في سابقة تحسب إلى وزارة التعليم العالي تبني مشروع تحديث المناهج الشرعية في كليات التعليم العالي في مبادرة لنبذ الفرقة الطائفية ودعم الوحدة الوطنية في ظل تطوير مناهج التدريس في العلوم الإسلامية والمشكلات الإنسانية المعاصرة ، فالمجتمعات العربية والإسلامية ومنها العراق تعاني اليوم من التطرف الإسلامي والفكري والثقافي فمن الأفكار الإسلامية التي تكفر الأخر المخالف إلى الأفكار الثقافية المتطرفة التي تريد العودة بالمجتمعات إلى الوجودية وإنكار الخالق وكلها أفكار هدامة قد تذهب بالمجتمعات إلى عدم الاستقرار والأمن والانحراف الأخلاقي ، فإذا كان الإسلامي متطرف في أفكاره فهناك المثقف المتطرف أيضا والكل خطر على المجتمع قد يكون الإسلامي التكفيري اخطر بما يملك من وسائل للقتل والإرهاب بيد أن هناك مثقفين يحاولون الإساءة إلى الثقافة الإسلامية الأصيلة من خلال إلصاق ما يحصل في المجتمعات الإسلامية إلى الإسلام .
من هنا تعد مبادرة الجامعة العراقية من خلال مؤتمرها العلمي لتطوير مناهج التدريس في العلوم الإسلامية وتطهير هذه المناهج من الأفكار الهدامة من خلال جمع عديد من الأكاديميين ورجال الدين من جامعات وكليات العراق المختلفة بكلا الطائفتين في مبادرة لترسيخ الوحدة الوطنية والبحث عن نقاط الالتقاء من خلال تحديث وتوحيد المناهج التي تدرس في كليات وأقسام الشريعة والفقه وأصول الدين في كل محافظات العراق بما يساهم في نبذ الطائفية وإنشاء جيل يعتمد الإسلام كأساس للتعايش السلمي بعيدا عن التعمق في نقاط الخلاف التي قد تثير الفرقة بين العراقيين.
اليوم العراق أحوج ما يكون إلى الوحدة الوطنية وغرس بذورها في الجيل الجديد وهذه مهمة التعليم العالي والنخب التدريسية التي تلقي على عاتقها مهمة غرس روح التعايش السلمي بين أبناء الطوائف الإسلامية وغير الإسلامية من الديانات السماوية الأخرى فضلا عن مهمتها في بناء منهج جديد في الدراسات الإسلامية مبنيا على أسس التعايش والوحدة الوطنية وثقافة تقبل الآخر من اجل بناء جيل يؤمن بالتجديد والوسطية. ونظرا لأهمية المناهج الشرعية في بناء الجيل الجديد بعيدا عن الفرقة الطائفية والتي تأتي الحاجة إليها من منطلق الوضع الذي يعيشه البلد الآن بعد خروجه من محنة الحرب الطائفية والفرقة، وهنا جاءت أهمية الدعوة لتغيير مناهج الكليات والأقسام المتخصصة بعلوم الفقه والشريعة قبل سنة من الآن حيث دعا إليها السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي علي الأديب .
