حاول طواغيت العصور, التفريق بين الحسين وعشاقه, عبر وسائل متعددة, من فرض الغرامات المالية الضخمة , او الحبس طويل الأمد, وصولا لقطع الإطراف اليدين والساقين, والجريمة السير نحو الحسين في اربعينيته! وفي العقود الأخير كان الطاغية صدام بقية ذلك الخط المعادي لأهل البيت , حاول بكل الطرق أماتت ذكر الإمام الحسين, فقتل عشرات الآلاف بجريمة حب الحسين, لكن ها هي مسيرة الأربعين يحيها الملايين سنويا, لم تمت بل ولدت من جديد, أجواء من عالم أخر, لا ينتمي لمنطق حياتنا.
رؤية حسينية للكون, مازلت أتذكر ذلك الرجل الهندي وهو يقود عائلته مسرعا نحو كربلاء, التقيته على جسر المسيب, يحمل علمين احدهما لبلده والأخر اخضر اللون, فرحين مستبشرين باندماجهم برحلة العشق الحسيني, قد تحملوا تعب السفر ,فقد قطعوا رحلة طويلة إلى إن وصلوا لأرض العراق, وأبوا إلا إن يشاركوا الجموع المسيرة, إما ذلك الشيخ الأفغاني وهو يسير بصعوبة فقد اثأر كل من شاهده , وكان الشباب يسعون لمساعدته, فالكل يتشارك الهدف, أنها لوحة جديدة للإنسانية برؤية حسينية, فالعراقي والخليجي والصيني والكوري والباكستاني, كلهم في موكب عشق واحد.
الحسين ملاذ لكل من به مصيبة, لا يمكن إن انسي , ذلك الرجل المسن وهو يبكي جالسا على الأرض, في محيط مرقد الإمام الحسين, جلست لجانبه من التعب , سألته: يا عم عظم الله لك الأجر , وكان بكائه يشتد, قلت له: يا عم إلك حاجة, قال يا بني في حزيران فقدت ابني الشاب , قتله الدواعش في معسكر اسابيكر, وكنت اعتمد عليه , وهو الولد الوحيد لي, جئت للحسين أدعو له, إن ترتاح روحه, قلت له: يا عم هو مع الحسين , فالعدو واحد, فهؤلاء الفتية تم ظلمهم,والله نصير المظلومين, وافتخر به ولا تحزن, وكلنا أبنائك, بقي ينظر لقبة الحسين ودموعه تنهمر كالسيل.
الشعور الوطني والحسين, عند اقترابنا من كربلاء, خرج رجل قارب الخمسون عاما من احد المواكب, ويبدوا انه احد خادم الموكب, امسك الميكروفون , وتحدث بصوت شجي, مخاطبا جموع الزائرين , فقال: ألان في هذه اللحظة, أبنائنا من الحشد الشعبي وقوات الجيش البطلة, تحارب الدواعش على إطراف سامراء, فأدعو لأبنائنا بالثبات والصمود, فالحسين يأبى الذل وهؤلاء يردون عنا الأعداء, فصاحت الجموع اللهم أحفظ الحشد الشعبي بحق الإمام الحسين, تمازج الشعور الوطني والإحساس بالمسؤولية مع الاعتقاد الديني, حب الحسين جعل مختلف الامور في رؤية واحدة لنا.
المرأة ومسيرة الأربعين, أثبتت المرأة إن لها دور مهم في العراق, وها هي مع الرجل في مسيرة عبر المدن وشوارع الخطر, فرسالتها يجب إن توصلها , أنها على اثر العقيلة زينب تسير, وهي تشعر بالحرية عندما تكون حسينية , حرية تختلف عن تلك المصدرة بقالب غربي, مواكب نسائية, بشعارات إنسانية كبيرة, إلام وهي تحمل أطفالها إلى ارض كربلاء ترضعهم حب الحسين, وبعضهن يشاركن في مواكب الخدمة والطبابة, أنها المرأة الحسينية الحرة.
تعلمت من رحلة العشق الكثير, أنها تعطي من دون توقف, مئات السنين وشعلة النور الحسيني تنير درب السائرين, فسلام على الحسين, وعلى أولاد الحسين, وعلى أصحاب الحسين.