اغتيال علماء دين او مراجع لخلط الاوراق ودفع العراق لحرب اهلية كما هو حاصل في ليبيا
يجب ان نتذكر قبل اي شئ ان مايجري في العراق من تظاهرات ومطالب هو نتاج محلي محض لانه يعبر عن تطلعات واماني وحقوق لايمكن الاختلاف عليها او التغاضي عنها وهو في نفس الوقت تاكيد على فشل الطبقة السياسية ( سنة وشيعة وكردا ) في ترجمة شعاراتها في خدمة المجتمع العراقي المسحوق تحت ضغط الواقع الماساوي , كما تحولت هذه الطبقة الى ماركات تجارية للمتاجرة بحقوق الشعب واستخدامها في التنافس الانتخابي مع الاسف وتحولت هذه الطبقة يوما بعد يوم الى طبقة تنطبق عليها مسميات الطبقة الفاسدة التي لاتالوا للواقع الحكومي اي اهتمام لان السلطة هي خدمة ومسؤولية وليست مجرد كنس الاموال وتكديس المكاسب كما ان الاعلام في العراق متورط في جريمة سحق المواطن العراقي وتجريده من ابسط حقوقه لانه تستر على تلك الجرائم بل وساهم في تغذيتها , فهذا الاعلام سكت عن السرقات الكبرى من أموال العراق كسرقات النفط العراقي والبطاقة التموينية والرواتب الوهمية والامتيازات الهائلة لبعض المسؤولين الكبار كما ان المؤسسات البرلمانية والحزبية والدينية والمدنية والعشائرية كلها ساهمت في هذا الواقع المرير حتى المواطن العراقي نفسه هو من ساهم وشارك في ترسيم هذا الواقع باذغانه وتصفيقه لمن هب ودب .
اما مايطرح من استغلال للتظاهرات او تورط اياد خارجية او تدخل مخابراتي دولي فهذه امور لايمكن الجدال حولها لانها تاتي بسبب اهمال الدوائر المعنية في العراق لقضية معالجة الوضع الميداني والارتقاء الى مستوى الامانة والمسؤولية وعدم التعاطي السليم مع ارهاصات الواقع العراقي , ولكن بالمقابل يجب ان نتسائل ماهو البديل عن هذه التظاهرات ولماذا لم تنحو منحى تظاهرات السودان او الجزائر السلمية التي استمرت لاشهر دون حصول اي عنف او دون اي اعتداء على الممتلكات الحكومية او الشخصية , كما لم يتم الاعتداء على قوات الامن او الشرطة او عناصر الجيش , كما لم يتم اقحام اي حالة سياسية خارج دائرة المطالب المحلية المطلوبة بمعنى لم يتم حرق اعلام دول اخرى او التعدي على مقدسات الشعب من قبيل رفع شعارات طرد المراجع والعلماء وازالة الاماكن المقدسة واعادتها الى السعودية باعتبار ان الائمة هم شخصيات سعودية , لقد انحصرت تلك المطالب بازالة الطبقة الحاكمة والسماح لجمهور الشعب ان يحكم نفسه بنفسه , وحتى هذه التظاهرات في تلك الدول لم تجد البديل المنتظر حيث استطاع العسكر وجماعة السفارات الاجنبية من تلقفها فيما خسرت تلك البلدان عشرات الضحايا وخسائر مادية فادحة .
ان السؤال المطروح هو توقيت هذه التظاهرات وبهذا النمط السلوكي الممجوج حيث ان هؤلاء طالبوا بمطالب تحسين المعيشة ومن يسعى لتحسين المعيشة عليه ان يعرف بان هذه الايام هي موسم زيارة الاربعين , وهو موسم لمساعدة الطبقات الفقيرة واشباعها في هذا الموسم , كما ان الزوار القادمين من الخارج يعتبرون مصدر مهم للدخل الوطني في العراق خاصة وان هذا العام كان من المفترض دخول اكثر من خمسة ملايين من الخارج وهذا رقم كبير كان يجب على الحريصين على الحالة المادية في العراق استثماره وليس تبديده واهداره بهذه الطريقة العشوائية بما يعني ان ماجرى لايختلف عن اساليب الطبقة السياسية الحاكمة وهذا يقودنا للقول ان الجميع مشاركون بنسب معينة في تدمير وتجويع العراق وجره الى متاهات لايعلم الا الله خطورتها واستحقاقاتها .