والفكرة من ذلك، هي إعادة النظر في مناهج الجامعات جميعها ولاسيما الكليات التي تدرس العلوم الشرعية وبعض الكليات الإنسانية التي تدرس التاريخ والعلوم الاجتماعية والمناهج لتكون مواكبة للتطور في العالم، لكن القضية الأساسية التي قد تكون عقبة أمام الوزارة هي قضية المناهج الخاصة بالكليات الشرعية والتي لها خصوصية كون لدينا عدة مذاهب منها: الشافعي والحنفي والحنبلي والأمامي والزيدي وغيرها كثير. فهناك بعض الآراء تذكر بأن الكتب المؤلفة في الحقبة السابقة والتي تدرس علوم الفقه وأصول الدين والشريعة في الكليات المتخصصة في العلوم الإسلامية راعت بعض المذاهب دون المكونات الأخرى، لذلك تولد الرأي لو يكون هناك توازن في التأليف وذلك بذكر آراء المذاهب جميعها دون تمييز ومن خلال الاعتماد على أسس بعيدة عن إثارة الحساسية أو الشقاق بين الشعب الواحد. وبالتالي هنالك اتفاق وتفاهم على وجهات النظر حول الخلاف والذي جوهره هو الآتي الكتب المؤلفة تذكر وجهات نظر جميع المذاهب، لكن الحديث هو كيف يتم ذكرها الآن وكيف يمكن تطويرها لكي تكون شاملة لكل المذاهب، فصار الاتفاق أو الإجماع على أن يذكر ما يوحد ولا يفرق ويجمع ولا يشتت ويؤلف ولا يباعد، فالتاريخ فيه الجيد والسيئ وكتب فيه أشياء كثيرة غير صحيحة ، لذا نحن بحاجة إلى إعادة كتابة التاريخ وعندما نعيد كتابة التاريخ، نحذف منه كل ما من شأنه أن يثير الحقد والحساسية والمشاكل، وعندما نكتب في الفقه أيضا نذكر الآراء التي هي قريبة من بعضها أو على اقل تقدير أن تكون مسألة طبيعية أي ما يكون آراء حيادية لا تشكل حساسية.
واليوم المجتمع عليه دعم الجهود التي تقوم بها الوزارة في توحيد وجهات النظر في المناهج فمثلا عندما تكون هناك قضية حساسة يركز عليها الشيعة ويعقدونها صحيحة، يجب أن يبتعد عنها السنة ولا يمعنون في مناقشتها ودحضها والتشكيك بها، وإذا كانت هنالك قضية يركز عليها السنة ويعقدونها صحيحة فايضا ليس على الشيعة مناقشتها ودحضها ، والقصد من ذلك إنشاء جيل واحد جيل إسلامي وجيل عراقي موحد. نحن جميعا إسلام فلم الاختلاف؟ نحن جميعا واحد، إلهنا واحد وديننا واحد وكتابنا، وقبلتنا واحدة، ونقاط الالتقاء بيننا أكثر بكثير من نقاط الخلاف والمشتركات كثيرة فلماذا نختلف أنت مسلم وإنا مسلم، أنت نبيك محمد وإنا كذلك، أنت تحب آل البيت وإنا كذلك فما المشكلة ولم الاختلاف .
اعتقد أن هذا واجب كل مسلم فان الله سبحانه وتعالى نهانا عن الفرقة حيث قال الله تعالى “واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا” وقال في آية أخرى “أن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا وقبائل لست منهم في شيء”. فإذا فرقنا فنحن لسنا بمسلمين فاعتقد أن المسلم هو من يجتمع ويوحد ، آذ أن عدم الوحدة والفرقة هو منهج خاطئ، إباحة دم المسلم كفر، حرمة دم المسلم مذكورة في القرآن والسنة، حرمة ليس فقط دم المسلم وإنما أي بشر، فالرسول (ص) يقول “من قتل ذميا لم يدخل الجنة” وذميا يقصد يهوديا أو نصرانيا، فكيف بالمسلم ، وعليه ما أحوجنا اليوم إلى مشروع للمناهج الدراسية الإسلامية تدعوا إلى الوحدة ونبذ التفرقة ، كلنا نؤمن بالله والقرآن والكعبة، فماذا أن اختلفنا في تفسير آية لا مشكلة ، فالقضايا التاريخية نطمرها ونبدأ بكتابة تاريخنا من جديد. وهذا لا يعني أن الغي التاريخ الأموي والعباسي فإذا ألغيناه فكيف أصبحنا مسلمين، فإذا كان لا يجوز لي إجبار اليهودي على إلغاء عبادته فكيف الغي قناعات السني والشيعي، فالخلاف بين السنة والشيعة أجده امراً مهما وأساسياً وليست هي نظرية خيالية يجب علي أن أتقبل الأخر الشيعي يتقبل السني والعكس.