف اذا كانت المشكلة بحجم وطن .وطن يخوض حربا مختلطة الاوراق ،مفتوحة الجبهات، متداخلة الخنادق؟!.
يقول الصينيون / ان قوة عود الخيزران تكمن في مرونته .

أحدث المقالات