23 ديسمبر، 2024 2:46 م

(1)
في عام 1975 عندما كنت طالبا في الاعدادية المركزية في بغداد وكنا قد اعتدنا ان نتمشى في شارع الرشيد بعد انتهاء (دوام المدرسة) علق في ذهني وسيبقى الى ان تتمزق خلايا ذاكرتي مشهد يحتاج الى عشرات السنين ليتكرر في شوارعنا فقد كان فتى يافعا يقود عربته الخشبية ذات العجلتين والتي يجرها حمار بعمر وجمال الزهور ويبدو ان هذا الحمار تاكد من انه ليس في المكان الصحيح فلايوجد من قبيلته احد فتوقف عن المسير وربما كان قد فكر ان يعود من حيث اتى فترجل الفتى من مقعده الكارتوني على العربة وبيده صوندة واخذ يضرب الحمار بكل قوته من كل جوانب ظهره وهو يصيح عليه بلغة يفهمها الطرفان ….. وبيت القصيد ان المنظر لم يمر ضحكا ولا استهزاءا انما خرج الكثير من اصحاب المحلات وكذلك تدخل الكثير من المارة في شارع الرشيد وكلهم يصيحون على الفتى : ليش ليش مو خطية تقبل انت واحد يضربك بالصوندة مو هذا حيوان وهم عنده روح ومقدملك خدمة وانت رزقك عليه عوفه بابا لتضربه …. فانصاع الفتى لما أراده الناس وصعد على سطح عربته واكمل مسيره مع الحمار بعد ان رمى الصوندة بعيدا عنه ….

(2)
ومرت السنون تاكل من عبد الستار الكعبي ما تستطيع وتشغله كثيرا عن الادب والقراءة والـ (شخبطة بالمسودات) واخذته عن محبوبته كرة القدم وحملته المسؤولية العائلية والمجتمعية وفي ظهر احد ايام عام 2007 عندما كان الكعبي عائدا من عمله الوظيفي الحكومي بسيارة نقل الموظفين (الخط) وفي احد مناطق بغداد وفي شارع رئيسي فوجئنا بسائقنا وهو يوقف السيارة سريعا (ضرب بريك) وكاد يصعد بها على الرصيف واذا بسيارة ذات دفع رباعي تقف في وسط الشارع بشكل منحرف عن الاستقامة لتمنع سيارة اخرى امام سيارتنا بالضبط نوعها بيك اب نيسان حديثة جدا من الحركة ويترجل منها شباب من دون لثام ويحملون مسدسات صوبوها تجاه سائق البيك اب الذي انزلوه وقيدوه وركبوه عنوة في سيارتهم واستولوا على السيارة البيك وسارت السيارتان بكل راحة وهدوء واكمل باقي السواق مسيرهم في الشارع كل باتجاهه …
وتذكرت ذلك الحمار المحظوظ  !!!