18 ديسمبر، 2024 7:47 م

مشروع قانون النقابات والاتحادات المهنية .. وجهة نظر قانونية

مشروع قانون النقابات والاتحادات المهنية .. وجهة نظر قانونية

قبل أكثر من عام ,طرحت فكرة تنظيم الية العمل المهني في النقابات والاتحادات ,وفق قانون خاص ينظم التخصص والمهنة واخضاعه لجهة قطاعية ,هذه الافكار الاولية طرحت من قبل اعضاء مجلس النواب ,بعد ذلك ,موافقة مجلس الوزراء على (مشروع قانون النقابات والاتحادات المهنية ) الذي دققه مجلس شورى الدولة، وإحالة الى مجلس النواب، استناداً الى احكام المادتين (61 /البند أولا و80 /البند ثانياً) من الدستور, وجاء في مضمون الاسباب الموجبة ,لغرض وضع تنظيم الإطار القانوني لتأسيس النقابات والاتحادات وكفالة الدولة لها ولضمان حقوق ذوي المهن والحرف واكتساب العضوية فيها وتحقيقاً لإسهام النقابات والاتحادات في عملية الاستثمار والتنمية ودعم الاقتصاد الوطني ,شرع هذا القانون .هناك جملة من التساؤلات والاستفسارات يثيرها هذا القانون قبل نقده ويجب شرح مضمون اهم المواد وفق الرؤية القانونية والمهنية ورسالة الحق التي يضطلع بها القانوني ويصدح بها .
قانون النقابات والاتحادات المهنية ,قانون خطر على التنظيم النقابي والمهني – المحامي والصحفي والاعلامي والطبيب ,هؤلاء هم اصحاب رسالة انسانية للدفاع عن الحقوق والحريات وانقاض ارواح الناس أو تقديم خدمة إنسانية جليلة ,وأن مساواة المحامي الذي يدافع عن الحقوق الخاصة والعامة يومياً يتمثل في دور القضاء – والمحاكم ,فأنه يدافع عن العدل والمساواة التي كفلته رسالة المهنة والدستورية بموجب الدستور المادة (18)/ثالثاً – (التقاضي حق مصون ومكفول للجميع ). والمادة (الحادي عشر )- تنتدب المحكمة محامياً للدفاع عن المتهم بجناية أو جنحة لمن ليس له محام يدافع عنه , وعلى نفقة الدولة . اذا كلمة المحامي في الدستور تعني كلمة الدفاع والتمثيل دستورية ولا يمكن تجاهلها أو تقويضها بحجة تنظيمية ويجب أن تنظم بقانون خاص لأنها اخطر مهنة إنسانية في الدفاع عن كل الحقوق والحريات – وتسيسها تعني وضع قوالب سياسية على الافكار والحجج القانونية للتصدي أو الدفاع عن هذه الحقوق وفق القانون – المادة (19)/رابعاً- حق الدفاع مقدس ومكفول في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة . هذه النصوص الدستورية تتكلم بشكل مطلق عن الدفاع ولا تخضع لغير القانون ,وطالما أننا نملك قانون خاص بموجب القانون 173 لسنة 1965 المعدل فهذا يناقض المادة -2- (أولاً )- وضع اطار عام لتنظيم عملية تأسيس النقابات و(خامساً ) – ضمان استقلالية النقابات – وهذا غير صحيح بالسياق العام عندما نتمعن بالفقرة حيث ان فرض للوائح التنظيمية من سلطة تنفيذية من قبل وزارة او مجلس الوزراء هو تدخل بعمل هذه النقابات وهذا خلاف الدستور.
أن القانون ينظر الى حرفة العرضحالجي ومهنة المحامي بمنظار واحد, تعليمات وقانون موحد ,وهذا غير جائز لان مهنة المحامي هي مهنة مقدسة وتخضع لمؤسسة تاريخية بحكم الدستور المادة (19)/رابعاً. (حق الدفاع مقدس ) اما بخصوص التفريق بين النقابات المهنية والنقابات العمالية وهي محل اختلاف واضح في الآلية والتنظيم والمرجعية ,بحكم قانون النقابات المهنية – والتعليمات والانظمة لنقابات العمال ,فكيف يمكن أن نساوي بين التنظيمين وفق قانون واحد وتعليمات تمس بروح وجوهر الدستور ,عندما نلغي هذين الكيانين ونوحدهما بكيان طارئ ونصفهم بالمنظمة المهنية – المادة -1- اولاً من مشروع القانون .
وان رفض انتزاع قانون رقم (173) لسنة 1965 المعدل ,ولا اقول هو قانون يستوعب الحداثة والتطور ولكنه يحتاج الى اصدار قانون جديد او تعديل القانون لشموله بالمديات الاعلى للحريات والحقوق من اجل مواد اضافية تفي بمتطلبات الحالة الدستورية وعدم الحكم برغبة سياسية أو رغبة حزبية , وتقليص حدود الصلاحيات الحكومية الادارية أو التداخل بالعمل المهني ,أن اصحاب الرسالة المهنية المحامين والصحفيين والأطباء عليهم واجب التمسك برسالتهم الانسانية ,وأن طبيعة التنظيم القانوني لنقابة المحامين العراقيين محكومة بقانون يختلف عن التنظيم الاداري لنقابات العمال وهو محكوم بأراده تنظيمية أدرية تختلف عن التنظيم القانوني المرافق لعمل المحامي وهو القانون الخاص .أن الفرق كبير بين مصطلح النقابات المهنية ومصطلح النقابات العمالية ومحاولة دمج المصطلحين ضمن مفهوم سياسي (منظمة مهنية ) مرفوض وهو تسيس للعمل المهني الذي يخل بمبدأ حق الدفاع مقدس .