اما السؤال الاخر هل انتهت التظاهرات بعد اعلان الحكومة ان الوضع تحت السيطرة ,وتعهدها بتلبية مطالبهم لدرجة اعتبار من سقطوا خلال هذه التظاهرات شهداء,.انا اقول ان الوضع مازال محتقنا وملغوما وان هناك مخططا اخر اكبر واعظم مما حصل الان , طبعا كانت احداث البصرة في العام السابق محطة مهمة يمكن ان تستحضر من اجل قراءة الوضع العراقي ومايمكن ان ينتج عنه ,حيث كان من المفترض معالجتها منذ البداية بدقة وحكمة كي لايمكن ان تتكرر او تنتقل عدواها الى مناطق اخرى , وبالنظر لعلاقتي السابقة مع فخامة رئيس الحكومة السيد عادل عبدالمهدي فقد كنت اتابع كتاباته عن تلك الاحداث التي حصلت في العراق قبل ان يتسلم مسؤولية رئاسة الحكومة وكانت طروحاته ومعالجاته عملية وعميقة لذلك عندما استلم الحكومة كنت اول من كتب حول المستقبل الوضاء الذي يمكن ان يسود العراق لخبرته السياسية وتراكمية تجاربه الادارية الا ان ماحصل كانت صدمة لاقرب الناس منه لانه انساق او تساوق مع هلامية الوضع الاداري السائد في العراق دون ان يترك اية بصمات متميزة ومؤثرة تحول دون الانجرار الى هذا المستنقع الجديد .
في الواقع هناك مخطط مكتمل الحلقات يجري العمل عليه بعد فشل امريكا في تطويع ايران وهي تعمل الان على الخطة البديلة المسماة بالتطويق وذلك عبرمشروع مايسمى بالراية الخادعة التي هي اشبه مايكون بخطة المصاحف التي عمل بها معاوية بن ابي سفيان في حرب صفين والتي وجدنا انعكاساتها ومعطياتها في احداث ساحة التحرير ومناطق اخرى, حيث ان العراق هو مرشح امريكيا للتطويق , وهذا الامر يمكن فهمه من خلال دعم الخطاب الاعلامي الامريكي البريطاني السعودي للمتظاهرين في العراق وسكوتهم عن التظاهرات المصرية والمجازر التي ارتكبت هناك , وقد سربت بعض المصادر الدبلوماسية مشروع الراية الخادعة المتمثل باستغلال التظاهرات بشكل سياسي لمحاصرة حكومة عادل عبدالمهدي حيث يتم اختراق مزدوج للمتظاهرين وللقوات الامنية مما يؤدي الى سقوط قتلى ومصابين بين الطرفين مما يعطي المتربصين القدرة على فتح مايسمى بسجل حقوق الانسان ضد حكومة عادل عبدالمهدي انتقاما لتصريحاته ضد اسرائيل او دخول قوات أمريكية بشكل مباشر الى المدن والشوارع العراقية بحجة السيطرة على العنف وحماية المتظاهرين وهي بالحقيقة زيادة في العنف وتأجيج التظاهر الدموي وحرق المؤسسات والسيطرة من جديد على الوطن بشكل مباشر, ضخ كمية كبيرة من الأسلحة التي بحوزة الجيش والشرطة وتسليمها الى المتظاهرين باستخدام الفساد نفسه والتآمر والخيانة وهذا ماحدث فعلا في ساحة التحرير حيث ان عددا كبيرا من قوات الطوارئ سلموا أسلحتهم الى المتظاهرين وهربوا وقام المتظاهرون باستخدامها ضد القوات الامنية , وفي حال فشلت هذه التظاهرات وسيطرت الدولة عليها ، تبدا المرحلة الاخرى المعدلة من المخطط ، وهو القيام بعملية اغتيالات اما للمراجع او علماء الدين او القيادات الحشدية وبذلك يقومون بضخ وقود لإحداث العنف الحقيقي الذي قد يفوق ماحدث في عام ٢٠٠٦ من قبل نفس مخططي ومهندسي هذه التظاهرات .
وبذلك تكون الخطة قد نجحت كما خطط لها وبدأ العراق في مسار اخر من الدموية والارهاب الذي سيطال جميع الوطنيين وتتبلور ميليشيات على غرار مايجري في ليبيا حيث ان امريكا تقوم هذه الايام بانعاش واحياء ما يسمى بالصحوات في الانبار من اجل ان تكون راس الرمح القادم في العراق , ويبقى القول من يتحمل مسووليةً هذه الدماء والخراب الذي حل بالعراق والى متى سيصمت الحاكمون تجاه هذه المخططات والتدخلات الامريكية والعبث بمقدرات البلاد ؟؟؟؟؟؟؟؟