استوقفني طويلا ً ما ذهب إليه الكاتب الدكتور حميد عبداللة في موضوعه المنشور في جريدة المشرق يوم 1/9/2012 تحت عنوان ( سوق لتزوير الوثائق والبشر أيضا! ) والذي طال فيه مدينة الصدر « الثورة « سابقا ً بكثير من التجني والظلم ومحاولته الفاضحة لخلط الأوراق من أجل تزييف الحقائق
وتحميل وزر كل ما يجري من تزوير ومخالفات وسرقات إلى من يبيعوا ويبتاعوا في سوق مريدي هذا السوق الذي شكل الملاذ الوحيد للكثير من المعدمين في سد رمقهم دون اللجوء إلى المحظور والمحرم ونحن عندما نطرح الموضوع بهذه الشاكلة فإننا لسنا بصدد محاولة تبرئة ساحة هذا السوق من مخالفات حفل بها المجتمع العراقي بالسنوات الأخيرة بقدر ما تمليه علينا الأمانة المهنية من طرح الأمور وان كانت قصص خبرية بموضوعية وأمانة تامة ووضعها في نصابها , ان من يطلع على ذلك الموضوع يستطيع وببساطة ان يقرأ ما بين السطور ومحاولة إلصاق التهم وحصرها بسوق لو شكل مشكله فعلا ً لكان الحل يسير ولعشنا بأمان إذ لا يتعدى ذلك بضعة عساكر من اجل أحكام السيطرة عليه وينتهي الموضوع .. إن كاتبنا يعلم جيدا ً إن الذي يجري اليوم تجاوز حدود هذا السوق إلى حد بعيد وبعيد جدا ً حتى أصبح نقطة في بحر فالفساد الإداري والمالي الذي طال أموال الشعب وأرواحهم شكل آفة لم يعرفها العراق من قبل مما جعله يتصدر قوائم دول العالم بالفساد وأصبح ممرا ً آمنا ً وسوقا لتجارة المخدرات وطرفا ًفي اكبر الصفقات فسادا بالتاريخ بدءً من العسكرية المتمثلة بالطائرات والمعدات المنتهية الصلاحية مرورا ً بفضيحة أجهزة كشف المتفجرات وانتهاءً ببعض مفردات البطاقة التموينية غير الصالحة للاستهلاك البشري هل تم كل هذا في سوق مريدي ..؟ أم ان الأمر ورائه دول ومنظمات تستهدف العراق بشكل عام ثم إذا عرجنا على تزوير الوثائق الذي تناوله الكاتب بإسهاب فالإحصائيات التي تناقلتها بعض وسائل الإعلام تشير إلى أن هناك ما يقرب من 20 ألف موظف في الدولة منهم 2.000 يتولون مناصب الدرجات الخاصة. يحملون وثائق دراسية مزورة وهذا طبقا لآخر إحصائية في هذا المجال أنجزتها لجنة النزاهة في مجلس النواب بالتعاون مع هيئة النزاهة العامة ونشهد اليوم مطالبات جادة وحقيقية لشمول هؤلاء بالعفو العام ؟؟ إضافة إلى ما أثارته اللجنة في أوقات سابقة عن وجود معلومات وردت لها من جهات خاصة تشير إلى أن مسؤولين كباراً في الدولة بمستوى برلمانيين ووزراء يحملون وثائق مزورة ، في ذات الوقت تؤكد هيئة النزاهة إنها عاجزة عن التحقيق في هذا الملف ، بسبب عدم امتلاكها خبراء متخصصين بمجال التحقيق , ووجود جهات منتفعة تسعى إلى تعطيل جهود محاربة الفساد والتزوير , جملة هذه المعطيات تشكل خير دليل على ان المشكلة اكبر من تشخيص كاتبنا وجعلها مرتبطة بهذا السوق وانه جانب الحقيقة بل ابتعد عنها كل البعد لأهداف قد يعرفها البعض دون الأخر .
[email protected]