27 ديسمبر، 2024 3:07 ص

مشاكل الفقر لا تحل إلا بالعدالة الاجتماعية

مشاكل الفقر لا تحل إلا بالعدالة الاجتماعية

لم تعد إجراءات وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بقادرة على ملاحقة الفقر واتساعه وذلك لكون المبالغ المصروفة غير مناسبة لما يقطعه التضخم من القيمة الحقيقية للدينار العراقي من جهة ، ولان حدود الفقر غير معروفة لدينا من جهة أخرى ، والمعلن أن نسبة الفقر تناهز ال 40 بالمئة ، وأنها نسبة هلامية في الريف لتراجع الزراعة بسبب شحة المياه ، ولان البطالة في المدن تزداد يوما بعد يوم بزيادة المواليد ، كما وان إجراءات الحكومات المتعاقبة في التعيين العشوائي أضاف عبئا على الموازنات السنوية لا يقابله انتاج يدر عائدا على تلك الموازنات ، كما وان الحملات المنظمة لالغاء دور القطاع العام أضاف عبئا أكثر وقعا على الموازنة ، لأن منتسبي الشركات اصبحوا غير منتجين ، ولم تعد رواتبهم واجورهم تتعدى اجر الكفاف ، أما الفساد فلم يجعل الطريق سالكا أمام قيام قطاع خاص منتج للضروري من الحاجات الاجتماعية ، يقابل هذا المشهد غنى فاحش لدى فئة قليلة من الناس طفت على السطح بعد الاحتلال مخلفة اختلالا واضحا في البنية الاقتصادية للبلد وممعنة في تحدي قوانين الطبيعة في عدالة توزيع الثروة من خلال سرقتها لأموال الدولة دون واعز من ضمير أو خوف من قانون ، وان عملية السرقة المستمرة هذه حجمت من دور الدولة ،، على الأقل الدور الرأسمالي ،، القائم على دعم مشاريع القطاع الخاص في الإنتاج الصناعي والزراعي ، أو قيام مشاريع سياحية تساعد في امتصاص البطالة المسببة للفقر ، واليوم تشير المعلومات أن نسبة البطالة لا تقل عن 30 بالمئة . ويمكن القول ايضا ان رواتب الرئاسات الثلاثة وحواشيها ، ورواتب الدرجات الخاصة واتساع ملاكاتها ، ورواتب من هم بدرجة مدير عام فما فوق كانت عاملا واضحا في اتساع التمييز الطبقي وانتشار ظاهرة الفقر المريب . إذ يبلغ مجموع رواتبهم السنوي 308 مليار دينار ،، حسب الاقتصاديين العراقيين ،، كما أن التمييز الطبقي يظهر باعلى صوره عند إصدار قانون رواتب رفحاء ، أو العديد من القوانين التي عملت على تمييز واضح بين مواطن واخر ، بحجة الاعتقال السياسي أو الجهاد ، أو أو .
أن التمايز الطبقي يولد صراعا اجتماعيا تارة صراعا محسوسا وتارة صراعا خفيا قد ينفجر في أية لحظة ، كما وان الأمر لم يعد صالحا لدوام السلم الاجتماعي ، وان تجاوز هذه الظواهر ومخرجاتها الفاقة والفقر المدقع بحاجة إلى إعادة توزيع الثروة ، وعلى النحو التالي .
اولا ….. القضاء على الفساد ، وهو ليس بالأمر الصعب إذا ما سلمت النوايا ، واعاد كل مسؤول عراقي النظر في سلوكه المالي وتراجع تلقائيا عن دوره للغير الصالح ، تحت لافتة لو دامت لصدام لما وصلت اليك .
ثانيا…. لا يمكن استمرار خضوع القضاء لإرادة الزعماء ، بل لا بد من انتفاضة يمسك بها القضاة بتلابيب سلطة القانون والضرب بيد من حديد على كل من يبتز المال العام والعقار العام والحق العام .
ثالثا ….لابد لسلطات التنفيذ من مساندة القضاء في عدالة تنفيذ الأحكام ، وخاصة الشرطة والمنفذ العدل ، وإدارة السجون . وهذا لا يتم إلا بأبعاد الفاسدين عن مراكز الشرطة والتنفيذ ووزارة العدل .
رابعا …إعادة النظر بقانون العقوبات وتشديد احكام المادة 340 . 341 ومن قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 وآية مادة تتعلق بمكافحة الفساد ، بدءا من عقوبات الرشوة والاختلاس والتزوير ، وغيرها من المواد الخاصة بجرائم الوظيفة العامة .
خامسا ….إعادة النظر جديا برواتب المسؤولين ومخصصاتهم وحماياتهم ومخصصات اسكانهم ومخصصات ورواتب أتباعهم البالغ عددهم 10500 موظف لهم الدور الفاضح في التماييز الطبقي .
سادسا….توحيد رواتب الموظفين . لقد ترك بريمر أثرا سييئا على ثوابت وأصول الصرف الحكومي ، وترك الباب مفتوحا لامية الإدارة لكي تعبث برواتب الموظفين خلافا لقوانين الخدمة المدنية والخدمة في المؤسسات الإنتاجية ، وهكذا صار البون شاسعا بين الموظف في وزارة المالية والموطف في وزارة الصناعة ، أو الملاحظ في وزارة النفط والملاحظ في وزارة الزراعة أو التربية، وصار لزاما تعديل الرواتب وتوحيدها بما يتناسب ونسب التضخم المتصاعدة سنويا .
سابعا …..إعادة تحديث القطاع العام وجعله مصدرا للدخل ، بما في ذلك معامل الإنتاج القائمة المعطلة لاسباب معروفة ، كذلك العودة بالتصنبع العسكري إلى سابق عهده ، لأن الإنتاج يعمل على تشغيل الأيدي العاملة من جهة ويعمل على توفير العملة الصعبة ويساهم في إعادة توزيع الثروة .
ثامنا …. الاهتمام بالقطاع الزراعي ومساعدة الفلاح ليكون الإنتاج الزراعي مصدرا لدخل الفلاح وعاملا في إعادة توزيع الثروة .
أن ما تقدمنا به يعد جزءا من مجهود لابد من بذله لإعادة الحق إلى أصحابه من ملايين العراقيين الفقراء الذين افقرهم النظام القائم جراء إهماله الإنتاج ، والاعتماد على الاستيراد ، وليعلم الجميع أن حالة السكون في العراق غير واردة وان المسكوت عنه اليوم سوف يكون سببا في ثورة زنج جديدة غدا إذا ما بقيث الثروات بيد الأقلية ،وليعلم الجميع ايضا ان مشاكل الفقر لا تعالج إلا بالعدالة الاجتماعية…..