مشروع إحتلال العراق على طاولة التفاعلات الدولية منذ منتصف سبعينيات القرن العشرين , وكل ما حصل من تغيرات سياسية وتطورات وأحداث كانت في خدمة المشروع المعد بإحكام ودراسة وتقديرات شاملة لما سيحققه وما سيؤول إليه الحال , والنتائج المتمخضة عنه , والمشاريع التي سيتم الإستثمار فيها بعده.
والذي يتعجب عليه أن يعود لأدبيات تلك الفترة , ويقرأ التحليلات والتصورات والمطلوب عمله للقضاء على إتخاذ – (النفط سلاح) – فالكثير من المقالات والكتب أكدت على ضرورة إحتلاله للسيطرة على القوى الأخرى في المنطقة والعالم.
ولا توجد إمبراطورية في تأريخ البشرية إلا وفكرت بإحتلاله.
وفي عصرنا لعب النفط دورا كبيرا في القوة والإقتدار , بل أن المدنية التي نعيشها من إنتاج النفط , والقرن العشرين يسمى قرن حضارة النفط.
فإحتلال العراق مشروع طويل الأمد , ونتائجه محسوبة بدقة متناهية , والذين يتوهمون بأن الإحتلال جاء لسبب كذا وكذا قي ضلال كبير.
وما إدّعاء لجنة التحقيق البريطانية بأن ما حصل خطأ غير مبرر إنما مخادعة وتضليل , فالذي حصل مرسوم ومشروع مطلوب تنفيذه , وتوالت عليه إرادات متعددة سارت بذات الإتجاه التصعيدي.
والمشكلة التي واجهت العراق لم يهبه الله قيادة ذات خبرة ودراية وبصيرة بحجم التحديات , وإبتلي بالذين ينزلقون بسهولة في المنحدرات والمطبات والحفر المعدة لهم ضمن سياق إحتلاله.
فقياداته بعد الحكم الملكي لم يخطر على بالها سيتم إحتلاله من جديد , إذ فقد قياداته الخبيرة بعد الرابع عشر من تموز عام ألف وتسعمئة وثمان وخمسين , وتوالت عليه أنظمة حكم بلا خبرة ولا قدرة على فهم التفاعلات الإقليمية والعالمية , فتم أخذها أو تحويلها إلى أدوات لتنفيذ مشروع إحتلاله.
فالذين يحسبون الأمر خطأ وغلطة , هم من معاشر السذجة الذين يروّجون لآليات إحتلاله وتعزيز المآلات التي آل إليها.
ومن الواضح أنه لا يزال بلدا محتلا , فراية الإحتلال سُلمت لقوة أخرى مع مساندة مباشرة وغير مباشرة.
وموضوع ما بعد الإحتلال , متوقع وما يحصل مدروس ومعروف , وكتبت المقالات والدراسات حول ما سيكون عليه , وأسهبت بوصف الحال الذي يعيشه اليوم , بمحاضرات ونداءات تعالت بأنه سيؤدي لتعدد مراكز القوة والقرار , وسيكون عدة قوى ودويلات متداخلة.
كما أن القول بنقل ما سيحصل فيه إلى المنطقة بأسرها تحقق , بعد أن إرتدى وشاح الديمقراطية الكاذبة , ومن الأكيد والواضح أن كلمة ديمقراطية لم تذكر أبدا في خطابات ما قبل غزوه , لكنها برزت فجأة عندما إتضحت الأكاذيب وتعرّت الإدّعاءات , ووجد الفاعلون أنفسهم في ورطة ومأزق , فحاولوا التغطية بدعوى الديمقراطية لذر الرمال في العيون.
فإحتلاله مشروع مدروس ومعد بدقة وعلى مدى عقود ونتائجه محسوبة , وأسهمت بتنفيذه حكوماته المتعاقبة فما خطر على بالها هذا المآل , وحسبته قويا وصاحب سيادة ودولة عضوة في الأمم المتحدة , لا يمكن إحتلالها من قبل الدول العظمى , فلو كانت ترى هذا الإحتمال لما تفاعلت كما تفاعلت مع الأحداث والتطورات.
وكل كلام آخر ربما فرية وتضليل!!
د-صادق السامرائي