6 أبريل، 2024 10:31 م
Search
Close this search box.

مشروعية تقليد السيد محمد الصدر إبتداءا

Facebook
Twitter
LinkedIn

قبل الخوض في مسألة التقليد الابتدائي لا بد لنا أن نتذكر قول السيد الشهيد محمد الصدر(قدس) (لا تقولوا قولاً ولا تفعلوا فعلاً إلا بعد مراجعة الحوزة الشريفة)
ولعل السائل يسأل ما السر في الرجوع للحوزة في كل شيء وخير جواب ما ذكره السيد الشهيد محمد الصدر(قدس) في مسجد الكوفة الجمعة 44 الخطبة الثانية حيث قال ما نصه ((من حيث أن كلمة الحوزة هي الكلمة الفصل، ولا أقصد السيد محمد الصدر، وإنما قصدت وقلت أنها الحوزة في كل مكان وزمان، لأنها مهما كان حالها فأنها الأقرب والأفضل والأفهم في فهم الدين، وشريعة سيد المرسلين ، واتجاهات المعصومين عليهم السلام)) انتهى

وسوف يكون الحديث عن مشروعية التقليد الابتدائي هو من أهم مصاديق الرجوع للحوزة يعنى فتاوى العلماء الأعلام وعليه فليس من حق أي شخص أن يعترض ما دام الكلام هو كلام الحوزة الشريفة وسوف يكون البحث عن مشروعية التقليد الابتدائي على ضوء فتوى الفقهاء أولاً ثم نتحدث عن التكليف قبل التقليد ثانياً والله ولي التوفيق ..
إن التقليد الابتدائي هو تقليد المجتهد لأول مرة…..
فهل يجوز الابتداء في تقليد الميت؟
أختلف الفقهاء فمنهم من يفتي بالجواز كالشيخ الفياض(دام عزه) ومنهم من لا يفتي بالجواز يعني أنهم يشترطون الحياة في التقليد الابتدائي ..
وهي مسألة خلافية وليست إجماعية ومن هنا يمكن القول بأن من يقلد المجتهد الميت ابتداءا فقد عمل بفتوى من يرى جواز تقليد الميت ابتداءاً.
ولكن الشيء المهم هو بأي فتوى نعمل؟
وأي فتوى نرجح..؟
يعني هل نعمل بالفتوى التي تجوز التقليد الابتدائي؟
أم نعمل بالفتوى التي لا تجوز التقليد الابتدائي؟
وبعبارة أدق ما هي الفتوى التي تتصف بالحجية؟ ولماذا؟
وعلى ضوء الاحتمالات فنحن أمام أربعة احتمالات وهي:-

الاحتمال الأول:- أن لا تتصف كلا الفتويين بالحجية وهذا ليس صحيحاً وغير محتمل فقهياً لأن لازمه تعذر التقليد الابتدائي للحي وللميت على حدٍ سواء.

الاحتمال الثاني:- أن تتصف كِلا الفتويين في هذه المسألة بالحجية وهذا الاحتمال سيأتي توضيحهُ في هذا البحث وهو يعتمد على الأصل العملي وهو التخيير.

الاحتمال الثالث:- أن تتصف فتوى جواز تقليد الميت ابتداءاً بالحجية وعندها يجوز تقليد السيد محمد الصدر(قدس) ابتداءاً وسيأتي توضيح هذا الاحتمال.

