في كتابه “على خط النار” يروي الرئيس الباكستاني السابق برويز مشرف قصة منع الطائرة التي كانت تقله من الهبوط في مطار اسلام اباد حيث كان عائدا من اجازة اعتيادية في كوريا الجنوبية. كان مشرف وقتذاك (1999) يشغل منصب رئيس اركان الجيش الباكستاني وكان خصمه نواز شريف رئيسا للوزراء. يقول مشرف انه بينما كانت الطائرة تستعد للهبوط ابلغه الطيار عن طريق مرافقه العسكري سرا ودون علم زوجته وباقي من كان على متنها من ركاب بمنعها من الهبوط بالمطار. استغرب مشرف هذا الاجراء واتصل بسلطات المطار وتحدث معهم غاضبا لكن لا احد يستمع الى الجنرال القوي. فالاوامر صدرت من “فوك”. وضع مشرف امام خيارات صعبة. الوقود لايكفي للعودة الى سيئول. ونواز شريف رفض توجه الطائرة الى دولة الامارات القريبة للهبوط على اراضيها . لم يعد امام مشرف سوى خيارين.. اما التوجه الى الهند وهو الخيار الذي رفضه بشدة حيث كانت باكستان في حالة صدام نووي مع الهند. او الهبوط في مطار صغير يقع في اقاصي باكستان وهو ما وافق عليه مرغما. في اطار تلخيصه للقصة يقول مشرف انه ولاول مرة في تاريخ الطيران بالعالم تختطف طائرة من قبل شخص في الارض وهي محلقة في اعالي السماء.
ذكرتني هذه الحادثة مع الفوارق مع ما حصل لطائرة الشرق الاوسط اللبنانية التي كان يفترض ان يكون احد ركابها نجل وزير النقل هادي العامري السيد مهدي العامري الذي تحكم هو الاخر بمصير الطائرة من الارض وهي في اعالي السماء. وبذلك يكون ثاني شخصية في العالم بعد نواز شريف يختطف طائرة في السماء وهو في الارض. عندما اجبرتها سلطات مطار بغداد بعدم الهبوط والعودة من حيث اتت. وبقطع النظر عن كل ما قيل او ما يمكن ان يقال فان ماجرى امر يحتاج التوقف طويلا عنده . فالراكب هنا مواطن عراقي غير مسؤول اللهم الا اذا كان هناك ماهو مخفي عن العراقيين وملخصه ان المناصب في الدولة العراقية تعدت حدود المحاصصة لتتحول الى اسلاب عائلية يتحكم فيها الاب والابناء والاحفاد. وبرغم الاجراءات التي اتخذها رئيس الوزراء ومنها اعتذاره شخصيا لوزير النقل اللبناني فان على دولته ان يعرف انه لايزال “الشك جبير” بينما “الرقعة زغيرة” في دولة يمكن ان يعبث ولد لمجرد انه ابن وزير بمصير علاقات بين دولتين.
اذا اردنا بناء دولة بسياقات مؤسساتية فان اول هذه السياقات يتطلب الزام ابناء المسؤولين واشقائهم وربما نساء بعضهم وصديقاتهم وماملكت ايمانهم انهم مجرد مواطنين عاديين وليس على رؤوسهم او كروشهم ريشة . واذا اردنا الذهاب بعيدا فان اقل ما يمكن قوله بشان تصرف الاستاذ الفاضل “مهدي العامري” انه لا ينسجم مع الاسس التي قامت عليها “الخدمة ألجهادية” لوالده وزعماء المعارضة وليس مفاهيم الدولة الحديثة لان الاخيرة غسلنا ايدينا منها .. بـ “سبع شطوط” .