جاء في المادة -4- اولاً لذوي المهن واصحاب الحرف تأسيس النقابات والاتحادات بحسب المهنة أو الحرفة ,وهنا اطلق كامل دون قيود محددة مما يخرق العمل المهني ويؤدي الى أرباك عندما لا توجد غاية محددة في هذا الاصطلاح غير تركيز الانقسام والتشرذم وزيادة الولاءات على حساب المهنة ,كذلك ان الفقرة ثالثاً- من المادة -4- (جاء بالنص للشخص الطبيعي من ذوي المهن والمؤهلات الانتماء الى أكثر من نقابة على الا يرأس أكثر من واحدة ). وهنا نشخص ان هذا النص لا يستقيم مع التنظيم المعلن عنه بل على العكس سوف يثير فوضى عارمة يجب تشذيب هذه المادة وتحديد الانتماء وعدم الانتماء الاكثر من نقابة الا اذا كانت غير متماثلة حتى لا يتم استغلالها من قبل الاشخاص غير المهنيين والمعاقبين والمخالفين والطارئين على المهنة .
أن يتصدر وزير العمل والشؤون الاجتماعية للمشهد النقابي القانوني من تعليمات, وفق المادة -6- اولآ- وثانياً – لتسهيل المنهاج السنوي يخضع لتدقيق وزارة العمل والشؤون الاجتماعية وتنفيذ أحكام القانون وهو يمس بالعمل المهني, ومعيب ومخجل حيث لا يستقيم مع فهم وادراك عميق للعمل المهني القانوني وهو شخص غير معني بالتعامل بالنصوص القانونية .كذلك أن تدخل السلطة التنفيذية بتشكيل لجنة من رئاسة الوزراء للأشراف على انتخابات الاتحادات والنقابات يسقط فرضية الحريات النقابية في العمل ويصبح جزء من سلطة القانون وهي سلطة مسيسة وغير مقبولة في النظم الدولية .
وأن اشراف القضاء الاداري – الذي يمثل قضاء الدولة ونظر اي تظلم أو قضية لحسم الخلاف القانوني بموجب الادارية ,وهو يمس بحقوق المحامي الذي اعتاد حسم الامر بالقضاء العادي (قضاء المحاكم )وهو المعني بالأمر وليس القضاء الاداري المادة -6- خامساً – (يجوز التظلم من قرار الرفض لدى رئيس الجهة القطاعية المختصة وتكون قابلة للطعن بها امام القضاء الاداري خلال 30 يوم ,…).
كذلك تم استبعاد كل وسائل التواصل الاجتماعي والاعلام الإلكتروني والاكتفاء بدعوة الهيئة العامة عن طريق صحيفتين يوميتين في الاقل .المادة -8- أولاً- مما يحرم المجتمعات النقابية من فكرة الاعلام الالكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي الحديث الذي اصبح ضرورة مجتمعية .
ومما جاء في القانون أن العضو المحال على التقاعد بسبب العجز أو بلوغ سن القانونية الاحتفاظ بعضويته ,المادة -12- فقرة ثانيا , مما يخلق مشاكل أدرية وتنظيمية على المهنة في منافسة غير مشروعة من اجل الاستحواذ على اعمال المهنة دون افساح المجال للجيل من الشباب بالعمل وفق منافسة مشروعة ,باعتبار المتقاعد اكمل رسالته المهنية والانسانية ويجب عليه الابتعاد ,لإفساح المجال واعطاء فرصة للشباب من المهنيين .
أن ترك حرية تأسيس النقابات والاتحادات الى (25) شخص من ضمنهم ثلاثة مؤسسين وفق الطائفة أو القومية أو الدين أو المهنة أو العرق وهي تمس بالوحدة الوطنية ,وتحجم من حرية الفكر والدفاع عن الحقوق والحريات ,وتصبح انتقائية في التعامل مع الحالة الجغرافية للمحاكم , المادة -5- (يختار مؤسسو النقابة من اصحاب المهن أو اصحاب الحرف الذين لا يقل عددهم عن (25) شخصاً فيما بينهم لجنة تسمى (لجنة التأسيس) تكون من (3-5) ثلاثة الى خمسة أشخاص تتولى المهام تهيئة المستلزمات ومسك السجل الخاص وتهيئة مقر واعداد نظام داخلي . وهنا سوف يتم الغاء كل القوانين الخاصة والاستعاضة عنه بأنظمة داخلية فقط .
هذه الفقرات الأبرز في قانون النقابات والاتحادات المهنية ,وهي محل خلاف ورفض من قبل شريحة واسعة من اصحاب المهنة المقدسة ,ويحتاج الى قرار مهني ونقابي بالتصدي لتقويض مساعي لحكومة والبرلمان ورفض سياسات السيطرة على الحريات المهنية والمحافظة على استقلالية المهنة ضمن المحافظة على القوانين الخاصة ومنح حوافز قانونية وحقوقية اضافية تعطي ريادة للمهنة ولا يتم انتزاع هذه الاستقلالية بإلغاء القوانين الخاصة ,والاستعاضة عنها بلوائح تنظيمية تصدر من جهة تنفيذية – وهو احد اهم صراعات ثقافة العمل المهني المستقل وهو صراع دكتاتوري بين الدولة المدنية الدستورية التي تمثلها (النخبة المهنية ) وبين السياسيين الذين يحاولون تقويض هذه الحريات المهنية بالتحايل على الافكار بتسويق اعلامي وبرلماني ,بحجة تنظيم المهنة وهذا هدم للحريات ويحتاج الى جهود مشتركة من اجل رفض هذه السياسات والمناداة بالحق والعدل والضمير دائماً وابدأ في ظل الدولة الدستورية .