الاحتمال الرابع:- أن تتصف فتوى عدم جواز تقليد الميت ابتداءاً بالحجية دون الفتوى الأخرى وهذا أيضاً ينتج منه تقليد السيد محمد الصدر(قدس) ابتداءاً وسيأتي توضيح هذا الاحتمال..
وبعد عرض هذه الاحتمالات لا بد لنا من الدخول في موضوع التكليف قبل التقليد وأقصد أن المكلف قبل أن يختار طريق التقليد ما هو تكليفه الشرعي؟
لأننا نعلم أن هناك شرائط لمرجع التقليد الذي يجب تقليده وبعض هذه الشرائط فتاوى، والفتاوى إما أن تكون خلافية أو تكون إجماعية والمشكلة لا تكمن في الشرائط الضرورية لأن الأحكام الضرورية لا يجب فيها التقليد بل هي ليست موضوعاً للاجتهاد والتقليد..
وكذلك المشكلة لا تكمن في الشرائط الإجماعية لأنها لا تحتاج إلى تشخيص الأعلم إما لكونها حجة بذاتها لأنها كاشفة عن رأي الأعلم يقيناً أو أنها ليست موضوعاً للرجوع إلى الأعلم وهي على كل حال حجة ..
ولكن المشكلة تكمن في الشرائط الخلافية كشرطي الحياة والأعلمية ..
فماذا يصنع المكلف في هذه الحال؟
وماذا يعمل بأزاء اختلاف الفقهاء في هذه المسألة أي اختلافهم في جواز وعدم جواز التقليد الابتدائي للميت؟.
وموقف المكلف العملي تجاه هذه المسألة:
إما التخيير وإما الاحتياط…
والتخيير هو أن يكون المكلف مخيراً بين الترك والفعل وبحسب ما يريد كأن يقلد الميت الأعلم ابتداءاً وهذا لوحده كافٍ إلا أنه يحتاج إلى القول بحجيته((يعني حجية التخيير وبالتالي حجية كِلا الفتويين في هذه المسألة كما فصلناه في الاحتمال الثاني)) والقول بحجيته بعيد لأن حجية التخيير موضوعاً هو عدم إمكان العمل بالاحتياط يعني في حال تعذر العمل بالاحتياط يكون التخيير حجة كما هو الحال في تردد الحكم بين الوجوب والحرمة وعندئذٍ يستحيل ويتعذر العمل بالاحتياط فيكون التكليف هو العمل بالتخيير وهذا يعني أن الاحتياط متقدم على التخيير فيكون التكليف قبل التقليد هو الاحتياط…
وحيث أن الفقهاء قد اختلفوا في هذه المسألة فالمشهور يشترط الحياة والأعلمية والبعض الآخر لا يشترط الحياة والأعلمية والاشتراط تعيين وعدم الاشتراط تخيير..
وإذا دار الأمر بين التعيين والتخيير فأن الاحتياط يقتضي التعيين يعني وجوب الرجوع إلى أعلم الأحياء في هذه المسألة فإن فتواه تتصف بالحجية سواءٌ أفتى بالجواز أم لم يفتِ بالجواز ..
فإذا كان أعلم الأحياء يفتي بالجواز ((لا يشترط الحياة)) جاز بل وجب تقليد الميت إذا كان أعلم الأحياء والأموات (الأعلم المطلق)
والخلاصة أن الفتوى بجواز تقليد الميت ابتداءاً متى ما اتصفت بالحجية أمكن العمل بها ..
وهنا لابد من تشخيص أعلم الأحياء ونحن نعتقد بأن السيد كاظم الحائري (دام عزه) هو أعلم الأحياء وهذا الاعتقاد ناشئ من شهادة السيد محمد الصدر((قدس سره)) بذلك والسيد الحائري يفتي بجواز تقليد أعلم الأحياء والأموات حتى لو كان ميتاً وحيث أن السيد الشهيد محمد الصدر((قدس)) هو أعلم الأحياء والأموات فالنتيجة هي جواز بل وجوب تقليد السيد محمد الصدر(قدس) ابتداءاً لأن الجواز هنا على نحو الوجوب فإن قلت أن السيد الحائري(دام عزه) عدل عن هذه الفتوى قلنا أنه عدل عن هذه الفتوى إلى الاحتياط الوجوبي وبالتالي فإن المكلف مخير بين الالتزام بهذا الاحتياط أو الرجوع إلى من يصرح بفتوى جواز تقليد الميت إبتداءا وبالتالي الوجوب التخييري لتقليد السيد الصدر(قدس) ابتداءا….
والنتيجة نفسها لمن يرى أن الشيخ الفياض(دام عزه) أعلم الأحياء يعني وجوب تقليد السيد محمد الصدر(قدس) إبتداءا ..
ويمكن تحصيل نفس النتيجة في حال تساوي المجتهدين الأحياء بالعلمية كأن يكون المجتهدان متساويين بالعلمية ومختلفين في هذه المسألة، ففي هذه الحال سوف تتصف كلا الفتويين بالحجية يعني الفتوى بجواز تقليد الميت ابتداءاً تكون حجة والفتوى بعدم جواز التقليد الابتدائي للميت وهي أيضاً حجة لأنهما متساويان بالعلمية ولأن الرجوع أليهما واجب في هذه المسألة لأن الاحتياط يقتضي الرجوع للحي في هذه المسألة دون الميت ..
فالمكلف الذي يعمل بفتوى من يجوز التقليد الابتدائي وجب عليه تقليد الميت الأعلم ((أعلم الأحياء الأموات)) .
وقد تسأل أن السيد محمد الصدر((قدس)) لا يجوز تقليد الميت ابتداءاً وهو بنفس الوقت أعلم الأحياء والأموات وهذا التساؤل يُجابُ عنه:-
أولاً:- أن القول في هذه المسألة قول أعلم الأحياء والسبب هو أن التكليف قبل التقليد هو العمل بالاحتياط والاحتياط يقتضي الرجوع إلى أعلم الأحياء وأعلم الأحياء يفتي بوجوب تقليد الأعلم مطلقاً حتى لو كان ميتاً .

ثانياً:- حتى مع العمل بفتوى السيد محمد الصدر((قدس سره)) في هذه المسألة فإن النتيجة هي نفسها لأن فتوى السيد محمد الصدر(قدس) في هذه المسألة يلزم منها وجوب الرجوع إلى أعلم الأحياء وحيث أن أعلم الأحياء يفتي بجواز تقليد الميت ابتداءاً إذا كان أعلم الأحياء والأموات فيرجع الأمر إلى وجوب تقليد السيد محمد الصدر((قدس سره )) ابتداءاً في غير هذه المسألة.
ثالثا:- إن مثل هذا التساؤل يمثل غفلة السائل لأن العمل بفتوى السيد الشهيد الصدر(قدس سره) بعدم جواز التقليد الابتدائي هي تمثل مصداقاً واضحاً للتقليد الابتدائي للميت وهو مما لا يريده الخصم يعني أن الخصم من حيث لا يشعر يُجوزُ التقليد الابتدائي يعني أنه يعترض على التقليد الابتدائي بالتقليد الابتدائي..فيلزم منه الدور المستحيل!!!!!
مع أن هذه المسألة لا يتم الرجوع فيها للميت لأنه مخالف للاحتياط الذي يقتضي ترجيح فتوى الحي الجامع للشرائط في هذه المسألة على فتوى الميت الأعلم..
وخلاصة هذا البحث إن تقليد السيد محمد الصدر(قدس) الابتدائي واجباً طبقاً لفتوى أعلم الأحياء …
والنصيحة الأكيدة لإخواننا جميعاً هو أن يتقوا الله فيما لا يعلمون وأن يخافوا الله فيما يجهلون وأن لا يقولوا قولاً ولا يفعلوا فعلاً إلا بعد التفقه في الدين وليس العيب أن يدرسوا ويتعلموا ويتفقهوا ونحن بخدمتهم وإذا قصرنا في ذلك فعلينا لعنة الله …
لقد تم الفراغ من كتابة هذا البحث في يوم السبت 30/6/2009 والحمد لله رب العالمين…

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب