السيدة أم طارق مهاجرة عراقية الى ألمانيا تم تكريمها من قبل المدينة بكتابة إسمها في لوحة الشرف والموضوعة في مكان بارز تقديرا لخدماتها الإنسانية ، ولم أستفسر عن نوعية الخدمات التي قدمتها كي لاتكون المقالة مرتبة مسبقة مع زوجها ، فقد كتبتُ هذه المقالة دون علمه ، ورغم ان أم طارق سيدة متحضرة ومثقفة وعملت مدرسة في العراق ، لكن زوجها أحجم عن ذكر إسمها على صفحته في الفيسبوك حينما ذكر خبر التكريم ، سبب عدم ذكر إسمها يعود الى الحفاظ على مشاعرها وحمايتها من هجمات الجيوش الألكترونية للأحزاب الشيعية وعناصر المخابرات الإيرانية الذين لا يتورعون عن إستخدام الشتائم والكلمات البذيئة ضد كل من يخالفهم الرأي .
وبما ان أم طارق هي زوجة الصديق اياد الزاملي رئيس تحرير موقع كتابات ، فإن صاحب الموقع وعائلته عرضة لهجمات هذه الجيوش الألكترونية بسبب ما ينشره من مقالات تنتقد العملية السياسية ، وكذلك بسبب مايكتبه الزاملي من آراء سياسية معارضة على صفحته في الفيسبوك ، وهذه المشكلة تلخص سبب فشل الديمقراطية في العراق وعموم الوطن العربي !
في العراق وعموم الدول العربية .. لايوجد إيمان بحق الإختلاف بين الناس ، وكل طرف يريد استنساخ الأخر على شاكلته وتحويله الى نسخة منه ، ويعد الرأي الآخر في هذه المجتمعات تهديدا لمكانة ومكاسب الطرف المختلف معه لأن العملية السياسية تقوم على أساس إفتراس المغانم وليس تقاسم الحقوق والعمل من أجل مصالح البلد .
و بتحليل أكثر عمقاً في المجتمعات العربية والشرقية – معظم الناس – لايزالون في الطور البدائي الحيواني الذي لم يصل الى مرتبة العقل ، ولهذا تراهم يعيدون إنتاج سلوك مرحلة الصيد وخوض المعارك للظفر بالطرائد والهيمنة عليها من قبل الصيادين ، هكذا تجري العملية السياسية بين الأحزاب ومن يتبعها ومن خلفهم إيران ، فكل شيء يسير وفق نظام العصر الهمجي ، وكل التصرفات تمارس عملية تدمير الخصم بواسطة العدوان اللفظي والجسدي .. وبحكم وجود ثروات النفط في العراق فإن الصراعات بهدف السيطرة على أموال بيع النفط من قبل عصابات الأحزاب يتخذ أشد حالات العنف والهمجية .
من يتوقع تطور الديمقراطية في العراق ونجاحها .. فهو اما جاهل في طبيعة المجتمع ، واما حالم رومانسي عقله لايصلح للتفكير في الشأن السياسي ، ولأول مرة بتاريخ العراق نشهد ان البلد يسير نحو المجهول ليس له حاضر ومستقبله غير معروف ، والمؤسف ان الأمل مفقود والأكثرية تتوقع القادم أسوأ ، وقد ثبت بالتجربة نحن مجتمعات لاتفهم غير لغة القوة ، ولا يناسبها إلا حاكم دكتاتور إيجابي عادل على غرار حكام دول الخليج العربي الذين يرعون شعوبهم ويقدمون لهم كل شيء ماعدا الديمقراطية لأنها لا تصلح للبلدان العربية .