يبدو ان المفاهيم انقلبت في العراق بعد سقوط نظام صدام وما دخل الى العراق من تطور علمي وتكنولوجي لم يُسخر لتطوير البنية البشرية نحو الكمال والارتقاء بالمستويات العلمية بل أصبح وسيلة من وسائل إشباع الرغبات وباباً للولوج الى الرذائل وممارسة كل أشكال التدني القيمي والأخلاقي. ولعل السبب الأساس في انهيار الأمم السالفة هو تفشي الظواهر المنحرفة التي لا تمت للأديان ولا للبنية القيمية والاخلاقية بصلة ومارسها المجتمع آنذاك رغم التحذير والنهي. “إنما الأمم الأخلاق ما بقيت .. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا” ، إذ لا تستطيع اي أمة أو مجتمع أن يعيش بلا أخلاق ، فهي سبب ضياع المجتمع ، وأشد خطورة من الانهيار الاقتصادي والسياسي. وهذا التدني الخلقي سيكون بأوج خطره اذا ما وصل الى متناول الاطفال ، لانهم اللبنة الاساسية لبناء الاجيال القادمة ، وهذا ما لحظته خلال تجوالي في عددا من الحدائق والمتنزهات في احد المناطق الشعبية ببغداد حيث (وجدت عددا من المقامرين واضعين آلاتهم ويحتالون على الاطفال بلعبة المقامرة) وهذا هو الخطر الذي اشرنا اليه . والظاهرة تلك بحد ذاتها خطوة اولية لممارسة ومزاولة بقية الممنوعات “كشرب الخمر وتدخين السكائر والنركيلة والمخدرات وغيرها” من الانتهاكات الصارمة تجاه بنية المجتمع وتفكيكه ليصبح بعدها مجتمع مفرغ من محتواه الاجتماعي الذي نشأ عليه ويتناسى حزمة القيم الأخلاقية التي توارثها من أسلافه. ولا اجافي الواقع اذا ما قلت ان التفكك الخلقي وراء انتشار مظاهر القتل والاغتصاب وكل عمليات الجريمة وحتى الانخراط في العصابات الاجرامية ، وهذا ما وجد في عصابات التكفير والتطرف ومنهم الدواعش. فالمجتمع العراقي من المجتمعات التي تتسم بامتلاكها لصفات حميدة ونادرة عند بعض المجتمعات والبلدان فالغيرة العراقية والشجاعة والشهامة والرجولة متأصلة في كينونة وطبيعة المواطن العراقي ، وما يسعى المجتمع الغربي اليه هو تهديم تلك القيم لنقل المجتمع العراقي من مجتمع منضبط في تصرفاته الى مجتمع منفلت كالمجتمع الذي يعيشوه من انحلال اسري واجتماعي. فدوامة الحركات والمظاهر الغريبة لم تقف عند حدٍ معين داخل مجتمعنا وهذا هو غاية وجود وغاية عمل الدول الغربية في داخل العراق. ان هذه الظواهر المنحرفة كان لها تأثير سلبي على النسيج الاجتماعي المتماسك للعائلة والمجتمع العراقي الأصيل وساهمت في تدني المؤشرات الايجابية له وسمعة المجتمع العراقي عربيا وإقليميا ودوليا ، لكن ما يلاحظ ان الشاب العراقي كان تأثير العادات السيئة علي قليلة لاسيما جيل التسعينات وماقبلهم لان طفولته لم تتلوث بل كانت ناصعة ولم تتخللها أي من الظواهر المنحرفة. فتعساً لأمة تلقفت من الثقافات كل ما هو غريب ولم تعلوا جهدا في نبذها ، واصبحت اناءاً لجمع الرذائل ، وان استمر الحال على ما هو عليه فعليكم بانتظار جيلٍ هش لا يمتلك اي من مقومات النجاح حتى ولو كان نجاحا بسيطاً ، وسيكون لدينا جيلاً لا يستطيع حتى صنع قراره بنفسه. وفي حينها ما علينا الا ان نقول “على الأمة السلام”.والسلام